الوقت- يعد الوضع الإستراتيجي لملف المياه في الأردن نافذة لفهم تأثير العجز المائي الذي تواجهه المملكة والتحديات السياسية المتعلقة به، وتتناول التقارير سيناريوهات وتأويلات تتعلق بالعجز المائي في ظل التحدث المتزايد عن إجراءات تطبيعية محتملة مع الكيان في هذا الملف، وبين هذه الإجراءات المحتملة هو تعزيز حصة المياه التي تم توريدها من قبل الكيان الإسرائيلي إلى الأردن، وهو ما يمكن أن يكون جزءًا من صفقة أو تبادل خدمات مع الكيان الإسرائيلي، وهذا النقاش يأتي في سياق مشروع الكهرباء الإماراتي المعروف الذي يشهد التعاون بين تلك الدول مع الكيان، ويشير تقرير صادر عن لجنة وطنية مختصة بشؤون المياه إلى وجود مشكلات وتحديات متعلقة بالاتفاقيات السابقة التي تم توقيعها مع دول الجوار، وقد يشير إلى عدم متابعة كافية لتنفيذ هذه الاتفاقيات، وهذا يظهر أهمية إعادة النظر في السياسات المائية والاتفاقيات القائمة والعمل على تعزيز التعاون وحل المشكلات المائية بشكل فعال في المستقبل.
الأردن يواجه العجز المائيّ
يعتبر بعض المحللين الأردنيين أن الأثر السلبي لعدم الامتثال لحصص المياه المتفق عليها من قبل الدول المجاورة على أزمة المياه والجفاف في الأردن، وخاصةً فيما يتعلق بالاعتماد على مصادر مياه خارجية.
ويُشير التقرير الذي نُشر مؤخرًا إلى أن الحكومة الأردنية تعتمد بنسبة كبيرة على مصادر المياه الخارجية لتلبية ربع احتياجاتها من المياه، ويتعلق الحديث هنا بشكل خاص بحصة الأردن في بحيرة طبريا والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وعلى الرغم من وجود اتفاقيات سابقة تنظم توزيع المياه من البحيرة والتي تم الالتزام بها في الماضي، إلا أنه يبدو أن هناك تغييرًا في الالتزام من جانب الاحتلال بما تم الاتفاق عليه، وهذا يزيد من تعقيد مشكلة المياه في الأردن.
وإذا تسبب هذا العدم الالتزام في انقطاع أو نقص في إمدادات المياه إلى الأردن، فإن ذلك سيزيد من تأثير الأزمة المائية التي تعانيها المملكة بالفعل، ما يجعل إيجاد حل لهذه المشكلة أمرًا ضروريًا لضمان توفير المياه اللازمة للسكان والقطاعات الحيوية في الأردن، أيضا توجد مزاعم حول خلافات مكتومة مع الحكومة السورية بشأن التزامها بتقديم حصتها المتفق عليها من مياه نهر اليرموك إلى الأردن، على الرغم من الاتفاقات السابقة التي تنظم توزيع المياه من هذا النهر والتي تقضي بتوفير حصة للأردن، إلا أن التقرير الأخير يشير إلى عدم الالتزام العملي من قبل الجانب السوري بتلك الاتفاقات وعدم اتخاذه إجراءات لتقديم تلك الحصة، نتيجة ما تعيشه البلاد التي دخلت الحرب فيها عامها الثاني عشر.
وهذا الوضع يفتح الباب أمام تكهنات سياسية بشأن مستقبل العلاقة بين الأردن وسوريا فيما يتعلق بالمياه وقد يكون له تداعيات سياسية وأمنية، يبدو أن التقرير قد استند إلى معلومات سياسية وأمنية وفنية متوافرة في الوقت الحالي لإعداده، وهذا يشير إلى أهمية المسألة وتأثيرها على العلاقات الإقليمية والأمن المائي في المنطقة، ومن المهم أن تتخذ الحكومات المعنية إجراءات فعالة لحل هذه الخلافات وضمان توفير المياه اللازمة للأردن وللدول المعنية الأخرى.
ومن المعروف أن الأردن لم يحصل على حصته المتفق عليها من مياه نهر اليرموك المحاذي لحدوده مع سوريا للسنة السابعة على التوالي، وهذا يشكل مشكلة مستمرة بين البلدين، على الرغم من انفتاح الأردن على العلاقات مع الحكومة السورية بعد الزلزال الذي ضرب شمال شرق سوريا، إلا أن ملف توزيع مياه نهر اليرموك لا يزال معلقًا وغير محلول، وهذا الوضع يظل مشكلة سياسية واقتصادية مهمة بالنسبة للأردن، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على المياه المتدفقة من النهر لتلبية احتياجاتها المائية، ويبدو أن هناك حاجة ماسة للعمل على حل هذا النزاع المائي بين البلدين وضمان توفير المياه الضرورية للأردن بما يلتزم به من الاتفاقات السابقة.
ووفقًا للمصادر الأردنية، يعود السبب الرئيسي وراء عدم تزويد الأردن بحصته المائية المتفق عليها من نهر اليرموك، إلى ما تقول الحكومة السورية أن النهر يعاني من الجفاف في العديد من أحواضه، ولم تشهد المواسم الخمسة الماضية سيلان المياه أو هطول أمطار غزيرة تساعد في تجديد مخزون مياه النهر.
وهذا الوضع يجعل توزيع المياه من النهر أمرًا صعبًا، ويظل هذا النزاع مسألة تحتاج إلى حل دبلوماسي ومشاورات بين الجانبين للعثور على حل منصف لتوزيع موارد المياه بشكل مستدام.
ومن وجهة نظر الجانب الأردني من الناحية الفنية، إن وجود تنظيمات مسلحة وعصابات إرهابية تسيطر على بعض المناطق والنواحي والقرى المحاذية لنهر اليرموك.
يُعتقد أن هذه العوامل تزيد من التعقيدات في تنفيذ الاتفاقيات المائية وتوزيع المياه بشكل متساوٍ ومستدام، ويُعتقد على نطاق واسع في الأردن أن حجز حصتهم من المياه في نهر اليرموك من سوريا يعكس تأثير الحرب والخلافات السياسية والأمنية التي زادت في تعقيد العلاقات بين البلدين خلال عام 2010، وهذه الخلافات قد تكون واحدة من العوامل التي تؤثر على تنفيذ الاتفاقيات المائية بينهما وتجعل الأمور أكثر تعقيدًا، حسب تقارير أردنية.
"إسرائيل" وحربها المائية
من ناحية أخرى في ملف العجز المائي، يسعى الأردن إلى إيجاد معادلة تحميه من تقلبات السياسة في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، وخصوصًا بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العديدة حول ملف الحصص المائية الأردنية، وتلك التصريحات قد أثارت قلقًا في الأردن بشأن تنفيذ الاتفاقيات المائية بين البلدين وحقوق الأردن في المياه التي تأتي من بحيرة طبريا وغيرها، وعلى الرغم من التزام تل أبيب قليلا بتزويد الأردن ببعض الحصص المائية المتفق عليها، إلا أن هناك محاولات من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمنع زيادة تلك الحصص أو توقيع اتفاقيات لبيع المزيد من المياه للأردن، وهذا يعكس العديد من العوامل والاعتبارات السياسية والاقتصادية التي تلعب دورًا في هذا السياق.
ويبدو أن هذه الأمور تعكس تعقيد العلاقات المائية والسياسية بين الأردن والكيان، وقد تكون محور اهتمام كبير للسلطات في الأردن لضمان استدامة وصولهم إلى المياه اللازمة لاحتياجات البلاد المائية، وتبدو الحكومة الأردنية قلقة بشأن تأثير تقلب العلاقات مع حكومة اليمين الإسرائيلية على قضية المياه، قد تكون حملات الاتصالات الدبلوماسية النشطة التي تعتزم الحكومة الأردنية بدأها مع الإسرائيليين والمسؤولين الأمريكيين محاولة لتحسين هذه العلاقات وحل القضايا الملحة بين البلدين، ويبدو أن هناك محاولات للتواصل مع الحكومة السورية أيضًا بشأن ملف المياه، وقد تكون هذه الجهود مهمة للتوصل إلى حلول مستدامة ومقبولة للمشكلات المائية بين الأردن وجيرانها، وتظل قضية المياه حساسة ومعقدة في المنطقة، وتحتاج إلى حل دبلوماسي ومبادرات دولية للمساعدة في حل النزاعات وضمان توفير المياه بشكل عادل ومستدام لجميع الأطراف المعنية.
وهناك قلق كبير في الأردن بسبب سياسات "إسرائيل" فيما يتعلق بالمياه وتأثيرها على العجز المائي ونهر الأردن والبحر الميت بينها قضية نقص المياه في المنطقة وتأثيرها السلبي على البيئة والاقتصاد، بما في ذلك تراجع مستوى المياه في البحر الميت، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا للأردن وجيرانها.
وإن "إسرائيل" بسبب استيلائها على مياه نهر الأردن وتأثيرها على المنطقة تزيد استياء الأردن من سياسات الكيان في هذا السياق، وضرورة الدعم الدولي لمشاريع إنقاذ البحر الميت في ظل غضب الأردنيين من سياسات الكيان وتأثيرها على مياه النهر والبحر الميت.
ويتصاعد التوتر بين الأردن وكيان الاحتلال الإسرائيليّ بشأن موارد المياه وتنفيذ اتفاقيات البنية التحتية الاقتصادية، مع اتهامات من جانب الأردن للكيان بانتهاك جميع اتفاقيات المياه والبنية التحتية الاقتصادية التي وقعتها البلدين منذ عام 1994، رغم أهمية المياه كمورد حيوي في المنطقة والصراع حول استخدامها وتوزيعها، تل أبيب قد بنت سدودًا وأنابيب لنقل المياه عبر النهر الأردني، ما أثر على توزيع المياه، وتتسبب هذه القضايا المائية في زيادة التوترات بين الأردن و"إسرائيل"، والتي يمكن أن تؤثر على العلاقات الثنائية مع الكيان.