الوقت- كتبت صحيفة بوليتيكو الأمريكية: إن الحكام الأفارقة الجدد لم يعودوا يريدون أن يشهدوا فرض ما تسمى القيم الديموقراطية للدول الغربية، وقد أدركت واشنطن فشل سياساتها في أفريقيا، وأعلنت وكالة فرانس برس أن نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل، وافق خلال لقاء مع رئيس وزراء النيجر علي الأمين زين، الذي تولى السلطة بعد الانقلاب في تموز/يوليو الماضي، على طلب سلطات نيامي بسحب القوات الأمريكية، وينص الاتفاق على إرسال وفد أمريكي إلى النيجر خلال الأيام المقبلة للاتفاق على تفاصيل الانسحاب.
واعتباراً من العام الماضي، كان للولايات المتحدة ما يزيد قليلاً عن ألف جندي أمريكي في النيجر، حيث يعمل الجيش الأمريكي من قاعدتين، إحداهما قاعدة للطائرات دون طيار تُعرف باسم القاعدة الجوية 201، والتي تم بناؤها بالقرب من أغاديز في وسط النيجر بتكلفة تزيد على 100 مليون دولار، وقد تم استخدام القاعدة منذ عام 2018 لاستهداف أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية وجماعة دعم الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل.
وعلقت الولايات المتحدة معظم تعاونها، بما في ذلك التعاون العسكري، مع النيجر بعد انقلاب الـ26 من يوليو/تموز 2023 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وفي مارس/آذار، انسحبت النيجر من اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع الولايات المتحدة عام 2012، قائلة إن واشنطن "فرضتها من جانب واحد"، وتظاهر آلاف الأشخاص في نيامي في وقت سابق من هذا الأسبوع للمطالبة بانسحاب القوات الأمريكية بعد أن ألغى النظام العسكري اتفاقية تعاون مع واشنطن الشهر الماضي، كما أوقفت أمريكا المساعدات المالية لها، داعية إلى العودة إلى الحكم المدني..
وفي منتصف مارس الماضي، ألغى المجلس العسكري الحاكم في النيجر الاتفاقية العسكرية مع الولايات المتحدة التي سمحت بوجود قوات عسكرية وموظفين من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في البلاد، وترى نيامي أن الاتفاق الموقع مع واشنطن "غير عادل" وفرضته الولايات المتحدة "من جانب واحد" على النيجر من خلال "مذكرة شفهية بسيطة" في الـ6 من يوليو 2012، ويوجد أكثر من ألف جندي أمريكي في النيجر، حيث يعمل الجيش الأمريكي من قاعدتين عسكريتين، إحداهما قاعدة للطائرات دون طيار تعرف باسم القاعدة الجوية 201، تم بناؤها بالقرب من أغاديز في وسط النيجر بتكلفة تزيد على 100 مليون دولار، وتزعم الولايات المتحدة أنها تستخدم هذه القواعد لاستهداف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في أفريقيا.
حسابات أمريكا الخاطئة في مسألة المساعدات العسكرية لأفريقيا
إن مجلس شيكاغو للشؤون العالمية في تقرير بعنوان "الأقل هو الأكثر؛ بعد نشر إستراتيجية جديدة للمساعدة الأمنية الأمريكية لأفريقيا، توصل إلى نتيجة غير سارة لواشنطن مفادها بأن المساعدات العسكرية الأمريكية لأفريقيا غير مجدية، ومنذ عام 2016، تلقت النيجر حوالي 500 مليون دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية، ووفقا لهذا التقرير، فإن سياسة الولايات المتحدة في أفريقيا أعطت الأولوية للأمن على المدى القصير على حساب الاستقرار على المدى الطويل، مع إعطاء الأولوية لتقديم المساعدة العسكرية والأمنية، ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجية لم تخلق الأمن في أفريقيا ولم تقلل من الأمن التهديدات ضد أمريكا ومصالحها.
ووفقاً لمؤلفي التقرير، فإن تزايد المنافسة بين القوى العظمى يؤدي إلى تفاقم خطر مضاعفة مؤسسة الأمن القومي الأمريكية إستراتيجية التعاون الأمني في المنطقة، لأن هناك مخاوف من أنه بخلاف ذلك، سيتم خلق فراغ يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل فيه، قد يملأها المنافسون، ويؤكد التقرير أن ما هو على المحك هو القيم والسمعة الأمريكية، وأن أمريكا لا تستطيع أن تكسب ما تسمى حرب العشرين عاما على الإرهاب في أفريقيا.
وأرسلت أمريكا وفدا إلى نيامي في مارس من العام الماضي (1402) لإقناع المجلس العسكري للنيجر، لكن هذا المجلس عارض استمرار الوجود العسكري الأمريكي في النيجر، وقال العميد حمادو عبد الرحمن، المتحدث باسم المجلس العسكري الذي يحكم النيجر، إن وجود القوات الأمريكية في النيجر غير قانوني ويخالف القانون الأساسي والسيادة الوطنية للنيجر، وشدد على أن وجود القوات العسكرية الأجنبية يجب أن يكون معروفا للشعب وعليه أن يعلق عليه.
إن الاتفاقية العسكرية بين الولايات المتحدة والنيجر غير عادلة من وجهة نظر الحكام الجدد لهذا البلد، وأعلنت وكالة أسوشيتد برس أن رئيس وزراء النيجر علي الأمين زين ونائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل اتفقا على انسحاب القوات الأمريكية من النيجر، ولم يتم بعد تحديد الجدول الزمني لانسحاب القوات العسكرية من النيجر، ومن المتوقع أن تتم المفاوضات حول الخطوات التالية في الأيام المقبلة.
وتلعب النيجر دورا مركزيا في العمليات العسكرية الأمريكية في منطقة الساحل الإفريقي وتستضيف قاعدتين جويتين أمريكيتين، إحدى هاتين القاعدتين هي قاعدة أغاديز، وهي أهم قاعدة لعمليات الطائرات دون طيار الأمريكية، وتغطي قاعدة البيانات هذه القارة الأفريقية بأكملها، وقال بيتر فام، الممثل الخاص السابق للولايات المتحدة لمنطقة الساحل: إن عدم القدرة على الوصول إلى القواعد الجوية في النيجر سيكون بمثابة انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة وحلفائها، وقال أيضًا إن القوات الأجنبية الأخرى من المحتمل أن تغادر النيجر وسيكون من الصعب على الغربيين العثور على قواعد عسكرية جديدة على المدى القصير.
وقال أحمد باروي، الخبير في القضايا الإفريقية، في حديث للمشرق: إن العسكريين في دول مثل مالي وبوركينا فاسو وغينيا والجابون والنيجر قاموا بانقلاب على حكام سياسيين تابعين للغرب، ويسعى الحكام الجدد في هذه الدول إلى تقليص العلاقات السياسية والعسكرية بين فرنسا والولايات المتحدة، كما يميلون إلى توسيع العلاقات السياسية والعسكرية مع روسيا.
وأضاف هذا الخبير في القضايا الإفريقية: إن انسحاب القوات الأجنبية من الدول الإفريقية يصاحبه دعم شعبي، وتحاول هذه الدول، وخاصة النيجر، تقليص نفوذ الدول الغربية في بلدانها والتقرب من القوى العالمية مثل الصين وروسيا والقوى الإقليمية مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانيةـ كما أغلقت فرنسا قواعدها العسكرية الثلاث في النيجر بناء على طلب المجلس العسكري في البلاد، وبعد الموعد النهائي للمجلس العسكري الحاكم للنيجر، غادرت آخر مجموعة من الجنود الفرنسيين النيجر في 1 يناير 2023، وفي أواخر العام الماضي، اضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من النيجر بناء على طلب المجلس العسكري الحاكم في النيجر وبعد مظاهرات حاشدة ضد الوجود الفرنسي.