الوقت- بوضوح، عبرت جمعية "الوفاق" عن استيائها إزاء انضمام حكومة البحرين إلى "تحالف من أجل حماية مصالح دولة الكيان الصهيوني في البحر الأحمر"، وفي بيان أصدرته يوم الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون أول 2023، وصفت "الوفاق" هذه الخطوة بأنها "عمل من أعمال الحرب العدائية لفلسطين والأمتين العربية والإسلامية"، مؤكدة أن ذلك يجعل البحرين شريكة مباشرة في "دماء الفلسطينيين التي تسفك كل يوم"، وأشارت الجمعية إلى أن قرار حكومة البحرين يعتبر "مغامرة متهورة غير محسوبة العواقب"، مستنكرة استمرارها في التحالف العدواني الذي يفتقر إلى المشروعية الشعبية والقانونية والوطنية، وأكدت أن هذا الانضمام يضع البحرين في خانة "أعداء القضية المركزية للأمة"، معتبرة أنها بذلك تجد نفسها في حالة حرب مع كل الأمة العربية والإسلامية، وفي ختام البيان، دعت "الوفاق" حكومة البحرين إلى "الانسحاب الفوري من هذا التحالف".
خيانة تتعارض مع القيم
بكل صراحة تحدثت الجمعية المعارضة بقولها: "منذ فترة طويلة، حذّرنا من خطورة التطبيع بوصفه "خيانة" تتعارض مع قيمنا العربية والإسلامية، واليوم، نرى أن اتفاق التطبيع، الذي لم يمر بأربع سنوات حتى الآن، يقود حكومة البحرين نحو مستنقع خيانة أكبر"، وأكدت الجمعية أن "شعب البحرين يواجه، في هذا السياق التاريخي، كل ما يسهم في الحرب الجنونية والوحشية ضد غزة، وكل ما يعارض إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك عاصمتها القدس الشريفة"، وشددت الجمعية على أن "خروج السلطة عن الإجماع الشعبي والعربي والإسلامي يعد فقدانًا لكل مقوماتها، ويمثل انعزالًا عن الإنسانية وعن الوطن البحرين الذي لا يمكن أبدًا أن يكون جزءًا من اتفاقيات تستند إلى التجويع والقتل والإبادة والوحشية والاحتلال.
جمعية "الوفاق"، أكدت على أن نضال الشعب البحريني ضد الاتفاقية الإجرامية، التي اعتبرت أنها خانت المبادئ الوطنية والإسلامية للبحرين، ولن يتوقف وسيستمر حتى يتم إسقاطها بشكل كامل، وأشارت إلى أن هذه الاتفاقية تشكل تهديدًا للأمن والسلم الأهلي والوطني، وتعتبر انتهاكًا صارخًا لقيم الشعب ومبادئه وتاريخه، ودعت الجمعية "العقلاء والشخصيات الوطنية والمؤثرين" إلى التدخل لإيقاف هذا الجنون الذي تنتهجه سياسات السلطة، والعمل بجد لكبح جماحها، مع التأكيد على ضرورة منعها من إيلاء المزيد من التضحيات لدماء أهل غزة وفلسطين، وسأل إبراهيم شريف، الأمين العام السابق لجمعية "وعد"، عن السبب وراء "تقديم حكومة البحرين غير المنتخبة نفسها كـ "محلل" شرعي للتحالف الأمريكي لفك الحصار الذي فرضه اليمن على موانئ الكيان الصهيوني المغتصب".
وفي منشور على منصة "إكس" في 19 ديسمبر/كانون أول 2023، أشار شريف إلى أن "حكومة البحرين تقدّم نفسها للتحالف الأمريكي دون أي اعتبار لموقف الشعب البحريني المناصر بقوة لشعبنا الفلسطيني المحاصر في غزة"، وعبر عن قلقه إزاء "مخاطر هذا القرار على الأمن والاستقرار الوطني والقومي"، وأشار إلى أن "جميع الدول العربية والإسلامية، بما فيها تلك التي لها موانئ مطلة على البحر الأحمر، امتنعت عن المشاركة في هذا الحلف العدواني"، وأكد شريف أنه "من المعيب أن تصبح سياستنا الخارجية ومواقفنا المتعلقة بالسلم والحرب والتحالفات الدولية مرتبطة بما تريده أمريكا".
العمليات مستمرة في البحر الأحمر
أعلنت جماعة أنصار الله "الحوثي" اليمنية أن التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة ضدها "لن يوقف عملياتنا بالبحر الأحمر"، جاء هذا الإعلان في منشور نشره المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، على منصة "إكس"، وذلك وفقًا لتقارير إعلامية، وفي اليوم السابق، أعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عن مبادرة لتشكيل قوات "حارس الازدهار"، تتألف من عناصر من 10 دول مختلفة، بهدف ما أسماه ردع هجمات جماعة "الحوثي" في البحر الأحمر وحماية رحلات التجارة البحرية، وردًا على ذلك، صرح متحدث باسم الحوثيين بأن "عمليات اليمن البحرية تهدف إلى دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار على غزة، وليست استعراضًا للقوة أو تحديًا لأي طرف، والذين يسعون لتوسيع النطاق يتحملون عواقب أفعالهم".
وفي تصريحات أخرى، أكد المتحدث باسم أنصار الله أن "التحالف المشكل أمريكيا هو لحماية "إسرائيل" وعسكرة للبحر دون أي مسوغ، ولن يوقف اليمن عن مواصلة عملياته المشروعة دعماً لغزة"، وأضاف إنه "كما سمحت أمريكا لنفسها أن تساند إسرائيل بتشكيل تحالف ودون تحالف، فإن شعوب المنطقة لديها كامل المشروعية لمساندة الشعب الفلسطيني، وقد أخذ اليمن على عاتقه أن يقف إلى جانب الحق الفلسطيني ومظلومية غزة الكبيرة"، وكان وزير الدفاع الأمريكي، في بيان أثناء زيارته الرسمية للكيان، قد زعم أن "الهجمات المتصاعدة التي يشنها الحوثيون تهدد التدفق الحر للتجارة وتعرض البحّارة الأبرياء للخطر وتنتهك القانون الدولي".
والتحالف الجديد يهدف إلى "مواجهة التحديات الأمنية بشكل مشترك في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف ضمان حرية الملاحة لجميع البلدان وتعزيز الأمن والازدهار الإقليمي"، وفقًا لتصريحات لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، وتتألف البعثة من قوات تمثل 10 دول، وهي المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا والبحرين، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، والهدف من هذا التحالف هو حماية السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى الأراضي المحتلة أثناء مرورها بمضيق باب المندب، وذلك "تضامنا مع قطاع غزة" الذي يتعرض لحرب إبادية مستمرة منذ أكتوبر 2023.
ويقع مضيق باب المندب بين شبه الجزيرة العربية وإفريقيا، ويربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، يعد هذا المضيق امتدادًا حيويًا للملاحة البحرية، حيث يقلص رحلات السفن بشكل كبير، ويُعزز حركة التجارة الدولية، ويتضح من الواقع أن هناك استنكارًا ورفضًا شديدين من قبل النشطاء والبحرينيين لقيام حكومتهم بهذا الفعل الأخرق، ويتم التأكيد على رفض الشعب البحريني لتطبيع العلاقات مع الاحتلال القاتل والتأكيد على عدم قبولهم بأن تصبح بلادهم موطئ قدم للصهاينة أو منصة للتطبيع مع "إسرائيل" ومساعدتها.
"إن لم تستحِ فاصنع ما شئت" عبارة تكررت للتأكيد على رفض واستياء الشعب البحريني من هذه التحركات والتأكيد على رفض السلوك الذي يدعم جرائم "إسرائيل"، كما يُشدد البحرينيون على أن الشرفاء والأحرار هم الذين اختاروا المقاومة كوسيلة للتصدي لتلك التحركات، ويحث على دعم المقاومة والتصدي للضغوط التي قد تطول الشعوب المظلومة في فلسطين وغيرها، وتناول نشطاء أيضًا تصريحات الإعلام البحريني التي زعمت أن التطبيع سيكون "الحل الجذري" للقضية الفلسطينية، ويشيرون إلى عدم قبول هذا التصريح القديم وكذبه وعدم تحقيق ما زعمته الآلة الإعلامية الرسمية حول الفائدة المتوقعة من التطبيع.
في النهاية، سقطت حكومة البحرين للأبد في بئر الخيانة، مع التأكيد على رفض الغالبية العظمى من الشعب البحريني لاتفاق التطبيع مع عدو العرب والمسلمين، والذي وُصِفَ بـ "اتفاق العار" حينها، ويُشير محللون إلى الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي على حكومة البحرين للموافقة على التحالف مع "إسرائيل" في هكذا مغامرة، ومن ينسى الزيارات الحكومية التي قامت بها بعض الشخصيات الحكومية أو المقربة من السلطات في البحرين إلى الأراضي المحتلة في ظل الحرب الإسرائيلية على أكثر من منطقة فلسطينية، ويُعتبر ذلك تحركًا نتيجةً للضغوط الأمريكية دون أن يعكس رأي الشعب، ما يعني عدم تماهي الشعب البحريني مع تلك التحركات والتصريحات الموالية لقتل أبناء فلسطين (نحو 20 ألف شهيد و60 ألف جريح) على أيدي الاحتلال العسكري الإسرائيليّ.