الوقت- مؤخراً، قدم رئيس لجنة الأمن القومي عضو الكنيست العميد (احتياط) تسفيكا فوغل تحليلًا يوم الأحد لهجوم "حماس" الذي وقع في ٧ أكتوبر الماضي على المستوطنات في غلاف غزة، ولم يستبعد وجود "خونة من الداخل" وراء هذا الحدث، وفي تصريحاته لصحيفة "معاريف" العبرية، أشار فوغل، الذي ينتمي إلى حزب "عوتسما يهوديت"، إلى أنه على مدى العشرين سنة الماضية كان يجب عليهم أن يكونوا على علم بما يحدث في قطاع غزة، معبرًا عن اعتقاده بأن هناك أشخاصاً كانوا يعرفون ما سيحدث، وأضاف فوغل إنه في حال عدم اكتشافهم للأمور المخفية في المستقبل، وقد يزيدون الفجوة بين فرضية وجود مؤامرة واعتبار الجميع غبيًّا، معلنًا تفضيله للاعتقاد بعدم غبائهم، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات في الكيان الإسرائيلي حول المسؤولية عن الفشل الذريع في 7 أكتوبر.
كفاءة جيش الاحتلال في مرمى الانتقاد
بشكل يعكس حجم الخلاف في الكيان، عبر فوغل عن تشاؤمه قائلاً: "كيف يمكن أن نكون في هذا العصر دون معرفة شيء؟ لا شيء؟ لا نعلم ما يحدث في قطاع غزة؟ هذا أمر مقلق بشكل أكبر بكثير، ويجب أن يتم التحقيق فيه من قبل شخص ما،" وأكمل قائلاً: "عندما يطالب رئيس الشاباك رونين بار بتشكيل لجنة تحقيق، يظهر لي أن هناك الكثير من الأطراف التي تشعر بالقلق حول مصلحتها الشخصية بدلاً من مستقبل البلاد،" وأضاف بتعبير متشائم: "هناك شيء مريب يجب أن يتم التحقيق فيه، هذا ليس مجرد خيال"، في ظل الصدمة الإسرائيلية من تأثيرات هجمات المقاومة التي أعادت الروح إلى القضية الفلسطينية.
وفي حال عدم صحة هذا الافتراض، يقول الإسرائيليون: "إن علينا أن نفكر في استبدال وحدات بأكملها في الجيش وأجيال من القادة الذين كانوا مخطئين في تقديرهم، فهم ببساطة غير مسؤولين وغير محترفين، وقد أخطؤوا في حق كيان إسرائيل"، وأوضح فوغل: "أفضل لي ألا أعتقد ذلك، وأفضل أن أعتقد أن هناك من خاننا من الداخل"، وفي ختام تصريحاته، قال: "ربما يتعين علينا أن نكتشف الحقيقة في المستقبل، لا أعرف أيهما أفضل، أن نكتشف وجود خائن هنا أم إن هناك مجموعة من الأشخاص غير المحترفين"، وقد ختم فوغل تصريحاته بتعبير يقول: "لا أستطيع أن أستبعد وجود مؤامرة في هذا الأمر، لا يمكن أن نكون غير مسؤولين إلى هذا الحد، أتمنى أن أكون مخطئاً"، بالتزامن مع تصاعد الخلافات بين نتنياهو وزمرته حول كل ما يخص الحرب على غزة.
وفي السابع من أكتوبر الماضي، نفذت "حماس" هجوماً على نقاط عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي وإصابة نحو 5431 آخرين، واعتقال ما لا يقل عن 239 شخصاً، وتم تبادل عشرات الأسرى خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت لمدة سبعة أيام، انتهت في بداية ديسمبر 2023، ومنذ السابع من أكتوبر 2023، شن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد 26,422 فلسطينياً وإصابة 65,087 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقاً للسلطات الفلسطينية، وخلفت دمارًا هائلًا وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
والمقتطفات السابقة تقدم نظرة عميقة إلى التوترات الأمنية والسياسية في الكيان، مع التركيز على السبب بشكل خاص وهو الصراع بين الكيان وحركة حماس في قطاع غزة، ويتضح من خلال تصريحات رئيس لجنة الأمن القومي الإسرائيلي وأعضاء آخرين أن هناك تخوفًا وتشكيكًا في قدرة الجهات الأمنية الإسرائيلية على مراقبة الأحداث في قطاع غزة ومعرفة المخاطر المحتملة، مع التأكيد على وجود "خونة من الداخل" يعكس مستوى القلق حيال التسللات والمؤامرات التي يعتقد بعض الأشخاص أنها قد تكون جزءًا من الحوادث الأمنية الأخيرة، وبالطبع، هذه التصريحات تثير أسئلة حول كفاءة واستخبارات الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وضع إسرائيليّ متأزم
تُظهر التحليلات الإحصائية الأخيرة المتعلقة بالهجمات والعمليات العسكرية بين الجانبين والتي أسفرت عن خسائر هائلة في الأرواح والدمار الكبير في قطاع غزة، وهذا يبرز الوضع الإنساني الصعب الذي يواجهه الفلسطينيون في هذا القطاع نتيجة الإرهاب الإسرائيلي ويعزز دعوات المجتمع الدولي إلى وقف الأعمال القتالية وبدء عملية سلام شاملة، وبصورة عامة، يتبادل الإسرائيليون الاتهامات والتهديدات، مما يزيد من التوترات ويجعل الوضع الإسرائيلي أكثر تعقيدًا، ومن المهم بمكان أن تتواصل الجهود الدولية لتحقيق وقف لإطلاق النار وبدء حوار جاد يعيد بناء الثقة ويعالج القضايا الجوهرية التي تجعل الصراع مستمرًا في غزة.
وبالنظر إلى التصاعد المستمر للتوترات والصراعات في الكيان، فإن الوضع يزداد سوءا مع الابتعاد عن الحوار السياسي والدبلوماسي والذي تحول إلى وسيلة أساسية لزيادة النزاعات وتحقيق النهاية الموعودة للكيان، ولهذا يجب على المجتمع الدولي، وبشكل خاص على الدول الرئيسية ومجلس الأمن الدولي، العمل بشكل فعال لضمان وقف الأعمال العدائية لتل أبيب وتحقيق تسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الأطراف الدولية تبني استراتيجيات تشجيعية لبناء الثقة وتحقيق التعاون الإقليمي، بما في ذلك الجهود الرامية إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة وتوفير الفرص الاقتصادية للسكان، ويعتبر التفاوض والحوار مع حماس وسيلة فعالة لحل النزاعات في المنطقة، وهو ما يتطلب التزامًا قويًا من الأطراف المعنية للكيان لوقف إرهابه الأعمى من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، ينبغي أيضًا النظر في ضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية في الأراضي الفلسطينية وتعزيز الحكم الذاتي لتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة، ويجب على المجتمع الدولي دعم هذه الجهود من خلال تقديم الدعم المالي والتقني والسياسي، بما يسهم في بناء مؤسسات ديمقراطية قوية وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، ومن الضروري أيضًا عقد مؤتمر دولي شامل يجمع بين جميع الأطراف الفلسطينية لبحث وحل القضايا الرئيسية ووضع خطط عمل عملية لتحقيق السلام والاستقرار رغما عن الاحتلال في المنطقة، يجب أن تكون هذه الجهود مدعومة بشكل كامل من قبل جميع الأطراف المعنية والمؤثرة على الساحة الدولية.
ويتطلب حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني جهودًا متكاملة ومستمرة من جميع الأطراف، ويجب أن يكون لدى المجتمع الدولي دور أساسي في تحفيز وتسهيل هذه العملية، من خلال دعم الحوار والتفاوض ومحاسبة تل أبيب والعمل على إيجاد حلول سلمية وعادلة لكل القضايا المعلقة، وعلاوةً على ذلك، ينبغي أن تتخذ الأطراف الدولية والمنظمات الإقليمية خطواتٍ فعّالة لوقف تمويل ودعم تل أبيب التي تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ويجب أن تتضافر الجهود لمكافحة التطرف وتعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان لبناء مجتمعات متسامحة ومتعايشة.
وعلى المستوى الإنساني، ينبغي أن تولى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية اهتمامًا خاصًا بتقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين من الإرهاب الإسرائيلي، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية والإغاثة الغذائية والإسكان والتعليم، ويجب أن تكون هذه الجهود متواصلة ومستمرة لمساعدة السكان المحليين في تخطي آثار الصراع وبناء مستقبل أفضل لهم ولأجيالهم القادمة، وفي النهاية، يجب أن يكون السلام والاستقرار هدفًا مشتركًا من قبل جميع الأطراف المعنية للفلسطينيين، ومن خلال العمل المشترك والتعاون الدولي، يمكن تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، وتخليص الشعوب من مأساة "إسرائيل" والصراعات المستمرة معها.
