الوقت - ليس هناك أدنى شك أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتتالية حول إعادة العلاقات مع سوريا انعطافة مهمة ولافتة في الموقف التركي فيما يتعلق بالحرب على سورية وهي ليست عن عبث، إلا أنه بالنسبة للدولة السورية تستجيت لتلك التصريحات وتنفتح على تلك المبادرات مع الإبقاء على حفظ وصون واحترام سيادة الدولة السورية على كل أراضيها ومكافحة الإرهاب.
حيث كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن احتمال عقد قمة ثلاثية تجمعه مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد في أنقرة دون تحديد موعد لها.
وقال الرئيس التركي، في تصريحات لصحفيين أتراك رافقوه، في رحلة عودته من آستانة، حيث شارك في قمة مجموعة «منظمة شنغهاي للتنمية»: «من الممكن أن نقوم بتقديم دعوة لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس السوري بشار الأسد لعقد لقاء مشترك»، وأضاف إردوغان: «إذا زار الرئيس بوتين تركيا من الممكن أن تبدأ مرحلة جديدة مختلفة».
والتقى بوتين وأردوغان على هامش أعمال قمة شنغهاي، وجرى بحث الملف السوري في ظل التحركات الروسية الأخيرة لاستئناف محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، والتي جاءت وسط سعي أنقرة لمنع إجراء انتخابات محلية في 7 مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشمال شرق سوريا.
وتطرق أردوغان إلى أعمال العنف التي استهدفت اللاجئين السوريين في تركيا، بعد حادث تحرش شاب سوري بطفلة من أقاربه في ولاية قيصري في وسط تركيا، وما تزامن معها من احتجاجات ضد تركيا في شمال سوريا، ورداً على سؤال عما إذا كان التطبيع بين تركيا وسوريا يزعج بعض الدول، قال: «الأمر لا يتعلق بانزعاج الدول، بل بمنظمات مثل (حزب العمال الكردستاني) و(حزب الاتحاد الديمقراطي) و(وحدات حماية الشعب الكردية) و(داعش)، اتضح أنهم لا يريدون مثل هذا الاجتماع (اللقاء مع الأسد)، ولا يريدون أن تنهض سوريا أو تقف على قدميها مرة أخرى».
وتبدو تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن إمكانية التطبيع مع الحكومة السورية، متواترة خلال الفترة الماضية، إذ قال الجمعة 5 تموز/يوليو: "سنعمل معا على تطوير العلاقات مع سوريا، بنفس الطريقة التي عملنا بها في الماضي"، وأضاف: "لا يمكن أن يكون لدينا أبدا اهتمام أو هدف للتدخل في شؤون سوريا الداخلية، لأن الشعب السوري مجتمع نعيش معه كشعوب شقيقة".
كما أكد أردوغان، في تصريحات له أن بلاده ستوجه دعوة إلى الرئيس الأسد لزيارة تركيا، لافتاً إلى أنها قد تكون في أي لحظة، آملاً أن تعود العلاقات التركية – السورية إلى ما كانت عليه في الماضي.
ولفت أردوغان، إلى أن بوتين لديه مقاربة بشأن اللقاء مع الرئيس الأسد في تركيا ورئيس الوزراء العراقي لديه مقاربة، مضيفاً “نتحدث هنا عن الوساطة فما المانع منها مع جارتنا”، لافتاً إلى أنه بمجرد اتخاذ الأسد خطوة لتحسين العلاقات مع تركيا سوف نبادر بالاستجابة بشكل مناسب.
وتابع: أردوغان في تصريحات له خلال عودته من كازاخستان إلى تركيا: “إذا زار الرئيس بوتين تركيا من الممكن أن تبدأ مرحلة جديدة مختلفة”، وأضاف: “دائما مددنا يد الصداقة إلى جارتنا سوريا، وسنواصل ذلك.. ونقف إلى جانب سوريا التي تتعاضد على أساس عقد اجتماعي جديد عادل وشامل”، مؤكدا على أنه “لم ولن نسمح أبدا بإنشاء كيان إرهابي بسوريا في منطقتنا”.
وتحدثت سابقًا مواقع إعلام رسمية تابعة للدولة السورية، عما أسمته “خطوات مرتقبة وجدية” لعودة جلوس الطرفين حكومة الرئيس الأسد والحكومة التركية على طاولة الحوار، كاشفة عن اجتماع سوري تركي مرتقب ستشهده العاصمة العراقية بغداد، وقالت: إن هذه الخطوة ستكون بداية عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية.
وذكرت مصادر مقربة من الدولة السورية، أن الجانب التركي طلب من موسكو وبغداد الجلوس على طاولة حوار ثنائية مع الجانب السوري ومن دون حضور أي طرف ثالث وبعيداً عن الإعلام للبحث في كل التفاصيل التي من المفترض أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها.
ولقد اعتبرت أن خطوة إعادة التفاوض والحوار للتقريب بين أنقرة ودمشق، تلقى دعماً عربياً واسعاً وخصوصاً من قبل (المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما تلقى دعماً روسيا وصينياً وإيرانياً).
وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قد صرح بأن أنقرة، تريد من الحكومة السورية، استغلال حالة الهدوء ووقف إطلاق النار الحاصل "لحل المشكلات الدستورية" و"تحقيق السلام مع معارضيها".
ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن أردوغان الأحد، تصريحاته الصحفية خلال رحلته من برلين، التي شهد فيها مباراة بين منتخب بلاده ونظيره الهولندي، في إطار كأس أمم أوروبا لكرة القدم يورو 2024.
وقال أردوغان للصحفيين وهو على متن الطائرة: "سنوجه دعوتنا للأسد، وبهذه الدعوة، نريد استعادة العلاقات التركية السورية إلى نفس المستوى الذي كانت عليه في الماضي".
وأضاف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ورئيس الوزراء العراقي يمكن أن يسهما في تسهيل الاتصال بين البلدين.
وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، أوزغور أوزال، قد قال مؤخراً إنه يقوم بمحاولات لترتيب لقاء مع الرئيس السوري.
فيما لاحت في الأفق أنباء عن وجود إملاءات غربية جديدة لاردوغان تأمره بوقف تلك المساعي التي تقود لحل الأمور مع الدولة السورية .
ويبقى الجميع يرتقب بحذر تطورات ما يسمونه ملف عودة العلاقات بين سوريا وتركيا والأمر بحاجة إلى جدية وتنازل أحد الطرفين عن بعض الشروط.