الوقت- في اليوم الـ 164 من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ينفذ الاحتلال حصاراَ خانقا حول مجمع الشفاء من خلال فرض حزام ناري خلف المجمع الطبي ويتم استهداف كل ما يتحرك في محيط مجمع الشفاء الطبي من قبل قوات الاحتلال وإطلاق النار عليه بشكل مباشر، ويكون الاحتلال بهذه العملية قد حاصر آلاف النازحين والمرضى والطواقم الطبية.
وكانت عشرات الدبابات الإسرائيلية وبغطاء ناري جوي فجر اليوم، قد توغلت مجددا، في حي الرمال غرب مدينة غزة وحاصرت الدبابات بشكل مفاجئ مستشفى الشفاء الذي يتواجد فيه عشرات الاف النازحين، وتعرضت بعض مباني المستشفى لقصف جوي ومدفعي، كما توغلت الدبابات، حسب شهود عيان، من الجهات الاربع المؤدية للمستشفى، ومنعت النازحين من مغادرتها، وتقوم طائرات مسيرة بإطلاق النار باتجاه مواطنين في الشوارع القريبة من مستشفى الشفاء، وتحدث شهود عن سقوط عشرات المصابين في الطرقات، وتأتي هذه العملية بالتزامن مع توغل بري جديد في وسط مدينة خان يونس وسلسلة غارات جوية على دير البلح والنصيرات في وسط القطاع ورفح في جنوب القطاع أيضا.
ووفق وسائل إعلام فلسطينية، قالت إن عددًا من دبابات الاحتلال تتمركز على البوابة الرئيسية لمجمع الشفاء، وإن النيران اشتعلت في مبنى الجراحات التخصصية داخل المجمع بفعل القصف الإسرائيلي ما أدى إلى إصابة النساء والأطفال في المستشفى بحالات اختناق، نظرا لخطورة النيران واستهداف كل من يقترب من المستشفى والنوافذ، ولا يمكن إنقاذ أي من المصابين، ولا يوجد أي جرحى.
من الجدير بالذكر أنها المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات الاحتلال الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي منذ بداية الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ اقتحمته للمرة الأولى في الـ 16 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد أن حاصرته لمدة أسبوع على الأقل.
وحينها انسحبت قوات العدو من المستشفى في الـ 24 من نوفمبر/تشرين الثاني، بعد تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه وأجهزة ومعدات طبية إضافةً إلى مولد الكهرباء بالمستشفى.
روايات مفبركة
لا يقدم نتنياهو للعالم غير القتل والإرهاب واختراع الحجج الواهية والمزعومة، فاعتقال مدير المجمع الطبي محمد أبو سليمة كان بهدف إجباره على الإدلاء بتصريحات تثبت روايتهم بشأن وجود قوات عسكرية أو أنفاق أو غير ذلك داخل المستشفى، وهو الأمر الذي ثبت بشكل قاطع كذبه، وهو أكبر دليل على كيان الاحتلال الصهيوني وبكل الوسائل يخطط لسحب اعترافات كاذبة تبرر جرائمه في ظل الموقف الدولي الذي عجز عن إصدار قرار بوقف إطلاق النار داخل قطاع غزة، فالاحتلال يريد تحقيق أي مكاسب في ظل تكريس الضغوطات من خلال التجويع والقصف والحصار والتضييق وسلب أدنى سبل الحياة من أهل القطاع.
ردود أفعال
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة: ندين اعتداء جيش الاحتلال على مستشفى الشفاء ونعتبره جريمة حرب واضحة ومخالفة للقوانين الدولية وانتهاكاً لكل المواثيق الدولية، وإن نظام الاحتلال والحكومة الأمريكية والمجتمع الدولي يتحملون المسؤولية الكاملة عن حياة الطواقم الطبية والجرحى والمرضى والنازحين في المستشفى، ويضغطون على المدنيين في غزة بما فيها المستشفيات.
في المقابل، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إنها تحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية حياة الطواقم الطبية والمرضى والنازحين داخل مجمع الشفاء، ووصفت ما تقوم به قوات الاحتلال ضد المجمع الطبي بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.
من جهتها طالبت وزارة الصحة الفلسطينية المؤسسات الأممية بالتوجه فورا إلى مجمع الشفاء الطبي لحمايته وحماية كل من بداخله ومنع الاستهداف الإسرائيلي المتجدد له، وأكدت وزارة الصحة إنه ليس هناك قدرة على إنقاذ المصابين جراء الهجوم بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ.
وقالت حماس إن "جرائم الاحتلال وحرب الإبادة المتواصلة ضد شعبنا وكل مكونات الحياة في غزة، لن تصنع لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وجيشه أي صورة انتصار، إنما هي تعبير عن حالة التخبط والارتباك وفقدان الأمل بتحقيق أي إنجاز عسكري غير استهداف المدنيين العزل".
وأردفت بالقول: "إن فشل المجتمع الدولي والأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات ضد جيش الاحتلال كان بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار في حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يقترفها ضد شعبنا، والتي يعد أحد أركانها تدمير المنشآت الطبية في القطاع".
وختمت بيانها بمطالبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية وغيرهما من المؤسسات الأممية المعنية بضرورة الوقوف عند مسؤولياتهما لحماية ما تبقى من منشآت طبية في القطاع، وتوثيق جرائم الصهاينة ضد القطاع الطبي، المحميّ بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني.
ماذا يعني إخراج المستشفى عن الخدمة
يعتبر مجمع الشفاء الطبي من أهم المجمعات الطبية في قطاع غزة نظرا لكونه يحتوي جميع التخصصات، فهذا يعني أن جميع سكان القطاع يستفيدون من خدماته، وليس فقط سكان مدينة غزة، والتأثير الأول لإخراج ومحاصرة المجمع الطبي كان على مرضى غسيل الكلى ومرضى القلب، وكذلك المرضى الذين كانوا ينتظرون إجراء عمليات جراحية ولم تجر لهم منذ 4 أو 5 أشهر، وأيضا مرضى السرطان لم يعد لديهم مكان يتلقون العلاج فيه ومن الجدير بالذكر أن المستشفى كان الوحيد الذي يقدم خدمة زراعة الكلى.
وكثير من المرضى الذين حوصروا داخل أحياء غزة، إما تدهورت حالتهم الصحية أو أنهم توفوا، وعندما تتوقف الحرب سيكون بالإمكان تقييم الوضع من خلال جمع بيانات أوضح حول هذا الأمر.
أما بالنسبة للأدوية فالمشهد كارثي من حيث النقص الشديد للأدوية والمستهلكات الطبية حسب ما كشفه الدكتور جاد الله الشافعي، مدير قسم التمريض في مجمع الشفاء، إذ إن قوات الاحتلال أحرقت بشكل كامل مخازن وزارة الصحة وهذا تسبب في نقص كثير من اللوازم للعمل، وتمت الاستعانة ببعض الشركات الخاصة، التي فتحت مخازنها.
ومن الـ 10 وحتى الـ 18 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تعرض المستشفى لهجمة كبيرة من قوات الاحتلال سبقت الحصار، إلى أن أجبرت قوات الاحتلال كل الكوادر الطبية والمرضى على مغادرته حيث بدأ الاحتلال اقتحامه المستشفى من الطابق تحت الأرضي لمبنى الجراحات المتخصصة الذي كان يضم نازحين ومرضى كلى، وتم التنكيل بهم.
وكان في تلك الأثناء 40 رضيعاً في قسم الأطفال الخدج إذ حاولت إدارة المستشفى التنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لنقلهم لمستشفيات أخرى، ولكن جهود التنسيق أخفقت، وهو ما أدى إلى وفاة كثير منهم، وعمدت قوات الاحتلال إلى تدمير جهاز الأشعة المقطعية وجهاز الرنين المغناطيسي وأجهزة اللاب توب الخاصة بالأجهزة الطبية وتكسير الأبواب.