الوقت- أكدت وكالات الأنباء الخبرية التابعة للكونغرس الأمريكي أن المسؤولين الأمريكيين غير قادرين على فهم حقيقة الجماعات المدعومة من إيران التْي غيرت ميزان القوى في المنطقة.
وحسب ما قالته وکالات الأنباء العالمیة والمحلية، وفي تحليل كتبه فراس موداد: إن رايان كروكر دبلوماسي ذو خبرة ومعرفة ومتخصص في الشرق الأوسط، وهو سفير الولايات المتحدة لدى العراق ولبنان سابقا خدم في الكويت وسوريا وباكستان والعراق وأفغانستان وفي مقابلة مع صحيفة بوليتيكو الأسبوع الماضي، قال كروكر إن الدول العربية حريصة على تطبيع العلاقات مع "إسرائيل وإن النخب السياسية العربية ليس لديها ثقة عميقة بالفلسطينيين، لكنه غفل عن ديناميكيات القوة المتغيرة في الشرق الأوسط.
إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو في المقام الأول حرب دينية، حيث تقبل القادة العرب ضعفهم ويسعون إلى التطبيع مع "إسرائيل" وفي المقابل، اختار الإيرانيون وحماس وحزب الله وانصارالله وغيرهم نهجا أكثر تدينا إنهم علي يقين من أن أمريكا هي العدو اللدود لهم ولذلک هم علی أهبة الاستعداد لرد أي تعرض أمریکي معتدٍ.
فبعد القصف الإسرائيلي للبنان الذي دام أربعة وثلاثين يوماً في حرب عام 2006 صرح حزب الله أنه أطلق قدراً أكبر من الصواريخ على "إسرائيل" خلال الساعات الأربع والعشرين التي سبقت وقف إطلاق النار مقارنة باليوم السابق وقد عزز هذا فكرة أن الهجمات الإسرائيلية قد فشلت وخلقت رادعاً له في التدخل بالحرب السعودية اليمنية بعد أن قصف السعوديون (باستخدام الطائرات الأمريكية والقنابل والتدريب والخدمات اللوجستية والاستخبارات) اليمن لمدة سبع سنوات، وهاجم انصارالله خلالها منشآت تخزين الوقود السعودية في جدة في عام 2022، وأظهر هذا للسعوديين أنهم لا يستطيعون الفوز أو منع انصارالله من مهاجمة أصولهم الحيوية، ثم تخلى السعوديون عن الحرب وتصالحوا مع انصارالله.
وفي الحرب الحالية بين "إسرائيل" وغزة، وبعد أكثر من مئة وثلاثين یوما من القصف أطلقت حماس والجهاد الإسلامي الصواريخ على عسقلان لمدة ثلاثة أيام متتالية وأظهرتا لـ"إسرائيل" أنهما قادرتان على القتال لمدة مئة وثلاثين يوماً أخرى إذا لزم الأمر، وبعد عدة موجات من الهجمات الأمريكية والبريطانية ضدانصارالله، كثفت هذه الجماعة هجماتها وحاولت إغراق سفينة بريطانية، وقد أظهر هذا عدم جدوى الضربات الجوية السابقة وأن المزيد من الضربات الجوية سوف تفشل.
ويبدو أن كروكر، لا يدرك أن الجماعات المدعومة من إيران قد غيرت ميزان القوى في المنطقة، وقد راقب حلفاء أمريكا العرب إيران وهي تغلق قناة السويس، وكيف فشلت الولايات المتحدة في فرض خطوطها الحمراء المفترضة فيما يتصل بأمن الطاقة وحرية الملاحة بشكل فعّال، وتوصلت الدول العربية إلى بعض الاستنتاجات وهي أن الأسلحة الأمريكية قادرة على توجيه ضربة أولى قوية، لكن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على توجيه ضربة قاضية أو الفوز في صراع طويل الأمد.
من ناحية أخرى، أظهرت إيران وحلفاؤها مراراً وتكراراً أنهم قادرون على مواصلة الحرب وتوجيه ضربات حاسمة، إنهم، مثل غيرهم من الشعوب العربية ملتزمون ومصممون علي تدمير "إسرائيل" كليا وعلى هذا، فليس من مصلحة الزعماء العرب مساعدة الإسرائيليين من خلال قبول اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعلم العرب أن "إسرائيل" لن تسمح لهم بالعودة أبداً، وبدلاً من ذلك فإن أفضل رهان لهم يتلخص في البقاء إلى جانب أمريكا اقتصادیا وتجارياً، مع تحسين العلاقات مع إيران وغيرها من أعداء الولايات المتحدة بهدوء ولهذا السبب تصالح السعوديون مع إيران من خلال وساطة الصين.
لقد تغير ميزان القوى الذي أجبر الدول العربية في السابق على تجنب الحرب مع "إسرائيل" والعداء مع الولايات المتحدة، والآن فإن ميزان القوى يملي عليهم تجنب العداء مع إيران وشعبها.
لا يبدو أن كروكر يفهم أياً من هذا، ومثل غيره من أعضاء المؤسسة، فشل في استيعاب الدروس التي استفادها منذ عقدين الزمن من الفشل الأمريكي في مجال خبرته.