الوقت- حسب تقديرات إحدى الصحف الأمريكية، فإن عدد سكان قطاع غزة الذين استشهدوا خلال حرب الأسابيع العشرة الأخيرة التي شنها الكيان الصهيوني ضد هذه المنطقة، يفوق عدد القتلى في أي حرب أخرى مع هذا الكيان في عام وقد تجاوز ما حدث في الأربعين عامًا الماضية، وربما منذ إنشاء هذا الكيان عام 1948، حتى الآن.
وحسب صحيفة إسنا، كتبت صحيفة نيويورك تايمز أن عدد الشهداء في الحرب الأخيرة مع الكيان الصهيوني، والتي بدأت بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، يفوق عدد القتلى في أي حرب عربية أخرى مع هذا الكيان في الأربعين سنة الماضية، وربما كان ذلك منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948.
وتشير صحيفة نيويورك تايمز في هذا التقرير إلى الإحصائيات التي نشرتها وزارة الصحة في قطاع غزة الخميس الماضي، والتي أعلنت أن شهداء الحرب الأخيرة بين قطاع غزة والكيان الصهيوني تجاوزت 20 ألف شهيد للمرة الأولى، وكتبت أن عدد هؤلاء الشهداء أصبح الآن أعلى من عدد الشهداء الذي سببه الهجوم الصهيوني عام 1982 كما زاد على لبنان.
وتابعت هذه الصحيفة الأمريكية: "لقد أعلنت سلطات قطاع غزة أن إحصاء القتلى أصبح أكثر صعوبة، ويقول معظم الخبراء إن العدد المعلن أقل من العدد الحقيقي ويعربون عن استغرابهم من العدد الهائل للقتلى".
وقال بعض الخبراء العسكريين إن الحرب تسببت في مقتل عدد أكبر من الأشخاص بمعدل أسرع من بعض المراحل الأكثر دموية في الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
وقال عزمي كيشافي، محلل شؤون غزة في مجموعة الأزمات الدولية، إنه "وجد هذه الحرب أكثر فظاعة من أي حرب أخرى شهدها من قبل".
وذكر أنه فر مع عائلته من منزله شمال قطاع غزة، وتم نقله ست مرات حتى الآن وإنهم يعيشون الآن في خيمة بالقرب من ملجأ للأمم المتحدة في مدينة رفح.
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز: "إن ارتفاع عدد القتلى في غزة يظهر مدى استخدام إسرائيل المكثف لآلاف الغارات الجوية والقنابل الثقيلة والمدفعية لمهاجمة هذه المنطقة الصغيرة المكتظة بالسكان والتي لا يستطيع المدنيون الهروب منها.
وأعلنت "إسرائيل" أن حماس قامت ببناء شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض لحماية قواتها وأسلحتها، ويُعتقد أن الحرب الأخيرة بين "إسرائيل" وحماس هي الحرب الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ 75 عامًا منذ تأسيس "إسرائيل".
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد قُتل 15 ألف فلسطيني خلال حرب تأسيس "إسرائيل" عام 1948.
إن قتلى الحرب الحالية على غزة، إذا كانت الأرقام دقيقة، أعلى من الأرقام الأكثر اقتباسا والمتعلقة بقتلى الأشهر الثلاثة الأولى من الهجوم الإسرائيلي على لبنان عام 1982، لكن بعض الباحثين يقولون إن العدد الفعلي للقتلى في الحرب المذكورة في لبنان قد لا يتم تحديده أبدا بسبب ظاهرة غبار الحرب ورغم مرور أربعة عقود على ذلك، وهذا هو الحال أيضا مع الحرب الحالية في غزة. قامت صحيفة النهار، التي كانت تعتبر من أكثر الصحف الموثوقة في العالم العربي وقت الهجوم على لبنان، بتحليل وثائق المستشفى والشرطة التي جمعتها، وذكرت أن عدد القتلى في هجوم عام 1982 على لبنان بلغ 17825 شخصًا، لكن هذه الصحيفة ذكرت أن هذه الإحصائية ربما لا تمثل الرقم الحقيقي، في حين كتبت صحيفة نيويورك تايمز عام 1982 أنه من المستحيل عمليا تسجيل عدد القتلى بدقة في لبنان.
وخلال حرب الشرق الأوسط عام 1967، قُتل في الحرب مع "إسرائيل"، حسب تقديرات وكالة أسوشيتد برس، نحو 19 ألف مصري وسوري وآخرين، كما قُتل رقم مماثل يتكون بشكل رئيسي من السوريين والمصريين خلال حرب 1973، وكما هو الحال في حربي غزة ولبنان، فإن العدد الدقيق للضحايا في هذه الحروب غير معروف، ولكن يعتقد أن معظم هذه الوفيات كانت بسبب القوات المتحاربة، بل على العكس من ذلك، فقد أعلنت هذه المرة وزارة الصحة في غزة، التابعة للحكومة التي تقودها حماس، أن النساء والأطفال يشكلون نحو 70% من الذين قتلوا في الحرب الأخيرة، وأعلنت الوزارة، الخميس الماضي، أن عدد القتلى وصل إلى 20057 شخصا، لكن سلطات غزة لم تعلن قط عن عدد القتلى الذين تسببت بهم القوات المقاتلة.
وتابعت نيويورك تايمز: "من المتوقع أن يرتفع عدد القتلى بشكل كبير عندما يتمكن الفلسطينيون من رفع أنقاض الدمار الهائل الذي سببته الحرب، وقال متحدث باسم حكومة غزة يوم الأربعاء إنه بالإضافة إلى القتلى هناك 6700 شخص في عداد المفقودين ويعتقد أن الكثير منهم تحت الأنقاض، وقال عمر شاكر، مدير قسم "إسرائيل" وفلسطين في هيومن رايتس ووتش: "من المرجح أن يكون العديد ممن يختبئون تحت الأنقاض قد قتلوا"، وأضاف إنه لهذا السبب من المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا حتى لو توقف القصف اليوم، ولم تتمكن أي منظمة مستقلة حتى الآن من التحقق من الخسائر البشرية في قطاع غزة بسبب صعوبة إجراء العمليات في هذه المنطقة.
ومن ناحية أخرى، ومع استمرار هذه الحرب، يصبح من الصعب جمع الإحصائيات وأرقام الضحايا، وقالت السلطات في غزة إن وزارة الصحة في غزة تحصل على البيانات المتعلقة بالموتى باستخدام وثائق المستشفيات والمشارح، ومع ذلك، في الأسابيع الأخيرة، تقدم المكتب الإعلامي لحكومة غزة لجمع الإحصائيات بعد قصف مرافق وزارة الصحة وتوقف 27 مستشفى من أصل 36 مستشفى في غزة عن العمل نتيجة الغارات الجوية.
إن الانقطاع المتكرر للاتصالات السلكية واللاسلكية بسبب الهجمات الإسرائيلية على أبراج الاتصالات السلكية واللاسلكية، وسيطرة السجناء على خطوط الاتصالات السلكية واللاسلكية، ونقص الوقود، جعل من الصعب للغاية جمع المعلومات.
وقال محمود الفرا، المتحدث باسم المكتب الإعلامي لحكومة غزة، إن القائمين على جمع البيانات يجب أن يستخدموا معظم المرافق المتاحة خلال الحرب، وأضاف: من الصعب إحصاؤهم لأن عدد الشهداء كبير، وأكدت المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وكذلك دراسة أجرتها مجلة لانسيت الطبية البريطانية نشرت هذا الشهر، أن الإحصائيات والتحديثات التي نشرتها وزارة الصحة في غزة طوال الحرب موثوقة بشكل عام.