الوقت-یمر ایام على الكلمة المهمة للسيد "حسن نصر الله"، الأمين العام لحزب الله، حول عملية طوفان الأقصى ومسار المقاومة ضد العدو المحتل، ولا تزال الدوائر السياسية والأمنية وخبراء ومسؤولون عسكريون في الكيان الصهيوني يقيمون مواقف السيد نصر الله ويحللون كلامه، ولا يستطيعون التوصل إلى نتيجة محددة.
الصهاينة قلقون من الإستراتيجية الذكية للأمين العام لحزب الله
لكن بشكل عام، يتفق المحللون والمسؤولون العسكريون في كيان الاحتلال على أن كلام الأمين العام لحزب الله تضمن رسائل تهديد لـ"إسرائيل"؛ دون الإشارة بشكل مباشر إلى نية بدء حرب شاملة.
ويرى الصهاينة أن السيد حسن نصر الله اتخذ بالفعل نهجا واستراتيجية غامضة وذكية فيما يتعلق بعملية الحرب وتطوراتها، ورغم أنه لم يذكر بشكل مباشر سيناريو الحرب المتعددة الجبهات، إلا أنه قال بوضوح إن كل الاحتمالات واردة وكل الخيارات مطروحة على الطاولة.
وتتفق الأوساط والمسؤولون الصهيونيون على أن الأمين العام لحزب الله لا يزال ينوي إبقاء "إسرائيل" في حالة من الارتباك، ولهذا السبب لم يقل كلمته الأخيرة بشكل مباشر وواضح، ويظهر محتوى خطاب نصر الله أن جبهة لبنان ضد "إسرائيل" لا تزال مفتوحة وأن العمليات العسكرية لحزب الله ضد الجيش الإسرائيلي ستستمر بقوة.
كما أنه من خلال تحليل وتقييم الإسرائيليين لكلام السيد حسن نصر الله، فإن فكرة تخلي حزب الله عن حماس من خلال عدم فتح جبهة واسعة ضد إسرائيل هي فكرة خاطئة تماماً، والحقيقة أن حزب الله أخذ عنصر المفاجأة والضربات الإسرائيلية العميقة.
نصر الله لا يتردد في تهديد "إسرائيل"
وفي هذا السياق، قال "عاموس يدلين" رئيس مركز دراسات الأمن الداخلي للكيان الصهيوني والرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية لهذا الكيان، ردا على كلام السيد حسن نصر الله، إن نصر الله ينتهج سياسة غموض في الموقف الحقيقي لحزب الله من الحرب الدائرة بين "إسرائيل" وحماس، وهذا الغموض في خطابه يبقي كل الاحتمالات مفتوحة.
وأضاف إنه بناء على كلام الأمين العام لحزب الله، فإن التوتر على الجبهة اللبنانية ضد "إسرائيل" سيستمر، ورغم أنه لم يتحدث بشكل مباشر عن نيته بدء حرب متعددة الجبهات، إلا أنه ليس لديه شك في تهديده ضد "إسرائيل"، والحقيقة أن استراتيجية نصر الله قد تقوم على القيام بهجوم وقائي ضد "إسرائيل"، الأمر الذي قد يشعل لهيب حرب إقليمية.
هل أربك نصر الله الإسرائيليين؟
كما ذكر يسرائيل زيف، وهو جنرال احتياط في الجيش الصهيوني، أنه كان واضحا في كلام نصر الله أنه لا يريد الإضرار بلبنان ويستمر في سياسة الغموض وتضليل "إسرائيل"، كلام نصرالله حمل رسالة مفادها بأن حزب الله ينوي السيطرة على الوضع باستخدام «الفتيل الهادئ» وفي الوقت نفسه الحفاظ على التوتر مع "إسرائيل"، والأهم من ذلك أنه يريد الإبقاء على عنصر المفاجأة الذي يخلق حالة ارتباك لـ"إسرائيل".
ويعتقد هذا الجنرال الصهيوني أن الأمين العام لحزب الله قد أبقى كل الاحتمالات مفتوحة، ولهذا السبب يجب على "إسرائيل" أن تشعر بقلق بالغ، لأنه لا يمكن التأكد من سلامة الأوضاع وعودة سكان البلدات الشمالية إلى منازلهم بسلام، وهناك أيضاً احتمال اجتياح القوات البرية لحزب الله منطقة الجليل.
كلام نصرالله عن نظرية «بيت العنكبوت» لم يكن صدفة
"زوهار فالتي" الرئيس السابق لقسم المخابرات في جهاز التجسس الموساد، صرح في هذا السياق أنه من المهم جداً الاهتمام بمصداقية نصر الله، وفي خطابه قد يمكن رؤية شنه حرباً نفسية ضد "إسرائيل" وحتى الولايات المتحدة وكل من يدعم "إسرائيل" في المنطقة.
وقال في مقابلة مع القناة 12 الصهيونية، إنه خلافا لرأي بعض الإسرائيليين، فإن نصر الله لم يتخلَ أبدا عن حماس أو غزة، وسلوكه يظهر مسؤوليته تجاه لبنان، وفي خطابه الأخير، أشار نصر الله مرة أخرى إلى نظرية «بيت العنكبوت»، وأكد مرة أخرى أن "إسرائيل" أضعف من بيت العنكبوت، وقال نصر الله إن "إسرائيل" لا يمكن أن تستمر في الوجود ولن تستمر دون دعم الأمريكيين.
وتابع هذا المسؤول الأمني التابع للكيان الصهيوني، من الواضح أن كلام نصر الله هذا لم يكن صدفة؛ بل تم طرحه بالتزامن مع زيارة "أنتوني بلينكن" وزير الخارجية الأمريكي إلى "إسرائيل" (فلسطين المحتلة)، والتي كانت ذات أهمية كبيرة.
كما أعلن "سمدار بيري"، محلل الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرانوت"، أن نصر الله لم يتحدث بشكل مباشر عن بدء حرب متعددة الجبهات ضد "إسرائيل" ولم يعط الضوء الأخضر لهذه الحرب، لكن الوضع الاقتصادي المؤلم، الظروف السياسية والاجتماعية التي يعيشها الإسرائيليون، وكذلك الحالة النفسية، وعدم استقرارهم يخلق الكثير من الإرباك، ولا ينبغي للإسرائيليين أن يكونوا متفائلين أو راضين عن أنفسهم على الإطلاق.
وقال مايكل ميلستين، رئيس قسم الشؤون العربية في معهد السياسات والإستراتيجية بجامعة رايخمان في هازليسيا، حول تصريحات الأمين العام لحزب الله يوم الجمعة، إن نصر الله كان حذرا في خطابه ورسائله، لكننا ننصح السلطات الإسرائيلية بعدم التفاؤل، ولا نتخيل أن حزب الله ليس مستعداً، ولا توجد حرب متعددة الأطراف ضد "إسرائيل"، ولم يتحدث نصر الله فقط بصفته زعيما لحزب الله اللبناني، بل كان يتحدث باسم محور المقاومة برمته في المنطقة.
وأضاف، لكن المحتوى الغامض والحذر لكلام نصر الله يجب ألا يخلق أي مشاعر تفاؤل لدى الإسرائيليين، وعلى جميع صناع القرار والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين تجنب التقييم والنظرة السطحية لكلام نصر الله، ويجب ألا ننسى أن حادثة 7 أكتوبر (العملية المفاجئة التي قامت بها المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني والتي سميت بطوفان الأقصى) لقنت "إسرائيل" درسا مؤلما؛ حيث قلل الإسرائيليون من شأن حماس وافترضوا أنه لا يوجد تهديد جدي من هذه الحركة ورفضوا أي سيناريو لهجوم مفاجئ من غزة.
وفي النهاية أكد هذا المسؤول الصهيوني أن كلام نصر الله هو في الواقع "خداع استراتيجي" ويجب أن نركز على الجزء من خطابه الذي ذكر كيف سيكون رد فعل حزب الله إذا واصلت "إسرائيل" هجماتها على غزة، لذلك لا تزال هناك احتمالية لفتح الجبهة اللبنانية بشكل كبير ضد "إسرائيل".
