الوقت- جاء في مقال في صحيفة الإيكونوميست: في أوائل عام 2023، تحدث أحد دبلوماسيي دول مجلس التعاون الخليجي عن توقعاته لمستقبل منطقة الشرق الأوسط في مقابلة مع الإيكونوميست، وقال، بما أن منطقة الشرق الأوسط سئمت النزاعات والصراعات الطويلة، وأدرك الأعداء القدامى في المنطقة أن إحلال السلام يجلب لهم فوائد، فإن خفض التصعيد سيكون بلا شك على أجندة دول المنطقة، والشرق الأوسط، ونحن على وشك تغيير كبير ومصيري، والآن، بعد مرور عشرة أشهر على تلك المقابلة، يبدو أن الجزء الأخير على الأقل من كلام هذا الدبلوماسي العربي قد تحقق، إن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما تلا ذلك من بداية الحرب الإسرائيلية ضد غزة، ينبغي اعتباره الصراع الأكثر دموية بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ عام 1948.
قبل هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، كانت "إسرائيل" فخورة بتطبيع ودفء علاقاتها مع بعض دول المنطقة، لكن دول العالم العربي الآن غاضبة للغاية من الأعمال العسكرية الإسرائيلية ضد غزة، وهذا النظام أصبح معزولاً مرة أخرى، ومرفوضاً في السياسة الدولية.
وقد ألقت الحرب في غزة بظلالها حتى على النقل البحري في المياه الدولية، ويمكن أن تقلل من فرص فوز جو بايدن في انتخابات 2024 مرة أخرى، الأمر المؤكد هو أن الصراع بين "إسرائيل" والفلسطينيين، والذي كان من المعتقد أنه قد هدأ قبل الحرب، قد هز العالم الآن؛ ولكن يبدو أن نيران هذه الحرب قد وصلت إلى الشرق الأوسط.
قبل بدء حرب غزة، كان الدبلوماسيون يتنقلون باستمرار بين الأراضي المحتلة والعواصم العربية، ومع ذلك، فإن بعض الجهات الفاعلة غير الحكومية المدعومة من إيران والجماعات القوية في المنطقة التي لا تملك الحكومات سيطرة كبيرة عليها، نظمت أعمالاً لدعم شعب غزة وضد "إسرائيل" خلال هذه الفترة، وفي اليمن، أغلقت قوات أنصار الله طريق مئات سفن الشحن في البحر الأحمر وأجبرتها على تغيير مسارها، وتسببت الهجمات اليومية لحزب الله اللبناني في وضع آلاف الجنود الإسرائيليين في حالة تأهب على طول حدود "إسرائيل" ولبنان، ويمكن رؤية مدى قوة ونفوذ القوى غير الحكومية بوضوح في التصريحات الأخيرة لنجيب ميقاتي، رئيس وزراء لبنان، والذي اعترف علناً بأن القرار بشأن ما إذا كانت بلاده ستخوض حرباً مع "إسرائيل" أم لا ليس في سلطته، وأن حزب الله هو الذي يتخذ قراراً في هذا الصدد.
ولم تقم البحرين والإمارات العربية المتحدة، الدولتان اللتان تربطهما علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل"، بإجراء أي تغييرات في علاقاتهما مع "إسرائيل" ردا على حرب غزة، وتعد الإمارات من الدول القليلة التي لم توقف رحلات الطيران الحكومية إلى تل أبيب منذ بداية الحرب، ولا تزال المملكة العربية السعودية حريصة على تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يحدث ذلك في أي وقت قريب.
وحسب تقرير الدبلوماسية الإيرانية، فقد تم التأكيد في نهاية تحليل مجلة الإيكونوميست على أن حلم إنشاء "شرق أوسط جديد" قد دمرته حرب غزة، ومن الواضح أن الحرب الحالية لن تؤدي إلا إلى تفاقم الخلافات عميقة الجذور في الأراضي المحتلة، حيث تظهر نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد أبحاث فلسطيني بارز أن 72% من المستطلعين في الضفة الغربية وقطاع غزة يعتقدون أن قرار حماس بمهاجمة جنوب "إسرائيل" (عملية طوفان الأقصى) كان صحيحاً، وفي استطلاع آخر أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي، يعتقد حوالي 52% من الإسرائيليين أنه لا ينبغي للحكومة أن تسعى إلى حل الدولتين بعد نهاية الحرب، ما زال من السابق لأوانه التنبؤ بالحرب في غزة، التأثير الوحيد الملموس لهذه الحرب حتى الآن هو أنها من خلال الكشف عن المشاكل القديمة التي لم يتم حلها في المنطقة، دمرت بالكامل إمكانية تحقيق هدف "الشرق الأوسط الجديد".