الوقت- ثلاثة أشهر مرت على العملية الفلسطينية الكبرى المعروفة باسم "طوفان الأقصى"، عدا عن نشر المآسي والإبادة الجماعية في غزة على يد جيش الكيان الصهيوني والتي تم نشرها على وسائل الإعلام المختلفة وأثارت غضب شعوب العالم حتى في قلب أوروبا وحتى أمام المنظمات الدولية، إن الأخبار المريرة عن اختفاء 7000 جثة فلسطينية خلال الهجمات العدوانية للكيان الصهيوني هي إحدى الحالات التي تكشف الأبعاد الواسعة لجرائم الصهاينة.
وفي هذا الصدد أعلن المكتب الإعلامي للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، السبت 23 يناير، في بيان له، أنه منذ بداية الحرب فقد سبعة آلاف شخص وظلوا تحت الأنقاض نتيجة هجمات العدو الصهيوني على هذا القطاع.
وجاء في هذا البيان إن 70% من المفقودين هم من الأطفال والنساء، ومنذ بداية الحرب على غزة استشهد أو اختفى 30843 فلسطينيا.
وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدء القصف الجوي اليومي على غزة، إلا أن معظم المباني والمنازل السكنية إما مدمرة بالكامل أو متضررة، ولا يمكن للناس العيش فيها، وفي هذه الأثناء، فإن هجرة جزء كبير من سكان غزة من المناطق الشمالية إلى الجانب الجنوبي من هذا القطاع جعلت من المستحيل إزالة الأنقاض وتحديد العدد الدقيق للمفقودين الذين قتلوا في القصف.
بالإضافة إلى ذلك، أدى استهداف البنى التحتية للاتصالات إلى انقطاع أنظمة الاتصالات وإغلاق الطرق ومحاور الاتصالات، ما زاد من صعوبة عملية إزالة الأنقاض وبطء عملية إسعاف المصابين.
في غضون ذلك، من القضايا التي حظيت باهتمام كبير في التحقيق في قضية المفقودين، هي الكشف عن وثائق سارقي جثث الشهداء الفلسطينيين.
ومؤخرا، أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش الأوروبية أن ل"إسرائيل" تاريخا طويلا في الاحتفاظ بجثامين الشهداء الفلسطينيين، حيث احتفظت بجثث ما لا يقل عن 145 فلسطينيا في مشارح خاصة، وجثث 255 شخصا في المقابر، وتقوم "إسرائيل" بدفن جثامين الشهداء الفلسطينيين في مقابر جماعية سرية في مناطق معينة مثل المناطق العسكرية المغلقة.
مفقودو غزة في قائمة تجارة الأعضاء الصهيونية
وعلى الرغم من أزمة المساعدات في غزة، فإن سبب اختفاء آلاف الجثث الفلسطينية لا يمكن اعتباره الحالة الوحيدة، حيث إن وجود أدلة موضوعية تؤكد تورط "إسرائيل" في تهريب وسرقة أعضاء الجسم، وتبين أن الكيان الصهيوني له تاريخ طويل في سرقة أعضاء الجسم، وأفادت منظمات حقوقية بأنه خلال الهجوم على مستشفى الشفاء بغزة، قامت قوات الاحتلال الصهيوني بنبش مقبرة جماعية وسرقت جثثها.
وفي وقت سابق، لاحظ أطباء فلسطينيون سرقة أجزاء من الجسم مثل القرنية والكبد والكلى والقلب في مستشفى الشفاء بغزة، وفي الواقع فإن سياسة احتجاز الجثث، التي تتعارض مع المعايير والقوانين الدولية، يطبقها الكيان الصهيوني أيضًا لأنهم يسرقون ويهربون أجزاء الجسم بشكل منهجي.
وكتبت قاعدة البيانات التحليلية Counterpunch في مقال لها إن أول عملية زرع قلب في "إسرائيل" أجريت من قلب مريض حي دون علم وموافقة عائلته، وتم رفض تسليم جثته إلى عائلته، وفي عام 2007، كتبت صحيفة جيرزوفاليم بوست الإسرائيلية في مقال لها إنه تم القبض على 10 أعضاء من عصابة إسرائيلية تستهدف الأوكرانيين.
التاريخ الطويل للكيان الصهيوني في تجارة الأعضاء لا يخفى على أحد، وفي هذا الصدد يمكن أن نذكر الفضيحة الإسرائيلية عام 2009، عندما تحدث دونالد بوستروم، الصحفي السويدي المستقل، في صحيفة "أفتون بلات" عن سرقة أجزاء من أجساد الأسرى الفلسطينيين من قبل جنود الكيان الصهيوني، وتابع: تناولت هذه القضية من خلال وجودي في الأراضي المحتلة، ويكتب في جزء من مقالته أنه في نفس الوقت الذي يتم فيه إطلاق حملة تتمحور حول التبرع بالأعضاء في "إسرائيل"، اختفى العديد من الشباب في الضفة الغربية وقطاع غزة، و لا تقتصر تجارة وشراء وبيع أعضاء الجسم من قبل الكيان الصهيوني على حدود فلسطين، بل هي تجارة دولية بالنسبة لهم.
وفي هذا السياق، لا يمكن اعتبار الأغراض الطبية هي سبب هذا الإجراء التعسفي الذي قامت به "إسرائيل"، بل حسب الوثائق، فإن الأهداف التجارية، هو غرضها الرئيسي، وقالت صحيفة "آيرتش تايمز" في تقرير لها إن الشرطة الجنوب أفريقية تمكنت من اكتشاف أكبر مركز طبي في البلاد في مجال تجارة الأعضاء، والذي يتعاون مع شبكة إسرائيلية، حيث اتُهم مركز Net Care في جنوب إفريقيا ومديره ببيع الأعضاء لأثرياء إسرائيليين.
أو يمكن أن نذكر على سبيل المثال كشف مكتب مفوضية العدل التابعة للاتحاد الأوروبي عن دور الإسرائيلي "موشيه هاريل" في الاتجار بأعضاء الجسم البشري، حيث كان "موشيه هاريل" وشريكه مطلوبين للشرطة الدولية.
وفي حالة أخرى، أفادت وسائل إعلام عربية بأنه بعد مهاجمة مناطق في العراق وسوريا وتواجدها فيها، بالإضافة إلى ذبح الناس، يقوم تنظيم "داعش" باختطاف أطفال دون سن الثالثة وبيعهم لعائلات ليس لديها أطفال في "إسرائيل" بوساطة المافيا التركية، حيث اعتادت هذه الدولة على تهريب الأطفال، وبعد سرقتهم من مناطق مختلفة من البلاد، تم تسليم هؤلاء الأطفال في سوريا إلى المافيا التركية، ومن ثم بيعهم للمافيا الإسرائيلية بثمن باهظ جداً ونقلهم إلى تل أبيب.
ولا يمكن اعتبار هذه الحالات إلا صفحة صغيرة من الكم الهائل من الوثائق والأدلة الموضوعية التي تشير بوضوح إلى تورط الكيان الصهيوني في سرقة الأعضاء والاتجار بها.
هذه هي الإجراءات التي حولت الكيان الصهيوني إلى أكبر مركز لتجارة الأعضاء البشرية والاتجار بها، ووضعت هذا الكيان على رأس قائمة وكلاء بيع وشراء أعضاء الجسم البشري، وفي هذا الصدد، ينتهك الكيان الصهيوني المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة بأعماله الإجرامية في سرقة جثث الفلسطينيين، والتي تنص على ضرورة منع سرقة الجثث وتقطيعها في أي حرب يقوم بها الطرفان المتحاربان.