الوقت- بينما تتزايد الخسائر العسكرية والاقتصادية التي تكبدتها "إسرائيل" نتيجة للحرب في غزة، فإن الخلافات داخل حكومة نتنياهو تزداد حدة، وحسب بعض وسائل الاعلام، فقد نقلت إذاعة فرنسا عن وسائل إعلام صهيونية؛ في الأيام التي كان فيها عدد القتلى من العسكريين الإسرائيليين يتزايد، وخلال اجتماع الأحد الماضي للحكومة الإسرائيلية، دار نقاش ساخن بين رئيس الوزراء وبعض أعضاء حكومته، وقال نتنياهو في بداية اللقاء، في إشارة إلى مقتل 14 جنديا إسرائيليا خلال يومين: "لقد مررنا بأيام صعبة في معركة غزة، وأضاف "الحرب باهظة الثمن بالنسبة لنا، لكن ليس أمامنا خيار سوى الاستمرار فيها حتى النصر".
وحسب نتنياهو فإن النصر سيتحقق عندما "يتم تدمير حماس، ويعود الرهائن إلى ديارهم، ولا تعود غزة تشكل تهديدا لإسرائيل"، لكن نير بركات، وزير الاقتصاد الإسرائيلي، أعرب عن قلقه قائلاً: "إننا نخاطر بجنودنا من أجل لا شيء"، وانتقد أسلوب الحرب الحالي وقال: "الصفة الأساسية للقيادة هي تحمل الضغوط، لكن للأسف الحكومة الحالية لا تقاوم"، وحسب وزير الاقتصاد، فإن الضغط الدولي على "إسرائيل" لوقف القتل في غزة لا ينبغي أن يكون له أي تأثير على تقدم الحرب، وأضاف: "لا يمكن لأي معيار أخلاقي مفترض أن يبرر المخاطرة بحياة الجنود"، "هذا النوع من السلوك الحربي غير مسؤول."
وقال الجنرال اليعازر توليدانو، الذي مثل هيئة الأركان العامة للجيش في اجتماع مجلس الوزراء، إن "هذه الحرب ستستمر لعدة أشهر"، ولذلك سيكون من الحكمة لإسرائيل أن "تستهلك ذخائرها بحذر". كما أكد بنيامين نتنياهو أن الحرب طويلة، وتجدر الإشارة إلى أنه بينما كانت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية قد تحدثت أمس عن أزمة الانتحار بين جنود إسرائيليين، أكدت القناة 12 الصهيونية أن الجيش الإسرائيلي لم يقترب بعد من تقليص قوة حماس، كما ذكرت صحيفة معاريف أن النائب السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي هاجم نتنياهو وقال: "من المستحيل مواصلة الحرب مع حكومة غير قادرة على تحديد أهداف الحرب"، وفي الوقت نفسه، تقول هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن "إسرائيل" عالقة في مستنقع لا مخرج له؛ ولم يحققوا شيئاً في هذه الحرب، وحتى الآن انتصرت حماس في هذه الحرب.
وفي الشهرين الأخيرين من حرب غزة، قصف الصهاينة هذا القطاع من البر والجو والبحر المحاصر وقتلوا أكثر من 20 ألفاً من الأبرياء، وخاصة الأطفال، ودمروا بنيته التحتية الصحية وفرضوا حصارا شاملا على المدنيين، إن الرأي العام الغربي غاضب للغاية بشأن هذه القضية، وكل يوم تقام احتجاجات واسعة النطاق في أوروبا وأمريكا ضد جرائم المحتلين، وقد أدت هذه القضية إلى تفاقم الفجوة بين الشعوب والحكومات.
وكان لهذه الاحتجاجات آثار سياسية كبيرة، واضطر القادة الأوروبيون الآن إلى تغيير لهجتهم إلى حد ما فيما يتعلق بالتطورات في غزة، مثلما رأينا ضغوط الرأي العام في إقالة وزير الداخلية البريطاني الذي أيد علناً جرائم الكيان الصهيوني.
إن الموجة التي بدأت الآن في الغرب لدعم فلسطين سوف تستمر في زيادة الصعوبات التي تواجهها الحكومات الأوروبية، لأن الرأي العام الأوروبي يكره الحكومات التي تتبع سياسات الولايات المتحدة والقوى الأخرى مثل فرنسا وألمانيا، وهذا أمر مقلق للأحزاب الحاكمة، لأنه في المستقبل في الانتخابات البرلمانية، يجب أن يستمروا في السلطة بأصوات الأشخاص نفسهم، وبسبب الثغرات التي ظهرت، يشكك الخبراء في فوز القادة الحاليين في الانتخابات المقبلة.
وعلى الرغم من أن حلف شمال الأطلسي كان أكبر تحالف عسكري في العالم منذ إنشائه في عام 1949، وانضمت إليه دول جديدة لتعزيز قوتها والتحرك ضد أعداء موحدين، فقد ظهرت في السنوات الأخيرة دلائل تشير إلى حدوث انقسام في هذا الحلف، ورغم أنه في حالة الأزمة الأوكرانية والتعامل مع التهديدات الروسية، كان لأعضاء الناتو الموقف نفسه إلى حد كبير وقدموا دعمًا عسكريًا وماليًا واسع النطاق لكييف، لكن بعض الدول مثل المجر وتركيا عارضت بشدة سياسات الناتو العقابية ضد روسيا، والتي أظهرت أن الناتو لا يبدو موحدًا ومتماسكًا كما كان من قبل.
وحتى اليوم، في حرب غزة، تظهر هذه الانقسامات نفسها، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تحاول إجبار جميع حلفائها على دعم الكيان الصهيوني، فإن موقف حكومتي إسبانيا والنرويج في الدفاع عن الأمة الفلسطينية واتخاذ قرار بالإجماع نحو التحرك للاعتراف بالدولة الفلسطينية هو نوع من الإهانة لقادة الناتو لأنهم غير مستعدين للوقوف إلى جانب الغزاة وهذا الإجراء غير المسبوق سيعمق الانقسام في حلف الناتو.