الوقت - أن يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للمرة الثانية أمام خريطة المملكة المغربية مبتورة من الصحراء الغربية رغم اعتراف "إسرائيل" بمغربية الصحراء، فإن الأمر ليس مصادفة أو مجرد خرائط قديمة، ولا سيما في التوقيت الراهن المرتبط بمعركة "طوفان الأقصى" والمساندة الشعبية المغربية للشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، فـ"إسرائيل" تعمدت وعن سبق قصد إظهار هذه الخريطة كرسالة تحذير غير مباشر للرباط وإبقاء مسار التطبيع.
حيث ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمرة الثانية أمام خريطة المملكة المغربية مبتورة، وتصاعدت التساؤلات بشأن الأهداف والرسائل التي تحملها هذه الخطوة، يأتي هذا بعد تحذير من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي لرعاياه من السفر إلى المغرب.
كان أول ظهور لنتنياهو أمام خريطة المغرب خلال إعلان اتفاق ثلاثي بين الرباط وواشنطن وتل أبيب في عام 2020، ورغم أنه أثار جدلاً كبيراً حينها بشأن موقف "إسرائيل" من الصحراء، إلا أن الأمور أصبحت أوضح بعد اعتراف "إسرائيل" بمغربية الأقاليم الجنوبية، ولكن مع حرب غزة الأخيرة واستقبال نتنياهو لرئيسة الوزراء الإيطالية، أثار ظهوره مجددًا تساؤلات حول العلاقات بين تل أبيب والرباط.
وفي هذا السياق، يأتي سؤال حاسم حول موقف الرباط من مسألة قصف الشعب الفلسطيني وتهجيره من غزة، إذ شدد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة على ضرورة إيجاد حل سياسي يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف داخل حدود حزيران 1967، مع رفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة.
بالتزامن أعربت شريحة كبيرة من المغاربة عن ضرورة وقف مسلسل التطبيع مع تل أبيب، مع التأكيد على إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، وذلك تزامناً مع مظاهرات دعم للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء المملكة المغربية.
وأكد نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار، علي بوطوالة، ومحمد الساسي، القيادي في فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي اعتبر أن “إسرائيل ليست صديقة لأحد”، وذلك، في تصريحات صحيفة “ أكد فيها أن نشر خريطة المغرب مبتورة بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي “محاولة مكشوفة لابتزاز الدولة المغربية”، من خلال توجيه رسائل “واضحة” إلى السّلطات المغربية المطبّعة.
ولفت إلى أن "إسرائيل" دولة استعمارية ولم تستطع قطّ تاريخيا أن تفي باتفاقيات السلام، متسائلا “كيف ستكون ملتزمة باتفاقية ثنائية مع المغرب؟” مضيفا إن النظام السياسي المغربي يعي ذلك جيدا ويعرف طبيعة هذا الكيان، لذلك هي كانت مسألة متوقعة وليست غريبة.
ودعا محمد الساسي، القيادي في اليسار، السلطات المغربية لوقف التطبيع مع "إسرائيل"، مشيرًا إلى أن المغرب في وضع محرج الآن وأن استئناف العلاقات أو تطبيعها يجب أن يكون “رهنًا بشروط السلام”.
في المقابل، ذهبت الباحثة في معهد “متيفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، عينات ليفي، في تصريح صحفي، إلى تفنيد أي خلفيات سياسية لموضوع الخريطة، حيث قالت إن الظهور الأخير لنتنياهو أمام خريطة المغرب “ليس برسالة جديدة”.
واعتبرت أن ذلك، “نتيجة لوجود خرائط قديمة في المكاتب الحكومية الإسرائيلية”، مضيفة: الاعتراف الإسرائيلي ب"مغربية" الصحراء هو أمر حقيقي ومهم، ورغم التحولات في التحالفات الإقليمية وتوازنات القوى، فإنه يتطلب التعامل مع مسائل الصراع والسعي للسلام.
من ناحيته، أكد لحسن أقرطيط، خبير في العلاقات الدولية، أن الموقف المغربي لم يتغير بسبب الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء، وأن تل أبيب تندرج في الاتجاه الدولي المتعلق بالمسألة. وأشار إلى أن الاتفاق الثلاثي كان يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب و"إسرائيل"، وأن الأمور تعقدت بسبب التطورات في غزة، وأكد أن الاستمرار في التصعيد الإسرائيلي لن يساعد على الحفاظ على علاقات متقدمة مع المغرب، مع التأكيد على ضرورة العودة إلى طاولة الحوار وتجاوز الصراعات للمحافظة على علاقات إيجابية.
وفي هذا الصدد اعتبر الأستاذ الجامعي ورئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث، رشيد لزرق، أن “إسرائيل تحاول مقايضة الاعتراف بالوحدة الترابية بحياد المملكة اتجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما يتضمن تلميح رئيس الوزراء الإسرائيلي عند ظهور خريطة المغرب مبتورة من" صحرائه" أثناء استقبال رئيسة الوزراء الإيطالية داخل مكتبه بتل أبيب”.
وأكد لزرق أن هذه الخطوة رهان خاسر إذ إن المملكة الفاعل الدولي تعتبر القضية الفلسطينية في نفس مرتبة قضية الوحدة الترابية، وهو اتجاه خاطئ يكلف "إسرائيل" من عدم مصداقيتها، عبر تضييع فرص لتحقيق السلام عبر إحراز تقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين، موضحا أن “الموقف الجيوسياسي للمغرب لن يتغير اتجاه القضية الفلسطينية.
لكون هناك ضغط شعبي وهناك مقومات للدولة المغربية وقد تكون العلاقات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية بين المغرب و"إسرائيل" هي النتيجة الوحيدة المفيدة للاتفاقات المتعلقة بعودة العلاقات مع إسرائيل”، مشددا على أن “إعلان الاعتراف الإسرائيلي بوحدة الترابية لن يكون أداة المساومة بغية تحييده”.
ويرى مراقبون أن خسارة "إسرائيل" للمغرب هي خسارة كبرى بالنظر للأوراق التي يملكها كفاعل أساسي في قضايا الشرق الأوسط وجسر لتحقيق السلام وأن المغرب بالنسبة لـ"إسرائيل" صديق لا يمكن أن تتعاطى معه بمنطق المساومة عبر تلميحات سلبية تتمثل في ظهور خارطة المغرب منقوصة، وأهم ما يشغل المغرب الآن هو عدم استكمال الولايات المتحدة الاتفاق الثلاثي الذي وقعته إدارة ترامب
وسابقا أعلن الديوان الملكي المغربي أن الملك محمد السادس، تلقى رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعلن فيها اعتراف إسرائيل بـ"سيادة" المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وأكد نتنياهو، أن موقف بلاده "سيتجسد في كل أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة"، وأضاف إنه سيتم "إبلاغ الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضواً فيها، وجميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية" بهذا القرار.
وحسب البيان فإن "إسرائيل": "تدرس إيجابياً فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة"، تكريساً للقرار.