الوقت- في بداية الحرب مع قطاع غزة، أعلنت "إسرائيل" أن هدفها الأهم هو تدمير حماس وأنفاق هذه الحركة، لكن الآن وبعد مرور 95 يوما على عملية اقتحام الأقصى، لم يحقق نتنياهو الكثير فيما يتعلق باكتشاف أنفاق المقاومة، وعندما تم اكتشاف أحد الأنفاق، أعلنت حماس أن هذا النفق قد انتهى وقت استخدامه."
حللت مجلة فورين بوليسي، في تقرير لها، الجوانب المختلفة للحرب التي يشنها الكيان المحتل على قدرات حركة حماس في مجال شبكة الأنفاق المتطورة لهذه الحركة؛ الأنفاق التي وجهت حتى الآن ضربات قاصمة ل"إسرائيل" في ساحات القتال بغزة، تشكل بالطبع أحد أهم الاستراتيجيات العسكرية والدفاعية لحماس.
وكتبت مجلة "فورين بوليسي" في تقريرها: "بعد مرور 10 أسابيع على بدء الهجوم البري للجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، زعمت قوات جيش تل أبيب أنها اكتشفت وحددت سلسلة من الأنفاق تحت الأرض تابعة لحركة حماس؛ وينبغي اعتبار الأنفاق جزءًا من شبكة واسعة من المرافق تحت الأرض التي بنتها حماس على مدى العقدين الماضيين.
وتشكل شبكة أنفاق حماس، التي تستخدمها قوات هذه الحركة للتمويه والتخطيط لعملياتها وتخزين الأسلحة وتنفيذ الكمائن ضد الجنود الإسرائيليين، جزءا مهما من البنية التحتية العسكرية لحماس. خلال حرب غزة، وأصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن شبكة أنفاق حماس هي إحدى نقاط الضعف الرئيسية في الجيش الإسرائيلي.
ولذلك، اعتبر الجيش الإسرائيلي تدمير شبكة أنفاق حماس إحدى أولوياته الرئيسية في حرب غزة؛ الأنفاق التي تعتقد "إسرائيل" أنها لعبت دورا موضوعيا وجديا في تحقيق عملية 7 تشرين الأول (طوفان الأقصى)، لكن النقطة المهمة والأساسية هي أن عملية تحديد وتدمير شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لحركة حماس بطيئة وضعيفة للغاية، لذلك، مع بداية العام الجديد، بدأ العديد من الاستراتيجيين والمحللين العسكريين، مع التركيز على حرب غزة، يثيرون سؤالاً رئيسياً ومهماً: ما مدى اقتراب "إسرائيل" من تدمير شبكة أنفاق حماس تحت الأرض، وكم من الوقت سيستغرق الجيش الإسرائيلي للتغلب على هذا التهديد؟ لقد كانت حرب الأنفاق دائمًا واحدة من أكثر أشكال الحرب فتكًا وتعقيدًا.
خلال الحرب العالمية الأولى، فقد الآلاف من الجنود البريطانيين حياتهم أثناء تكليفهم بتدمير المنشآت الألمانية تحت الأرض، وبعد سنوات، واجه الأمريكيون أيضًا تحديات مماثلة في شكل حروب في فيتنام وأفغانستان والعراق، وتستخدم الجيوش التي تواجه تهديدات تحت الأرض بشكل أساسي أقوى أسلحتها وتستخدمها مثل قاذفات القنابل B-52، وأسلحة قاذفات اللهب، والأسلحة الحرارية، وقنابل اختراق الصخور، والصواريخ الموجهة والدقيقة، وذلك على الرغم من أنه في كثير من الحالات، حتى باستخدام هذه الأسلحة، لم يمكنها هزيمة العدو الذي يستخدم الكهوف أو الأنفاق أو غيرها من المنشآت التي يصنعها الإنسان في أعماق الأرض.
وتواجه "إسرائيل" أيضًا حقائق صعبة في المعركة ضد شبكة أنفاق حماس تحت الأرض، وفي عام 2014، أدركت "إسرائيل"، التي حددت جزئيًا بعض أنفاق حماس في مناطقها الحدودية، التهديد الخطير الذي تشكله، وكانت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في عام 2014 هي الحرب الأولى في القرن الحادي والعشرين التي أصبحت فيها الأنفاق تحت الأرض النقطة المحورية للعمليات العسكرية.
في ذلك الوقت، أدركت "إسرائيل" تمامًا أن شبكة أنفاق حماس يمكن أن تساعد هذه الحركة في أسر جنود إسرائيليين، والتغلغل في عمق "إسرائيل"، وتنفيذ عمليات قاتلة ضد الإسرائيليين، ومع ذلك، في تلك الفترة، كان التركيز الإسرائيلي الأساسي على الأنفاق الحدودية لحركة حماس، ولم تهتم كثيرًا بشبكة الأنفاق الواسعة والمتقدمة لحركة حماس في قطاع غزة.
وبعد حرب 2014 بين "إسرائيل" وحماس، تعامل الجيش الإسرائيلي مع مسألة حرب الأنفاق مع حماس بطريقة أكثر خصوصية وخصص قوات خاصة لهذه القضية، وهبت لمساعدتهم القوات التي تلقت تدريبًا عسكريًا مناسبًا وتقنيات متقدمة لأجل حرب الأنفاق، وفي الحرب الحالية رأينا ونشهد دخول القوات الإسرائيلية الحرب ضد أنفاق حماس بأحدث المعدات الممكنة.
ومع ذلك، حتى الآن، لم تتوقف حماس عن تطوير شبكة أنفاقها، ولم يتراجع تهديد أنفاق حماس ضد "إسرائيل"، وفي هذا الصدد، واستنادا إلى ما ورد على شكل تقارير مختلفة من ساحات القتال في غزة، فإن القوات الخاصة الإسرائيلية، التي تلقت الكثير من التدريب على حرب الأنفاق، قد تكبدت حتى الآن الكثير من الأضرار والإصابات في القطاع، وهذا النوع وهذا الشكل من الحرب هو في الواقع بالنسبة لهم، كان دموياً، وفي غضون ذلك، نُشرت أيضًا تقارير مختلفة تشير إلى مفاجأة القوات الإسرائيلية في شبكة أنفاق حماس.
وبطبيعة الحال، قالت القوات الإسرائيلية إن الأنفاق التي تستخدمها حماس الآن في قطاع غزة أصبحت أعمق وأقوى مقارنة بالماضي، وهو أمر يدل على أن حماس تستخدم معدات متطورة لحفر مثل هذه الأنفاق، وقد حسنت بالفعل قدراتها في هذا المجال بعدة خطوات، إن اعتماد حماس المتزايد على شبكة أنفاقها، وبالطبع تحركاتها واسعة النطاق لبناء وتطوير هذه الأنفاق، كان بمثابة إنجاز لهذه الحركة.
لم يسبق في تاريخ حروب الأنفاق، كما شهدنا عن حركة حماس، أن تمكن ناشط مدافع مثل حركة حماس من العمل والبقاء لفترة طويلة في منشآتها تحت الأرض؛ معادلة تعلن عن تحقيق قضية غير مسبوقة بالنسبة لحماس.
وقال الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً إنه شاهد حفراً في قطاع غزة مرتبطة فعلياً بشبكة أنفاق حماس، والتي تسمح لقوات هذه الحركة بمهاجمة القوات الإسرائيلية بالرشاشات والصواريخ وتختفي خلال ثوانٍ، وفي هذا الصدد، بذل الجيش الإسرائيلي جهودًا عديدة لاكتشاف خريطة شبكة أنفاق حماس، و لقد حاولوا استخدام طائرات دون طيار أو الروبوتات للتسلل إلى أنفاق حماس.
وتعلم "إسرائيل" جيداً أنها تواجه سيلاً من التفخيخات المتفجرة في قطاع غزة، وأخطاؤها يمكن أن تسبب خسائر فادحة في حرب غزة، مثل الحروب الأخرى التي تنطوي على أنفاق تحت الأرض، فإن وجود الأنفاق يضعف إلى حد كبير ادعاء النصر للجانب الذي يطالب به (في مثال حرب غزة، تستمر إسرائيل في ادعاء النصر في هذه الحرب) كما أنها وبالطبع، ألحقت الكثير من الأضرار بالقوات المهاجمة.
وفي هذا السياق، أصبح الجيش الإسرائيلي الآن، أكثر من أي وقت مضى، يعتقد أنه ليس في وضع يسمح له باكتشاف شبكة أنفاق حماس أو فهم خطتها الكاملة، ويعتقد الخبراء أنه لكي تنتصر "إسرائيل" في حرب الأنفاق ضد حماس، يجب على هذا الكيان أن يدمر على الأقل ثلثي البنية التحتية تحت الأرض لحركة حماس، وفي الآونة الأخيرة، تحدث الجيش الإسرائيلي عن ضخ المياه إلى أنفاق حماس تحت الأرض، ومع ذلك، لم يتم تحقيق الكثير، على الأقل في الطريقة التي يضخ بها الجيش الإسرائيلي المياه حتى الآن.
يكون هذا الإجراء مفيدًا عند ملاحظة 3 مكونات فيه: يتم حقن الماء ذي الضغط العالي والحجم الكبير أفقيًا في الأنفاق، وتجدر الإشارة إلى أن ضخ المياه إلى أنفاق حماس لا يظهر بالضرورة حلا مفيدا لتحييد أو تدمير شبكة الأنفاق التابعة لهذه الحركة، فبعض أنفاق حماس بعيدة عن الساحل، وفي الوقت نفسه لا تكون شبكة أنفاق حماس متصلة بالضرورة، وفي بعض الأحيان تكون أنفاق هذه الحركة منفصلة عن بعضها البعض.