الوقت- أنهت الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، التي نظمت تحت عنوان "الوضع في الشرق الأوسط" لمراجعة الإجراء العقابي الذي اتخذته إيران ضد النظام الإسرائيلي، أعمالها الأحد دون إصدار أي بيان أو قرار.
وقد عقد هذا اللقاء بناء على طلب النظام الصهيوني، وكان غرض تل أبيب من هذا الطلب، وفق عقلية النظام المعتادة، هو كسب الدعم الدولي، وكذلك ممارسة الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وعلى الرغم من ذلك، فقد سار اللقاء أخيراً بطريقة مفادها بأن "إسرائيل"، بعد الهزيمة الميدانية في هجمات صباح الأحد، تعرضت لهزيمة أخرى في مجال الدبلوماسية.
حيث كانت "إسرائيل" تحاول فصل الرد الإيراني العقابي عن السبب الرئيسي لأصله، وهو الهجوم على المبنى القنصلي الإيراني في دمشق في 1 أبريل/نيسان، لكن معظم الدول الحاضرة، حتى تلك التي لم تظهر دعماً كبيراً للعملية الإيرانية، اضطروا إلى تبرير حججهم - على الأقل حتى لا تبدو سخيفة - في إطار التوتر الإسرائيلي.
أما بالنسبة لدول مثل الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا، التي أدانت الرد العسكري الإيراني دون أدنى إشارة إلى الهجوم على دمشق، فإن هذا السلوك يسلط الضوء مرة أخرى على عقليتها الانفصامية ومدى انفصالها عن الحقائق الموضوعية ونفاقها، فيما يتعلق بالالتزام بما يسمونه "النظام القائم على القانون".
وفي المقابل، تصرفت الصين وروسيا لمصلحة إيران، واستطاعتا إفشال مساعي "إسرائيل" وأمريكا وبعض حلفائهما للضغط السياسي على إيران من خلال الإشارة إلى حقائق مهمة.
وعلى سبيل المثال، كشف "فاسيلي نيبينزيا"، سفير وممثل روسيا في الأمم المتحدة، عن عدم إدانة التناقض في تصريحات "أنطونيو غوتيريش"، الأمين العام للأمم المتحدة، فقال: "أدان الأمين العام للأمم المتحدة على الفور الهجوم الإيراني، لكن في حالة الهجوم الإسرائيلي، لم يكن لديه مثل هذا الرد على حادث القنصلية الإيرانية، هذا النهج غير صحيح".
وأضاف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة: "لقد حذرنا في اجتماع مجلس الأمن من ضرورة إدانة تصرفات إسرائيل صراحة، لكن تم تجاهله"، "لقد اقترحنا مسودة إعلان، لكن الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا رفضت قبول مبادئ القانون الدولي ولم تقبلها".
وأوضح: "الدول الغربية، بما فيها فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة، رفضت دعم بيان يدين الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في الأول من أبريل/نيسان الماضي، والآن يدينون إيران، وهذا يظهر نفاقهم".
وقال السفير الروسي: "النتيجة الآن واضحة للجميع، وأضاف: "أنتم تعلمون جيدًا أن الهجوم على مركز دبلوماسي هو عمل عدائي بموجب القانون الدولي، وإذا تعرضت بعثة غربية لهجوم، فسوف يكون رد فعلكم انتقاميًا على الفور".
وتابع المندوب الروسي: "هذا التوجه يرجع إلى أن كل ما يتعلق بالتمثيل الغربي والمواطنين الغربيين بالنسبة لكم مقدس ويجب حمايته"، ولكن عندما يتعلق الأمر بحق الدول الأخرى، بما في ذلك الحق في الدفاع عن نفسها ضد رعاياها، فالأمر مختلف، "إذا تم استهداف قنصلية أو سفارة دولة غربية، فإن هذه الدول ستدين ذلك على الفور وتطالب بمعاقبة المعتدي، ولكن عندما تتدخل في دول أخرى وتريد ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها، فإن الغربيين يظهرون ضعف معاييرهم".
كما أثار ممثل الصين حقائق مماثلة، وقالت نائبة ممثل الصين في الأمم المتحدة: إن ممثلية إيران في سوريا تم استهدافها ما تسبب في سقوط العديد من الضحايا لإيران، وهذا الإجراء يعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وأيضا انتهاكا لسيادة سوريا.
وأضاف الدبلوماسي الصيني: "نحن نشعر بقلق عميق إزاء تصرفات إيران، لكن إيران أكدت أن هذا كان عملا انتقاميا وقد انتهى، ونطالب الأطراف بضبط النفس وتجنب المزيد من التوتر في المنطقة".
وهذا النصر الدبلوماسي أضيف إلى إنجازات إيران من عملية "الوعد الصادق"، وقد تمكنت هذه العملية من إظهار ضعف قطاع الدفاع الإسرائيلي وتحديد مدى اعتماد "إسرائيل" على طبقات الحماية الدولية والإقليمية.
لقد تمكنت إيران من ضرب "إسرائيل" بشكل لم يتخيله أو يتوقعه هذا النظام، والنقطة المهمة الأخرى هي أنه بينما لعبت "إسرائيل" كل أوراقها الدفاعية لمواجهة الهجوم الإيراني، فإن إيران لم تستخدم كل أوراقها الهجومية.
وهذه العملية الإيرانية ساعدت إيران كثيراً من خلال التعرف على القدرات الدفاعية العسكرية لـ"إسرائيل" وحلفائها وكيفية عملها، ويمكن لهذه الدولة وحلفائها استخدام هذه المعلومات في مواجهات أكبر وأخطر.
كشفت العملية الإيرانية ضد "إسرائيل" عن وجهة نظر القوى الفاعلة في المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة وإيران، والأمر الأكيد الذي اتضح بعد هذه العملية هو أن هذين الطرفين ليسا في مسار مواجهة واسعة النطاق، كما أن هناك حالة من التوازن النسبي بينهما.
لذلك، بعد عملية الوعد الحق، يمكن اعتبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية فائزة على الساحة والدبلوماسية.