الوقت- هزّ دوي انفجار ضخم، مساء الثلاثاء، سكان الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وبعد ذلك بقليل، تبين أن هذا الانفجار له علاقة بعملية اغتيال مجموعة من أبرز قادة المقاومة الفلسطينية، ونجاح الإرهابيين في اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وبدا هذا الخبر وكأنه قنبلة في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية.
لا شك أن هذا الحدث في خضم الحرب في غزة له أهمية وتأثيرات مختلفة، ويثير تساؤلات مهمة حول عواقبه على الحرب الحالية في غزة والاستقرار الإقليمي.
ولذلك، ومن أجل إيضاح أبعاد هذا الاغتيال، تحدث "الوقت" مع السيد هادي سيد أفقهي، الخبير في شؤون غرب آسيا والقضية الفلسطينية.
الوقت: ما هي أهداف الکيان الصهيوني من اغتيال السيد العاروري؟ وما هو دوره وموقعه في حرکة حماس؟
السيد هادي أفقهي: من الواضح جداً أنه بعد نحو ثلاثة أشهر من عملية طوفان الأقصى، والمساعي اليائسة التي يبذلها الکيان الصهيوني لتحقيق الأهداف المعلنة، مثل قضية عودة الأسرى، ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وطرد أهل غزة، لم يتحقق أي من هذه الأهداف، بل زادت إحصائيات تدمير الآليات العسكرية والخسائر البشرية للکيان الصهيوني، ولذلك، بعد هذه الهزيمة، لجأ الصهاينة إلى تنفيذ الخطة "ب"، وهي توسيع حرب إقليمية.
في معادلة الحرب الإقليمية، من المؤكد أن هناك تغييرات، والهدف هو جرّ إيران إلى الصراع، بعد استشهاد السيد رضى موسوي، لم تلعب الجمهورية الإسلامية في ملعب الصهاينة، وكما أعلن اللواء قاآني "سيتلقون بالتأكيد رداً ذكياً، وننتقم من العدو".
والآن، بعد أن يئس الصهاينة من تحقيق الأهداف، حاولوا اغتيال القادة العسكريين والسياسيين لحركة حماس والسيد العاروري، الذي كان القائد العام لحركة حماس في الجانب الأمني والعسكري، وهو مصمم ومهندس عملية طوفان الأقصى، ومهندس ومصمم تسليح الضفة الغربية، وفي وقت سابق، أعلن نتنياهو أن العاروري هو أحد أهداف اغتيالنا.
ولذلك، بعد فشل العملية البرية في غزة، يسعى الکيان الصهيوني الآن إلى توسيع نطاق الحرب على المستوى الإقليمي، وجرّ أقدام حزب الله وإيران والولايات المتحدة على الحرب على نطاق واسع.
لأن حزب الله تابع الحرب بطريقة منظمة، واقتصرت عملياته على الحدود بين شمال فلسطين وجنوب لبنان، وقدّم بالطبع أكثر من 125 شهيداً دفاعاً عن المقاومة الفلسطينية.
ولكن بهذه الضربة، مع الأخذ في الاعتبار أن السيد حسن نصر الله كان قد حذّر من أن أي هجوم إرهابي على الأراضي اللبنانية، سواء استهدف لبنانياً أو فلسطينياً أو غير فلسطيني، سيقابل حتماً برد فعل المقاومة الإسلامية في لبنان، ورد حزب الله مؤكد.
وكان من المفترض أن يلقي السيد حسن نصر الله، اليوم الأربعاء، كلمةً بعد لقائه الشهيد العاروري، إلا أن الکلمة أرجئت إلى الجمعة لمعرفة ما سيكون عليه الموقف والتكتيك الجديد لحماس داخل فلسطين، وحزب الله في لبنان، ولا سيما أن هذا الاغتيال يشكل نوعاً من التحدي لحزب الله في عاصمة المقاومة في الضاحية الجنوبية.
الوقت: ما هي توقعاتكم لردة الفعل هذه والانتقام المحتمل للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية؟
السيد هادي أفقهي: من المؤكد أن رد الفعل يجب أن يكون محسوباً جداً، ولا ينبغي إعطاء نتنياهو الفرصة والمجال لإضفاء الطابع الإقليمي على الحرب، وجرّ أقدام أمريكا وإيران إلى هذه الحرب.
كانت هذه رغبة نتنياهو وهدفه الرئيسي بعد الهزيمة المشينة في حرب غزة، وخاصةً الدخول في العملية البرية وتدمير الآليات العسكرية وارتفاع عدد قتلی المعتدين الصهاينة، وأتوقع أن الرد سيكون حتماً رداً مؤلماً وفعالاً، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي أن يُمنح نتنياهو وعصابته من المجرمين وقتلة الأطفال هذه الفرصة، لجر أمريكا إلى الصراع.
وإذا حدث ذلك ونجح نتنياهو، فمن المؤكد أن المنطقة كلها ستدخل في حرب، ولن تكون أي دولة في المنطقة بمنأى عن شظايا هذه الحرب.
الوقت: حسب وصفكم للموقع الأساسي للشهيد العاروري في البنية السياسية والأمنية لحركة حماس، هل سيؤدي اغتيال الشهيد العاروري إلى إضعاف حماس بشكل عام، أو موقع المقاومة في حرب غزة بشكل خاص أم لا؟
السيد هادي أفقهي: کلا، هذا لن يحدث بالتأكيد، عندما اغتيل واستشهد الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس، تولى السيد عبد العزيز الرنتيسي قيادة حماس، وأصبحت هذه الحرکة أكبر.
وعندما اعتقل الکيان الصهيوني وقتل فتحي الشقاقي، مؤسس الجهاد الإسلامي، أصبح الجهاد الإسلامي أكبر، واليوم، الجهاد الإسلامي ليس أقل من حماس، وهکذا عندما اغتال الکيان الصهيوني السيد عباس الموسوي، حيث لم يعد حزب الله اليوم قوةً داخل لبنان فحسب، بل أصبح قوةً إقليميةً.
وبعد استشهاد اللواء سليماني وأبو مهدي المهندس على يد ترامب الإرهابي، أصبح محور المقاومة أقوى، وتزايدت إنجازات محور المقاومة وانتصاراته، وتزايدت الهجمات والضربات على المصالح الأمريكية والكيان الصهيوني، وألحقت هزائم متتالية بأمريكا في المنطقة وبالكيان الصهيوني في المعارك الأخيرة، وخاصةً في معرکة سيف القدس وثأر الأحرار.
ولذلك، لحسن الحظ، تم تصميم المنظمة بحيث يعلم الأشخاص أنه مهما يلعبون دورًا مركزيًا وأساسيًا ويقومون بمهام مهمة، ولكن العدو مصاص دماء ومجهز بأحدث أدوات التجسس والاختراق والتنصت والأسلحة الحربية، وهناك احتمال القيام باغتيال أي من هؤلاء القادة في أي لحظة.
ونرى أنه بعد استشهاد اللواء سليماني وأبو مهدي المهندس، يواصل خلفاؤهما الأهداف نفسها بالشجاعة والإصرار والعزيمة، وقد أثبتت التجربة أنه مع الإبعاد الجسدي للأشخاص، سيستمر طريقهم وسيتحقق الهدف بطريقة أكثر إصرارًا وشجاعةً.
لذلك، بعد مرور أربع سنوات على استشهاد اللواء سليماني، انظروا كيف تلهم دماء الشهيد سليماني الناس كل عام، وحتى في بعض العواصم الأوروبية، وفي التجمعات المناصرة لفلسطين، شوهدت صور الشهيد سليماني بجانب العلم الفلسطيني علي أيدي الناس.
الوقت: جاء هذا الاغتيال بعد الاجتماع المشترك لقادة حماس في غرفة عمليات المقاومة الفلسطينية في لبنان، هل سيؤثر هذا الاغتيال على إدارة مسرح الحرب من غرفة العمليات هذه؟
السيد هادي أفقهي: إن غرفة الحرب أو غرفة العمليات المشتركة لمحور المقاومة، لن تحل أو تتأخر في أداء المهام باغتيال السيد العاروري.