الوقت- للمرة الأولى في تاريخها تتخذ محكمة العدل الدولية قراراً يستجيب لخطورة الوضع في الأراضي الفلسطينية وقد تجاوزت المحكمة الحدود التي وضعتها لها أمريكا وحلفاؤها عندما أمرت الكيان الإسرائيلي الغاصب بوقف الهجوم على رفح وفتح المعابر وخصوصا معبر رفح والسماح بوصول بعثات تقصي الحقائق الدولية إلى غزة.
جاء في أمر محكمة العدل الدولية للكيان الإسرائيلي الوقف الفوري للعمليات العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وانسحاب قواتها استجابة للقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا وقدمت أدلة واضحة لارتكاب الدولة العبرية إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وسنناقش هنا أهم ردود الأفعال حول العالم إزاء هذا القرار التاريخي؟
ردود أفعال فلسطينية
جاءت ردود الأفعال حول العالم بالأغلبية مرحبة ومستبشرة بهذا القرار إلا الداعم منها للاحتلال الإسرائيلي الذي وضع بين خيارين إما احترام المؤسسات الدولية أو مواصلة دعمه للكيان الإسرائيلي الغاصب.
بداية ننطلق من رد فعل مسؤولي حركات المقاومة الإسلامية انطلاقاً من رد قاسم نعيم المسؤول في حركة حماس، والذي رحب بقرار المحكمة الدولية بوقف العدوان على رفح إلا أنه اعتبر القرار غير كاف، وذلك باعتبار أن العدوان الذي تقوم به قوات الاحتلال في مناطق قطاع غزة الأخرى، وخاصة شمال غزة هي بالقدر نفسه من الوحشية والخطورة، هذا، ورحب بطلب المحكمة السماح للجان التحقيق بالوصول إلى قطاع غزة للتحقيق في ما قال إنها "حرب إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني.
من جهة أخرى طالب مجلس الأمن في الأمم المتحدة بسرعة تنفيذ ما طالبت به المحكمة الدولية وتحويله إلى إجراءات عملية لإلزام الاحتلال الصهيوني على تطبيق القرار.
من جانبه رحب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بالقرار، وقال إن " الرئاسة ترحب بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية وهو يمثل إجماعا دولياً على المطلب بوقف الحرب الشاملة على قطاع غزة".
إجماع دولي حول العالم
نظريّة “الدومينو” التي تتساقط حجارتها الواحدة تِلو الأُخرى، بدأت ولن تتوقّف حتّى الحجر الأخير منها، أي زوال كيان الاحتلال العُنصريّ، وردود الفعل حول العالم تجاه قرار محكمة العدل الدولية أكبر دليل على نجاح هذه النظرية في قضية مصارعة الكيان الغاصب.
في هذا السياق، قالت جنوب أفريقيا على لسان رئيسها سيريل رامابوسا: إنها "ترحب بالأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية اليوم"، وأضاف "نشعر بقلق بالغ إزاء تقييد إسرائيل دخول مستويات ضرورية من المساعدات إلى غزة واستهداف المساعدات والبنية التحتية للمساعدات بشكل منهجي داخل غزة".
وأردف "بالتالي فإن هذه القضية تركز على الفلسطينيين العاديين في غزة الذين يواجهون الآن شهرهم السابع من المعاناة من خلال العقاب الجماعي على شيء ليس عليهم أي مسؤولية فردية عنه"، مؤكدة بأنها "لا تزال قلقة لأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم ينجح حتى الآن في وقف المعاناة الإنسانية".
أما وزارة الخارجية السعودية فأعربت عن "ترحيب المملكة العربية السعودية، بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي يأمر إسرائيل فورا بوقف الهجوم العسكري أو أي أعمال أخرى في محافظة رفح، وذلك استنادا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
فيما دعت وزيرة خارجية بلجيكا لإجراء حل الدولتين، وقالت في هذا الخصوص بأن "محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح"، ومطالبة بالتنفيذ الفوري للقرار، ووقف العنف والمعاناة الإنسانية في غزة، حيث دعت إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، وإجراء مفاوضات من أجل (تطبيق حل) الدولتين.
أما ريد برودي المدعي العام لجرائم الحرب فصرح قائلا "صعدت محكمة العدل الدولية إلى الساحة بقرار تاريخي يستجيب لخطورة الوضع في غزة، لقد تجاوزت المحكمة الحد، للمرة الأولى، عندما أمرت إسرائيل بوقف عمليات عسكرية محددة وكذلك فتح معبر رفح والمعابر الأخرى والسماح بوصول بعثات تقصي الحقائق الدولية."
وأضاف "هذا الحكم الملزم قانونا والمحدد للغاية لا يترك لإسرائيل مجالا كبيرا للمناورة، فإلى جانب طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهامات إلى رئيس الوزراء نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولي حماس، فإن هذه الإجراءات تمثل ضربة قانونية مزدوجة لسلوك إسرائيل خلال الحرب في غزة."
أما الاتحاد الأوروبي فأوضح على لسان مسؤول سياسته الخارجية جوزيب بوريل بأنه سيتعين على الكتلة الأوروبية الاختيار بين احترام دعم المؤسسات الدولية المعنية بسيادة القانون ودعم "إسرائيل"، فيما توقعت كندا على لسان نائبة رئيس وزرائها في ردها على الحكم أن تلتزم الأطراف جميعا بالقانون الدولي.
ختام القول
الصحوات الاستثنائيّة في بقاعٍ كثيرةٍ من العالم أضحت اليوم تقف بشجاعة أكبر في وجه الإجرام الصّهيوني، أبرزها قطع دُوَلٍ أجنبية عديدة علاقاتها مع كيان الاحتِلال، ومُطاردتها قضائيًّا أمام المحاكم الدوليّة، لفضحِ حُروب إبادتها، وجرائم الحرب، وضدّ الإنسانيّة التي ترتكبها، وعلى رأسِها حُكومة جنوب إفريقيا، ولكن نَجِدُ لزامًا علينا التوقّف والتّنويه بالعديد من الشخصيّات العالميّة الشّجاعة التي عبّرت عن الألمِ الفِلسطينيّ بدقّة، وعلى رأس هؤلاء السيّدة يولاندا دياز نائبة رئيس الوزراء الإسباني التي قالت ما لم يقله أي زعيم عربي أو مُسلم، أو حتّى سُلطة العار في رام الله، بأنّ فِلسطين ستُحرّر من النّهر إلى البحر، ونُشير أيضًا في هذه العُجالة إلى السيّدة فرانشيسكا البانيز المُقرّرة الخاصّة للأُمم المتحدة التي طالبت المُجتمع الدولي بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال فورًا، وفرض عُقوبات عليها حتى تنصاع لقرارات المحاكم الدوليّة وتوقّف حرب الإبادة والتّجويع، والأمثلة كثيرة وتطول قائمتها يومًا بعد يوم.