الوقت- في ظل تعزيز دعوتها ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي في لاهاي قدمت جنوب إفريقيا، إلى محكمة العدل الدولية ، مذكرة مفصلة تتضمن حقائق وحججا إضافية لإثبات ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة وذلك بالتوازي مع جرائم الاحتلال المستمرة من تهجير قسري مستمر للشعب الفلسطيني، ومحاولة محو الوجود الفلسطيني في فلسطين، واستبدال السكان بالمستعمرين والتي ما هي إلا عمليات إجرامية ترسخت واستمرت على مدى 76 عاما من الفصل العنصري و56 عاما من الاحتلال الحربي غير القانوني، ولا شك أن المشاهد المستمرة للفلسطينيين الذين يضطرون إلى الفرار مرارا وتكرارا للنجاة بحياتهم أمام وحشية الكيان الصهيوني وهمجيته لا تذكرنا فقط بالنكبة عام 1948، بل هي استمرار لها.
من الجدير بالذكر، في مطلع عام 2024، أمرت محكمة العدل الدولية كيان الاحتلال باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، ورفضت في حكمها الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا، ويواصل الاحتلال هذه الحرب متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.
وانضمت إلى جنوب إفريقيا في شكواها ضد "إسرائيل" القوة القائمة بالاحتلال، عدة دول: تركيا ونيكاراغوا وفلسطين وإسبانيا والمكسيك وليبيا وكولومبيا.
أدلة جديدة
فيما تواصل قوات الاحتلال الصهيوني تدمير مقومات الحياة وإنهاء العمل الإنساني وتفريع محافظة شمال غزة من سكانها، وتصعد القصف عبر الجو والبر والبحر، وتستهدف المنازل ومراكز الإيواء وتجمعات النازحين وخيامهم دون إنذار مسبق، وترتكب “جرائم القتل الجماعي” وعمليات تدمير واسعة النطاق للمنازل والمباني والبنى التحتية، في باقي محافظات القطاع، “في إصرار على مواصلة جريمة الإبادة الجماعية في غزة”، جاء إعلان إفريقيا الجنوبية عن تقديم أدلة جديدة في قضية الإبادة الجماعية التي تقترفها آلة القتل الصهيوني لتكون شرارة الأمل الأخيرة لصحوة الإنسانية في العالم والانتقام لمظلومية الشعب الفلسطيني.
وحسب مصادر دبلوماسية جنوب إفريقية، فإن المذكرة الجديدة، تتضمن المزيد من الأدلة، التي تتخللها تفاصيل جنائية، لإثبات أن هذا الكيان العنصري اللقيط يرتكب إبادة جماعية بقطاع غزة بالفعل.
وجددت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا تأكيدها المضي قدماً في القضية المرفوعة على "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية، لافتة إلى أن "المجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية حقيقةٌ ماثلة أمام العالم بأسره"، على حد تعبيرها.
فشل الضغوطات على أفريقيا الجنوبية
في وقت سابق، ذكر موقع أكسيوس أن حكومة الاحتلال الصهيوني مارست ضغوطا على أعضاء في الكونغرس الأمريكي للضغط على جنوب أفريقيا لإسقاط إجراءاتها القانونية في محكمة العدل الدولية بشأن الحرب في قطاع غزة، وأكدت جنوب إفريقيا مراراً عن عزمها إكمال قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد الكيان الغاصب في محكمة العدل الدولية "على الرغم من ضغوط بعض دول نصف الكرة الشمالي" لسحب القضية.
وكان دانغور الذي يتولى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا قد أكد أنهم "سيكملون هذه القضية ويستمرون فيها حتى يصلوا إلى نتيجة نهائية".
وأردف أنهم لن يتنازلوا عن القضية رغم الضغوط السياسية التي تتعرض لها جنوب إفريقيا، قائلا: "الضغوط السياسية كانت تأتي من الإسرائيليين منذ البداية، ولكن هذا لن يردعنا، وسنكمل هذه القضية".
وأضاف: "واجهنا ضغوطا سياسية من الكونغرس الأمريكي على شكل مشروع قرار يسعى لتصوير جنوب إفريقيا على أنها تمارس أنشطة عدائية، بسبب قضيتها في محكمة العدل الدولية ووقفها بجانب فلسطين".
حقائق يجب على الغرب الاعتراف بها
يبدو أن الناس، وخاصة في مواقع السلطة الإمريكية والغربية، غير مستعدين لقبول صحة الاتهامات، ويحاولون التخفي خلف إصبعهم فالصور التي تظهر من غزة "تروي قصة متسقة من الرعب الذي لا يمكن تصوره، وهي مستمرة في كل لحظة تمر.
وأصبح من الواضح أن هدف كيان الاحتلال المعلن المتمثل في محو غزة من الخريطة على وشك أن يتحقق، وإن الكيان الصهيوني يحاول تدمير وتجريف الأدلة الإضافية على الجرائم والفظائع المروعة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني وهو ما يشكل استهزاء كاملاً بالعدالة الدولية والإنسانية على الأرض.
واقع مر
في سياق متصل شهد العالم بأجمعه تحدي كيان الاحتلال الإسرائيلي لكل التدابير المؤقتة التي أشارت إليها محكمة العدل الدولية، ووضعت مستقبل الفلسطينيين في غزة على المحك حيث إن وتيرة جريمة الإبادة الجماعية لم تهدأ يوماً إنما كانت كل يوم أشد من اليوم السابق أمام مرأى ومسمع الإدارة الأمريكية والغرب.
فالكيان الغاصب استخدم سلطة القتل والموت على كل رجل وامرأة وطفل فلسطيني في غزة لتحديد ما إذا كانوا يعيشون أو كيف يموتون وفي ضوء الحقائق الجديدة على الأرض، تسعى جنوب أفريقيا إلى الحصول على أمر من المحكمة – "الأمر الوحيد الذي سيحمي بوضوح ما تبقى من الحياة الفلسطينية في غزة، فهي تسعى إلى إصدار أمر صريح لجيش الاحتلال الصهيوني بإيقاف أنشطته العسكرية".
لم يعد هناك تردد
وبدوره، قال آدم جونز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا البريطانية: إن "أي تردد مبكر كان لديّ حول سريان وصف الإبادة الجماعية على الهجوم الإسرائيلي على غزة قد تبدد على مدار العام الماضي من المذابح البشرية وطمس المنازل والبنية التحتية والمجتمعات".
وسار إرنستو فيرديجا، أستاذ العلوم السياسية ودراسات السلام في جامعة نوتردام، على المنوال نفسه واصفا عمليات الجيش الإسرائيلي بأنها إبادة جماعية.
من جانبه قال سيغال الأستاذ في جامعة ستوكتون: "لا أظن أن علينا أن نجلس مكتوفي الأيدي وننتظر هذه المؤسسات لتقول لنا نعم أو لا للإبادة الجماعية عندما نرى جميعا الإبادة الجماعية أمام أعيننا".
وشدد على أن "عملية التغيير الجذري في النظام قد بدأت بالفعل، وأن "إسرائيل" أصبحت معزولة جدا اليوم في العالم، وكذلك الولايات المتحدة أيضا".
في سياق متصل، قال راز سيغال، أستاذ دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة ستوكتون بولاية نيو جيرسي الأمريكية: "إنني أؤيد تماما وصف الهجوم الإسرائيلي على غزة بأنه مثال نموذجي على الإبادة الجماعية".