الوقت - "إن لم تستح فافعل ما شئت" هذا المثل ينطبق بشدة على ما يقوم به العدو الصهيوني فلم يكتف بأعمال القتل والتهجير والتدمير والتشريد بحق الفلسطينيين بل وصل قبح جرائمه إلى إيقاف حتى المساعدات الإنسانية والقيام بمحاولات حثيثة لإخراج المنظمة الإنسانية الوحيدة التي عملت على إغاثة الفلسطينيين على مدار سنوات حرب الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين.
اتهمت سلطة الاحتلال الإسرائيلي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بتوظيف مئات “المخربين” من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في حين اتهمت الوكالة الأممية حكومة الاحتلال بـ”تعذيب” موظفيها أثناء اعتقالهم، في توتر جديد بين الطرفين على خلفية الحرب في قطاع غزة.
فالأونروا كانت وما زالت تؤدي دورا محوريا في عمليات الإغاثة في قطاع غزة حيث تحذّر المنظمات الدولية من خطر المجاعة بعد نحو خمسة أشهر من اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وسبق للوكالة أن واجهت اتهامات إسرائيلية بضلوع موظفين في هجوم السابع من تشرين الأول وهو ما دفع العديد من الدول إلى تعليق تمويلها في خضم ظروف إنسانية كارثية في قطاع غزة.
وصرح المتحدث باسم جيش الاحتلال في بيان له إن “المعلومات الاستخبارية تؤكد أن أكثر من 450 عنصرًا في حماس والجهاد الإسلامي يعملون أيضا موظفين لدى الأونروا”.
ونشر ما قال إنها “تسجيلات صوتية لمخربين تسللوا إلى أراضي إسرائيل”، حيث “يتباهى أحد المخربين الذي كان يعمل معلما للغة العربية في مدرسة تابعة للأونروا باحتجازه” نساء إسرائيليات أثناء هجوم حركة حماس على جنوب "إسرائيل".
بدوره أشار المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إلى أن "إسرائيل" لم تقدّم أي أدلة على اتهاماتها، بينما أكدت الأمم المتحدة أن الموظفين المعنيين تمّ طردهم من وظائفهم مع فتح تحقيق داخلي.
في المقابل، اتهمت الأونروا إسرائيل بـ”تعذيب” عدد من موظفيها الذين اعتقلتهم على خلفية الحرب في غزة.
وقالت الوكالة في بيان أرسلته الى وكالة فرانس برس الإثنين إن “موظفينا تحدثوا عن أحداث مروعة أثناء اعتقالهم واستجوابهم من قبل السلطات الإسرائيلية، هذه التقارير تتضمن التعذيب، وسوء المعاملة الحاد، والاعتداء والاستغلال الجنسي”.
وأضافت إن “عددا من موظفينا أبلغوا فرق الأونروا أنهم أرغموا على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب وسوء المعاملة”، وذلك أثناء استجوابهم بشأن هجوم حماس على "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول.
وشددت على أن “هذه الاعترافات القسرية نتيجة التعذيب تستخدمها السلطات الإسرائيلية لنشر مزيد من المعلومات المضللة عن الوكالة ضمن محاولاتها لتفكيك الأونروا”، محذّرة من أن “هذا يضع موظفينا في غزة في خطر، وتبعاته خطرة على عملياتنا في غزة والمنطقة”.
غير أن السلطات الإسرائيلية قالت إن هذه الاتهامات التي تسوقها الأونروا “لا أساس لها من الصحة”.
وأشارت الأونروا إلى أنها رفعت احتجاجا خطيا إلى حكومة الاحتلال بشأن توقيف موظفيها دون أن تتلقى أي ردّ على ذلك.
وقالت: "الأونروا تشجع أي كيان لديه أي معلومات حول المزاعم الخطيرة للغاية ضد موظفي الأونروا على مشاركتها مع التحقيق الجاري للأمم المتحدة".
وجاءت الاتهامات الجديدة في وقت من المقرر أن يدافع فيليب لازاريني عن عمل الوكالة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحذّر لازاريني في رسالة إلى رئيس الجمعية العامة أواخر شباط من أن الوكالة وصلت إلى “نقطة الانهيار مع دعوات إسرائيل المتكررة لتفكيكها وتجميد تمويل المانحين في مواجهة الاحتياجات الإنسانية غير المسبوقة في غزة”.
ولم يكن لدى جولييت توما، مديرة الاتصالات في الأونروا، تعليق مباشر على الادعاءات الإسرائيلية الجديدة.
وبينما أعلنت "الأونروا" فتح تحقيق في المزاعم الإسرائيلية للوقوف على الحقائق، لا تزال "إسرائيل" تضغط من أجل تصفية ومحو الوكالة الأممية وتحويل مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي أعربت عن أسفها إزاء قرار المفوضية الأوروبية تخصيص 50 مليون يورو لدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
ولطالما اتهمت "إسرائيل" الأونروا بـ"إدامة الصراع" الإسرائيلي الفلسطيني، عبر توسيع وضع اللاجئين ليشمل الملايين من أحفاد الفلسطينيين الذين هربوا أو أجبروا على الفرار من منازلهم إبان تأسيس "إسرائيل" عام 1948، وترى أن وصف اللاجئ "يقتصر على اللاجئين الأصليين" كما يحدث مع مجموعات اللجوء حول العالم، حسب تقرير نهاية الشهر الماضي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ووفقا لأحد وسائل الإعلام فإن العدو الصهيوني يزعم منذ فترة طويلة أن مواد التعليم في مدارس الأونروا "تمجد الإرهاب والتحريض ضد إسرائيل" كما لفتت إلى أن نتنياهو طالما كرر انتقاداته للوكالة الأممية، ووصل الحد إلى تحميلها مسؤولة "إدامة محنة الفلسطينيين بدلا من تخفيفها"، ودعا الأمم المتحدة إلى حل الأونروا.
جدير بالذكر أنه يعمل في صفوف الوكالة الدولية زهاء 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وسوريا والأردن، بينهم نحو 13 ألفا في قطاع غزة وحده، وسارعت دول غربية عدة في أعقاب هذه الاتهامات، إلى تعليق تمويل الوكالة.
ويرى مراقبون أنه جاء ادعاء "إسرائيل" السابق لتشويه صورة "الأونروا"، واستجابة بعض الدول له، وعلى رأسها الولايات المتحدة، "دون تأكد مهني من صحة الرواية الإسرائيلية بهدف شطب حق العودة .
في وقت تواصل فيه سلطة الاحتلال، انتهاكها الصارخ لالتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، ظلت الأونروا منذ فترة طويلة بمثابة شريان الحياة الوحيد، حيث تقدم المعونة الإنسانية والتعليم والمأوى، وهي مساعدات لا غنى عنها، كما تقدم الوكالة المساعدات التي تشتد الحاجة إليها لملايين اللاجئين الفلسطينيين الآخرين الذين يعيشون في البلدان العربية المجاورة.
وكانت النرويج وإسبانيا وإيرلندا وبلجيكا من بين الدول التي أعلنت أنها لن تعلّق التمويل، اعترافًا منها بالدور الحيوي الذي تواصل الأونروا لعبه في تقديم المساعدات الإنسانية لمن هم في أمس الحاجة إليها.