الوقت - تتفق آراء عدة على أن منح الكيان الصهيوني صفة مراقب في منظمة الاتحاد الأفريقي يخالف مبادئ المنظمة، فيما لا تزال هذه القضية تثير سجالات وانقسامات منذ أن تفجرت للمرة الأولى عندما عمد مفوض الاتحاد، موسى فكي، بصورة فردية إلى منح "إسرائيل" صفة مراقب في 22 يوليو/تموز 2021، من دون استشارة الدول الأعضاء.
حيث أكد الاتحاد الإفريقي الأحد أن قرار منح إسرائيل صفة مراقب في المنظمة معلّق، وبالتالي لم تتم دعوتها لحضور قمته، وذلك بعد خلاف حول طرد دبلوماسية رفيعة المستوى أوفدتها الدولة العبرية.
واتهمت إسرائيل الغاضبة بعض الدول بتدبير طرد الدبلوماسية من الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الإفريقي السبت بمساعدة من الجزائر وجنوب إفريقيا.
وسلط الحادث الضوء على خلاف داخل المنظمة القاريّة الإفريقية حول قرار، أصدره رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد عام 2021 يقضي بمنح إسرائيل صفة مراقب. قوبلت تلك الخطوة باحتجاج دول أعضاء نافذة من بينها جنوب إفريقيا.
وعلقت قمة الاتحاد الإفريقي العام الماضي النقاش، حول ما إذا كان سيتم سحب الصفة وشكلت لجنة لرؤساء الدول لمعالجة هذه القضية.
وقال فقي محمد للصحافيين الأحد: "يعني ذلك أن الوضع معلق حتى يحين الوقت الذي يمكن أن تتداول فيه هذه اللجنة... ولذلك لم نوجه دعوة إلى مسؤولين إسرائيليين لحضور قمتنا"، مضيفا إن تحقيقا يجري في حضور الدبلوماسية الإسرائيلية.
وأظهرت لقطات مصورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي حراسًا، يرافقون نائبة المدير العام لشؤون إفريقيا في وزارة الخارجية الإسرائيلية شارون بار-لي، إلى خارج قاعة اجتماع الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
من جهته اتهم متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية الاتحاد الإفريقي بأنه رهينة دول مثل الجزائر وجنوب إفريقيا، ناعتا إيها "بالتطرف".
وقد أعربت الخارجية الإسرائيلية عن غضبها الشديد، وقالت في بيان إن الوفد الرسمي الإسرائيلي عومل بطريقة فظة.
واتهمت تل أبيب الجزائر وجنوب إفريقيا اتهاما مباشرا بالوقوف وراء الحادثة، مشيرة إلى أن الاتحاد الأفريقي رهينة بيد دول تحركها الكراهية، وفق تعبيرها.
وكانت إسرائيل حصلت على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي عام 2021، وعارضت الخطوة دول من بينها جنوب أفريقيا والجزائر اللتان قالتا إن ذلك يتعارض مع مواقف الاتحاد الداعمة للفلسطينيين، كما طالب الفلسطينيون بسحب صفة مراقب من إسرائيل.
والعام الماضي علق الاتحاد الأفريقي بالإجماع قرار منح صفة مراقب لإسرائيل، وأعلن تشكيل لجنة لبحث الأمر.
واختتمت القمة مساء الأحد بالمصادقة على البيان الختامي الذي تضمن أبرز المشاريع والقرارات المرفوعة للقمة من قبل المجلس الوزاري.
وتناول البيان الختامي قضايا اقتصادية وسياسية وأمنية عدة، أبرزها مبادرة "إسكات البنادق" لتسوية الصراعات بالقارة، في إطار إفريقي.
كما تطرّق البيان إلى تسريع تفعيل منطقة التجارة الحرّة الأفريقية، ودعم عمليات التحول الديمقراطي، ورفض الانقلابات العسكرية وعدم الاعتراف بالأنظمة القائمة عليها.
ودعا البيان أيضا إلى "دعم توجه دولة فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة والدعوة لدعمها دوليا".
وقالت مصادر دبلوماسية عربية إنّ مسألة منح إسرائيل صفة "مراقب" في منظمة الاتحاد الأفريقي، جرى تداولها في أروقة الاتحاد قبيل انعقاد القمة، وشهدت المناقشات حولها خلافات بين الدول الأفريقية.
ولفتت المصادر إلى أن المجموعة العربية داخل الاتحاد بقيادة الجمهورية الجزائرية، مدعومة بدولة جنوب أفريقيا، ضغطت في سبيل منع إعطاء إسرائيل صفة "مراقب"، وأن الموضوع عُلِّق إلى "أجل غير مسمى".
وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، إن "الهدف الأول الذي تأسست عليه منظمة الوحدة الأفريقية في مايو/ أيار 1963 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، هو بذل الجهود لتحقيق مبدأ حق تقرير المصير لكل الشعوب الأفريقية التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار".
ولفت إلى أنّ "منظمة الوحدة الأفريقية، لم يغب عن حسبانها أن ميثاق منظمة الأمم المتحدة الذي صدر عام 1945 أيضاً، من ضمن مبادئه: نيل الشعوب حقها في تقرير مصيرها، وهذا يعني أن الشعوب تختار النظام السياسي والنظام الاقتصادي الذي ترتضيه لحكمها. وأيضاً منظمة الاتحاد الأفريقي، وهي المنظمة الخلَف لمنظمة الوحدة الأفريقية، سارت على ذات النهج الذي تبنته المنظمة السلَف".
ولفت إلى أنّ "من غير المتصور، لا من الناحية القانونية، أو المنطقية، أو العقلانية، أن يكون هناك ترحيب ليس فقط بعضوية إسرائيل وانضمامها إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، ولكن حتى مجرد أن تحضر تلك الدولة التي تمنع الفلسطينيين منذ عام 1967، نيل حقهم في تقرير مصيرهم والتحرر وإقامة دولة قابلة للحياة بأركان الدولة المعروفة في القانون الدولي".
وشدد سلامة على أنه "إذا فعلت منظمة الاتحاد الأفريقي ذلك، فإنها تتنكر لمبادئها، والمبادئ تعلو وتسمو على القواعد، ولذلك كان الإجراء الذي اتخذته الدولة المضيفة للقمة في طرد من حضر من إسرائيل، جهاراً نهاراً وأمام شاشات التلفاز والكاميرات المختلفة لوسائل الإعلام، إجراءً طبيعياً ومنطقياً".