الوقت- منذ احتلال "إسرائيل" للضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1967، تم استخدام السجون كأداة رئيسية للسيطرة على الفلسطينيين وكسر إرادتهم، فقد امتلأت هذه السجون ومراكز الاعتقال بعشرات الآلاف من الفلسطينيين دون تمييز بين العمر أو الجنس، إذ إن الإحصائيات تشير إلى أن حوالي 750 ألف فلسطيني قد مروا بتجربة الاعتقال، وهو رقم يمثل نحو ربع السكان الفلسطينيين، ما يجعل هذه الأعداد الأعلى في العالم من حيث نسبة الاعتقال مقارنة بعدد السكان.
الأسرى الفلسطينيون يواجهون في هذه السجون سياسات تهدف إلى القضاء عليهم معنويًا وجسديًا، حيث تمارس "إسرائيل" سياسات ممنهجة لإهانة الأسرى واحتقار إنسانيتهم، وقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه دايان بشكل صريح أن الهدف هو تحويل الأسرى الفلسطينيين إلى "حطام كائنات" لا تمت للإنسانية بصلة.
تسريبات مقاطع فيديو لتعذيب الأسرى
أحد أبرز النقاط التي تكشف عن عمق المعاناة التي يواجهها الأسرى الفلسطينيون هي تسريبات مقاطع فيديو لتعذيبهم داخل السجون، وخاصة أثناء حرب غزة، هذه المقاطع تظهر مستوى القمع والانتهاكات الذي يمارس بحق الأسرى، سواء من خلال التعذيب الجسدي أو النفسي، وتسرّبت تلك الفيديوهات خلال فترة التصعيد بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية في غزة، ما أثار استياءً واسعًا على المستويين المحلي والدولي.
طرق التعذيب:
- التعذيب الجسدي: يشمل الضرب المبرح، تقييد الأسرى لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة، الصعق بالكهرباء، والحرمان من النوم.
- التعذيب النفسي: مثل التهديد بالاعتداء الجنسي، العزل الانفرادي لفترات طويلة، والتحرش المستمر بالأسرى بأساليب متنوعة لكسر نفسيتهم.
- التسريب المتعمد: تسريبات مقاطع الفيديو تأتي أحيانًا بشكل متعمد من أجل ترهيب الفلسطينيين وإظهار هيمنة الاحتلال، حيث إن نشر مثل هذه المقاطع يعزز رسالة الاحتلال بالقوة المطلقة والتسلط.
تداعيات هذه التسريبات:
تسريبات فيديوهات التعذيب لا تهدف فقط إلى إظهار الوحشية التي يتعرض لها الأسرى، بل تأتي كجزء من حرب نفسية ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة، هذه المقاطع تولد غضبًا شعبيًا، لكنها تساهم أيضًا في كشف الممارسات اللاإنسانية التي تنتهك كل القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة الأسرى.
الأوضاع الإنسانية داخل السجون:
عاش الأسرى الفلسطينيون، ولا يزالون، ظروفًا لا ترقى إلى أدنى معايير حقوق الإنسان، فالزنازين ضيقة، والهواء قليل، والحرمان من الطعام الجيد أو الزيارات العائلية جزء من العقاب اليومي، فضلاً عن ذلك، تعمد السلطات الإسرائيلية إلى سياسة العزل الانفرادي التي تهدف إلى قطع أي نوع من التواصل بين الأسير وعالمه الخارجي، ويعاني الأسرى من انعدام الرعاية الطبية، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى وفاة العديد منهم نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
ما الذي يحدث داخل السجون الإسرائيلية المظلمة؟
تتعرض "إسرائيل" لانتقادات واسعة حتى من داخل مجتمعها بشأن الانتهاكات التي تحدث داخل السجون، حيث نقلت صحيفة "هاآرتص" أن القوات الإسرائيلية تتعامل بوحشية مع السجناء الفلسطينيين، وخاصةً خلال فترات الحرب، وذكرت الصحيفة أن 27 معتقلاً من غزة فقدوا حياتهم بينما كانوا محتجزين في مراكز عسكرية إسرائيلية، دون أن تقدم السلطات الإسرائيلية أي تفاصيل دقيقة حول ظروف وفاتهم، مكتفية بالقول إن بعضهم كانوا يعانون من إصابات أو حالات صحية معقدة قبل احتجازهم.
تقرير وكالة الأونروا:
في تقرير صادر عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تمت الإشارة إلى تعرض هؤلاء السجناء للعنف الجسدي ومنعهم من الوصول إلى الرعاية الطبية والمحامين، وتضمن التقرير شهادات لمعتقلين سابقين كشفوا أنهم احتجزوا في ظروف مروعة، حيث تم تقييدهم بالأصفاد وعصب أعينهم طوال اليوم في قاعدة "سد تمان" العسكرية، وأظهرت الصور التي تم تسريبها أن البقاء في وضع ثابت لفترات طويلة تسبب لهم بأضرار جسدية ونفسية بالغة.
الظروف الإنسانية القاسية داخل السجون:
تشير التقارير إلى وفاة اثنين من العمال الغزاويين في السجون الإسرائيلية بعد وقت قصير من بدء الحرب، حيث تبين فيما بعد أنهم أبرياء، أحدهم كان مريضاً بداء السكري ولم يحصل على الرعاية الطبية اللازمة.
السلطات الإسرائيلية لا تعتبر سكان غزة أسرى حرب، حيث تُصنفهم كـ"مقاتلين غير شرعيين"، ما يحرمهم من الوصول إلى الحماية الدولية بموجب القانون الدولي، ويتيح ل"إسرائيل" احتجازهم لمدة تصل إلى 75 عاماً دون محاكمة عادلة.
ممارسات التعذيب المروعة:
يعاني الأسرى الفلسطينيون من أوضاع غير إنسانية داخل السجون الإسرائيلية، حيث يتعرضون لأنواع مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي، وفقًا لـ"شهادة فلسطين"، تتضمن أبرز أساليب التعذيب المستخدمة ما يلي:
- إجبار السجناء على لعق دمائهم الناتجة عن الضرب.
- حرق أجزاء من الجسد بالسجائر.
- اقتلاع الأظافر باستخدام أدوات معدنية.
- حقن مواد كيميائية مثيرة للأعصاب في أجساد المعتقلين.
- جلد السجناء، وخاصةً على المناطق الحساسة مثل الوجه والأعضاء التناسلية.
- إجبارهم على البقاء في مياه الصرف الصحي لفترات طويلة.
- استخدام الصدمات الكهربائية.
- التعذيب بالنار والكهرباء.
- خلع أسنان السجناء دون تخدير.
- تعليقهم من أرجلهم لفترات طويلة.
- الهجوم عليهم باستخدام كلاب مدربة.
سجون سرية:
أشارت تقارير صحفية إلى وجود سجون سرية في "إسرائيل" لا يُسمح للصحفيين أو حتى مفتشي الأمم المتحدة بالوصول إليها، وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن وجود سجين سري في أحد هذه السجون، حيث يتم عزله تمامًا، ولا يعرف أحد اسمه، بما في ذلك حراس السجن ورئيسه.
السجون الإسرائيلية أصبحت مكانًا لممارسة أبشع أنواع التعذيب والانتهاكات بحق الفلسطينيين، سواء كانوا أسرى حرب أم محتجزين بذرائع غير شرعية، وتعكس هذه الظروف اللاإنسانية حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى، في حين تستمر الأصوات المنتقدة من داخل وخارج "إسرائيل" للمطالبة بوقف هذه الممارسات الوحشية ولكن لا حياة لمن تنادي!.