الوقت- إن المساعدات البالغة 14 مليار دولار، وإرسال المروحيات والسفن الحربية وطائرات التجسس وعشرات الآلاف من الأسلحة والقذائف المدفعية وقنابل تكسير الصخور وتزويد ذخائر القبة الحديدية، هي جزء من المساعدات الغربية للكيان الصهيوني، وقد قدم الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة، دعماً سياسياً وعسكرياً واسع النطاق لهذا الكيان منذ بداية الحرب العدوانية التي يشنها على قطاع غزة، وقد تزايد حجم هذه المساعدات، وخاصة في المجال العسكري، بشكل كبير وغير مسبوق.
وفي غضون ذلك فإن أمريكا التي كانت أكبر مانح للمساعدات الخارجية للصهاينة منذ عام 1948 وتشكيل الكيان الصهيوني المزيف، قدمت 3.8 مليارات دولار مساعدات عسكرية لتل أبيب سنويا، وتعتبر أيضا أكبر داعم لـ الصهاينة أثناء حرب غزة، وتسبب هذا التدفق من المساعدات المالية والأسلحة الأمريكية في حدوث جرائم لا يمكن تصورها في هذه المنطقة الجغرافية.
كيف غذت الولايات المتحدة الكوارث في غزة؟
ومع بدء عملية طوفان الأقصى في 15 تشرين الأول/أكتوبر والهجوم واسع النطاق الذي شنه الكيان الصهيوني على المناطق السكنية والطبية والتعليمية في قطاع غزة في اليوم التالي، قفزت المساعدات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لتل أبيب إلى النقطة التي يوجد فيها خط ثابت بين مطار بن غوريون والمطارات الأمريكية وتم إنشاء رحلة لنقل كل أنواع الذخائر والقنابل.
وفي الأيام الأولى من الحرب على غزة، خصصت أمريكا مساعدات عسكرية بقيمة 14.3 مليار دولار لدعم الكيان الصهيوني؛ ومن المفترض تخصيص مساعدات بقيمة أربعة مليارات دولار لمنظومتي الدفاع الجوي “القبة الحديدية” و”ديفيد سلينغ” التابعتين للكيان، و1.2 مليار دولار لنظام الدفاع الجوي “الشعاع الحديدي”.
ويشكل هذا المبلغ البالغ 14.3 مليار دولار ثلث الميزانية التي يحتاجها الكيان للحرب على قطاع غزة والتي تقدر بـ 50 مليار دولار، كما يعتبر هذا المبلغ أكبر مساعدات عسكرية تقدمها الولايات المتحدة للكيان الصهيوني خلال العقود السبعة الماضية.
كما أن هذا المبلغ يمثل عُشر المساعدات العسكرية الأمريكية لتل أبيب منذ قيام الكيان الصهيوني المزيف، ويبلغ إجمالي المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني منذ عام 1948 نحو 263 مليار دولار، منها 130 مليار دولار مساعدات عسكرية.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن الولايات المتحدة زودت الكيان الصهيوني خلال الحرب في غزة بعشرات الآلاف من الأسلحة وقذائف المدفعية وكذلك قذائف الهاون للمساعدة في طرد حماس من غزة، وحسب هذا التقرير، قال مسؤولون أمريكيون إن شحن شحنة الأسلحة هذه، بما في ذلك ما يقرب من 15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية، بدأ مباشرة بعد هجوم 7 أكتوبر واستمر في الأيام التالية، كما أرسلت أمريكا آلاف القذائف الأخرى والأسلحة الخفيفة المختلفة إلى الأراضي المحتلة.
وبالإضافة إلى الأسلحة والقنابل والمدافع، أرسلت أمريكا عشرات الطائرات العسكرية إلى هذه المنطقة، وبينما مر 23 يومًا منذ بداية الحرب، كتبت مصادر إخبارية أن الولايات المتحدة أرسلت أكثر من 50 طائرة نقل عسكرية تحمل قوات إلى غرب آسيا خلال الـ 24 ساعة الماضية، وبالإضافة إلى 50 طائرة عسكرية، وصل عدد كبير من طائرات النقل من طراز "سي-17 جلوب ماستر" إلى الشرق الأوسط قادمة من أمريكا، كما أفاد موقع "سترايبس" بأن قاعدة "الفسينا" القريبة من أثينا ستصبح مركز نقل للطائرات العسكرية الأمريكية لمساعدة الكيان الصهيوني، ومن المفترض أن يتم نشر ما بين 5 إلى 8 طائرات من طراز "سي 130 هرقل" في هذه القاعدة الجوية.
وفي المجال البحري، هبّت أمريكا لنجدة الكيان الصهيوني، وأرسل البيت الأبيض إلى المنطقة أكبر حاملة طائرات في العالم تحمل اسم "جيرالد فورد" وعلى متنها 90 مقاتلة وطائرة دون طيار، وأرسلت حاملة الطائرات "دوايت أيزنهاور" وعلى متنها 60 طائرة إلى البحر الأبيض المتوسط للدفاع عن الصهاينة.
نفاق أوروبا؛ الدعم الكامل للكيان والمساعدات الإنسانية لغزة
وتعتبر الدول الأوروبية، باعتبارها حليفة لأمريكا منذ فترة طويلة، من أكبر الداعمين للكيان الصهيوني، حتى أن كبار قادة هذه القارة، بعد بايدن، أعلنوا تضامنهم مع هذا الكيان المحتل من خلال زيارة تل أبيب وإدانة هجمات حماس وقاموا بدعم حق الكيان في قتل الشعب الفلسطيني الأعزل.
وتعتبر زيارة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إلى الأراضي المحتلة، من بين الزيارات التي تمت بهدف دعم الكيان الصهيوني.
إن السلوك المنافق والمبررات الغريبة التي يصدرها القادة الأوروبيون هذه الأيام، لفتت انتباه المجتمع الدولي، بما في ذلك تصريحات وزير الدفاع البريطاني غرانت شيبس، الذي ادعى أن "حجم تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل ليس بالقدر الذي هو عليه ولن تكون حاسمة في حرب غزة".
ورغم إعلانه أن صادرات الأسلحة البريطانية إلى تل أبيب كانت "صغيرة نسبيا وبلغت حوالي 42 مليون جنيه استرليني العام الماضي"، إلا أن الخبراء يعتقدون أنه وفقا لتقرير الحملة ضد تجارة الأسلحة، تم إصدار العديد من تراخيص تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني في العام الماضي ضمن إطار "التراخيص المفتوحة".
وتسمح تراخيص التصدير المفتوحة بالتصدير من شركة منشأ واحدة إلى وجهات متعددة، ويمكن للمصدر بيع الحمولة بشكل متكرر خلال المدة المحددة في الرخصة، في مثل هذه التراخيص، على عكس "التراخيص القياسية"، يمكن للمصدرين الإنجليز تصدير المعدات التي تم تحديد عمومياتها في الترخيص إلى أي حد يطلبه المستورد. وبالإضافة إلى المساعدات المالية والأسلحة، فإن التعاون البريطاني مع الولايات المتحدة في مجال التجسس تم أيضًا تماشيًا مع دعم الكيان الصهيوني. وفي بداية شهر ديسمبر/كانون الأول، أفادت وسائل الإعلام بأن طائرات التجسس الأمريكية المتمركزة في القاعدة العسكرية البريطانية في قبرص تقدم المعلومات التي تصلها للكيان الإسرائيلي من خلال التحليق فوق لبنان وغزة.
وحسب هذا التقرير فإن قاعدة "أكروتيري" العسكرية القبرصية أصبحت مركزا للدعم العسكري الدولي لهجمات النظام الإسرائيلي في قصف غزة، ويقال إن وكالة المخابرات المركزية تستخدم القاعدة المذكورة لمهام التجسس ونقل البيانات الاستخباراتية إلى حكومات ثالثة، وبالإضافة إلى إرسال طائرات دون طيار ورحلات تجسسية فوق الأراضي المحتلة والمنطقة من قبل الجيش البريطاني، أرسلت هذه الدولة الأوروبية عدة سفن حربية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويمكن تحليل الهجوم على السفن البريطانية في مياه المنطقة، مثل الهجوم الصاروخي قبل أيام على سفينة تابعة لهذه الدولة في البحر الأحمر من قبل محور المقاومة، في هذا الاتجاه.
لقد مهدت ألمانيا، إلى جانب إنجلترا، الطريق لتعميق الأزمة في غزة من خلال المساعدات العسكرية خلال هذين الشهرين، ومؤخرًا، نقلت رويترز عن وكالة الأنباء الألمانية DBA قولها: "زادت رخصة تصدير الأسلحة من ألمانيا إلى إسرائيل 10 مرات تقريبًا هذا العام، وقد أعطت برلين الأولوية لطلبات تراخيص الأسلحة من الكيان الصهيوني منذ هجوم مسلحي حماس على إسرائيل الشهر الماضي".
باختصار، في الوقت نفسه الذي تدفقت فيه مساعدات الأسلحة من أوروبا إلى الكيان الصهيوني، الأمر الذي أدى إلى تعميق الأزمة، قام زعماء بروكسل بلفتة إنسانية من خلال تخصيص المساعدات المالية لغزة، يمكن تفسير تصريحات رئيس المفوضية الأوروبية أورزو لافن دير لاين، منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بشأن زيادة المساعدات لقطاع غزة بقيمة 25 مليون يورو، يعد في سياق النفاق الأوروبي.
خلاصة الكلام
لقد حاولت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة إنقاذ الكيان الصهيوني من مستنقع الهزيمة بإرسال كل أنواع المساعدات العسكرية بالإضافة إلى الدعم السياسي مع بدء عملية طوفان الأقصى. وهو الإجراء الذي أدرج أسماء رؤساء هذه الدول في قائمة قتلة أكثر من 15 ألف شهيد في غزة، 70% منهم نساء وأطفال، وفي هذه الأثناء، تقدم الحكومة الأمريكية 3.8 مليارات دولار للكيان الصهيوني كل عام، والآن خصصت حزمة دعم بقيمة 14.3 مليار دولار لدعم الكيان في حرب غزة، الذي يعاني من عجز في الميزانية قدره 1.7 تريليون دولار.
وفي مثل هذا الوضع، حسب الخبراء، يتم أخذ 10 ملايين و400 ألف دولار من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين وحقنها في الكيان الصهيوني، وهي القضية التي جعلت أصوات المواطنين الأمريكيين مسموعة أكثر من أي وقت مضى، وبالطبع، وبالإشارة إلى المقابلة التي أجراها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، فإن كل حكومة في هذا البلد يجب أن تدعم كيان الاحتلال، يقول كارتر البالغ من العمر 99 عامًا: كمسيحي في السياسة الأمريكية، "أنا، مع كثيرين آخرين، ملتزمون بالقانون نفسه، وينص هذا القانون على أن كل ما يفعله الكيان الصهيوني في أي وقت يجب دعمه، وفي الوقت نفسه، يجب على وسائل الإعلام إقناع الجمهور بقبوله... نحن مكلفون بدعم سياسات إسرائيل أياً كانت".