الوقت-" تل الهوى" ليست الحلقة الأولى ولا الأخيرة من مسلسل التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تتكشف في كل منطقة تنسحب منها قوات الاحتلال الصهيوني من خلال مشاهد صادمة لإعدامات ميدانية بدم بارد ودون تفريق بين طفل ومسن ولا خطوط إنسانية أو أخلاقية ما يستوجب محاسبة دولية فورية لكيان الاحتلال وكل من يتواطأ معه.
فبعد انسحاب "إسرائيل" من مناطق غرب مدينة غزة لا يزال حجم المأساة يتكشف في أحياء الشجاعية وتل الهوا والصبرة والرمال، فيما تمكنت طواقم الإسعاف والإنقاذ من انتشال 60 شهيدا من حي تل الهوا ومنطقتي الرمال الجنوبي والصناعة في مدينة غزة، بعد الانسحاب وحسب روايات شهود عيان، فإن العديد من الجثث التي جرى انتشالها من تلك الأحياء كان الكثير منها ممزقا وأشلاء، بسبب تعرضها لقصف عنيف، فيما بدا التحلل عليها، كما عثرت طواقم الإنقاذ على جثامين شهداء متفحمة، داخل بيوت حرقها الاحتلال في منطقة تل الهوا.
شهادات مروعة وإعدام ميداني
وثقت وسائل إعلامية شهادات ووقائع لتعمّد جنود الاحتلال الإسرائيلي إعدام مدنيين عزل بشكل مباشر داخل منازلهم في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، ووفق هذه الشهادات، فقد أعدمت قوات الاحتلال مسنات من عائلة الغلاييني بدم بارد، وقتلت رجلا مسنا بعد إطلاق النار عليه بشكل مباشر.
كما أحرقت قوات الاحتلال عددا من المباني السكنية في المنطقة، ومقار تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث لا تزال النيران مشتعلة في بعضها.
وكانت القوات والآليات الإسرائيلية قد انسحبت من منطقة الصناعة في تل الهوى، بعد أسبوع من التوغل الذي خلف دماراً واسعا.
ومع ذلك، يواصل قناصة من جيش الاحتلال اعتلاء منازل ومبان مرتفعة في بعض المناطق، في وقت يجازف فيه كثير من النازحين بالعودة لتفقد منازلهم وممتلكاتهم، في السياق نفسه، قال الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل إن نحو 60 شخصا استشهدوا في قصف إسرائيلي على حي تل الهوى بمدينة غزة، وفق الإحصائيات الأولية، وقد تم انتشال جثث لعائلات بأكملها إثر القصف الإسرائيلي على المنطقة ولاتزال عشرات الجثث متناثرة في شوارع و أزقة الحي.
انتهاك متعمد للقانون الدولي
في انتهاك لجميع القوانين الدولية والإنسانية كانت وسائل إعلام صهيونية نشرت تقريرًا استعرضت فيه شهادات جنود صهاينة تحدّثوا عن الغياب شبه الكامل لقوانين إطلاق النار والاشتباك في حرب غزة، حيث تطلق قوات الاحتلال النار متى شاءت وتضرم النار في المنازل التي تمر بها، وتترك جثثًا من الشهداء في الشوارع، وكل ذلك يحدث بموافقة قادة جيش الاحتلال.
وتحدّث 6 جنود صهاينة مع مجلة 972 الصهيونية بعد تسريحهم من الخدمة الفعلية في غزة في الأشهر الأخيرة، وقد وصفوا كيف تمّ السماح لهم بإطلاق النار على الفلسطينيين دون قيود، وأن قيادتهم سمحت لهم بـ”إطلاق النار على الجميع، سواء كان الهدف فتاة صغيرة أو حتى امرأة مسنة".
ورووا كيف أعدموا بشكل روتيني المدنيين الفلسطينيين، وأطلقوا النار بدافع الملل، وصوروا منطقة تنتشر فيها جثث الفلسطينيين التي كانت تُترك لتتعفن أو تأكلها الحيوانات ولا يقوم الجيش بإخفائها عن الأنظار إلا قبل وصول قوافل المساعدات الدولية.
رد فعل حركة حماس
وصفت حركة حماس، الفظائع التي كشف عنها تراجُع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، بعد أيام من التوغّل فيه وسط قصف عنيف واستهداف لكل مناحي الحياة، بأنها "جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي".
وأضافت "حماس"، خلال بيان اليوم الجمعة: إن إضرام جيش الاحتلال النار في مبانٍ سكنية قبل خروجه من تل الهوى، ومنع الدفاع المدني من الوصول إليها، يؤكد أنه ارتكب مجازر وحشية وفظائع يندى لها جبين الإنسانية، وأوضحت، أن جرائم الاحتلال الفاشي في تل الهوى، وإعدام المُسنّين والأطفال في بيوتهم، هي انتهاكات فظيعة وسلوك خسيس، يستوجب محاسبة دولية عاجلة.
فيما أكدت حركة حماس على أن هذه الجرائم البشعة بمثابة رسالة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومؤسساته، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، للتحرك واتخاذ إجراءات فورية لوقف حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، والتي يمارس فيها فصولًا لا تنتهي من الانتهاكات لكل القيم والأعراف، ولكل القوانين والمعاهدات الدولية، دون أن تجد حكومة الإرهابيين الصهاينة خطوةً رادعةً حقيقيةً لإنهائها.
لا مكان آمناً في غزة
في ظل الأعمال الإجرامية التي تقترفها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، إن “المدنيين في غزة يتم دفعهم إلى دوائر أعمق من الجحيم، لقد جلبت الأيام الأخيرة المزيد من أوامر الإخلاء التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية، والمزيد من معاناة المدنيين، والمزيد من إراقة الدماء.
و أضاف: لا يزال الفلسطينيون في غزة مجبرين على التحرك مثل الكرات البشرية عبر مشهد من الدمار والموت.
وبين أن :لا مكان آمناً في، في كل مكان منطقة قتل محتمل، لقد حان الوقت لكي تظهر الأطراف الشجاعة السياسية والإرادة السياسية، للتوصل في النهاية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
أوضاع كارثية
إلى جانب التصعيد العسكري والضربات المدفعية لقوات الاحتلال الصهيوني تكاد تكون أوضاع النازحين في كل مناطق القطاع أشبه بالموت البطيء، في ظل افتقارهم لكل مقومات الحياة، ونقص الطعام والدواء، بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه سلطات الاحتلال على وقع اشتداد الحرب، وكان برنامج الأغذية العالمي، قال إن نصف مليون شخص بقطاع غزة “يواجهون مستويات كارثية من الجوع”، مؤكدا أن العائلات الفلسطينية في غزة لا تحصل بأغلب الأحيان على الحصص الغذائية الكاملة وبشكل مستمر.