الوقت - "هواء المسجد الأقصى مميز حتى أكثر من هواء مدينة القدس" كلمات قالها في أحد لقاءاته وهي ليست كلمات عادية أو عابرة وإنما تدل على مدى الإيمان والارتباط الروحي وقوة العقيدة الموجودة لديه.
بعد صراع مع مرض السرطان الذي اشتد عليه في الأشهر الأخيرة، تُوفي ظهر أمس الأول الشيخ المقدسي جميل عبد الرحيم حمّامي "أبو حمزة"، وصُلّي عليه في المسجد الأقصى الذي أداره، وشيعه آلاف المقدسيين الذي تخرجوا في مدرسته، ودُفن في مقبرة باب الرحمة التي نافح عنها، كسائر مقدسات القدس لنحو نصف قرن.
ولد الشيخ حمامي في مدينة معان في الأردن عام 1952م حيث كان والده يعمل شرطيّاً وانتقلت العائلة لتعيش في القدس عام 1953 واستقر بها المقام في المدينة المقدسة.
وهو متزوج وله ثلاثة أبناء ذكور وخمس إناث أتم دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة القدس وتخرج من مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية في القدس عام 1973.
التحق بكلية الشريعة بجامعة الأزهر وحصل منها على درجة الليسانس في الشريعة عام 1977 ثم التحق عام 1982 بجامعة عين شمس لدراسة الماجستير لكنه عاد بعد فترة وجيزة ولم يكمل دراسته.
والتحق حمامي عام 1997 ببرنامج الدراسات العليا في جامعة القدس للحصول على الماجستير.
وعمل الراحل في مجال التدريس والوعظ والخطابة والأعمال الإدارية فقد عمل فور تخرجه من المرحلة الثانوية عام 1973م إماماً وخطيباً في مسجد بيرزيت وذلك قبل سفره إلى مصر.
وبعد تخرجه من الجامعة عام 1977م عمل واعظاً جوالاً في منطقة رام الله ثم مدرساً في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية فمديراً لدار الحديث الشريف في المسجد الأقصى المبارك فمديراً للمسجد الأقصى فمديراً لأوقاف بيت لحم ثم مساعدًا لمدير المعهد الشرعي (كلية العلوم الإسلامية) في أبو ديس في القدس ثم باحثاً في جامعة القدس.
شارك الشيخ حمامي في تأسيس دار الحديث الشريف عام 1979م وفي تأسيس جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية عام 1984م وهو أمين سرها ومديرها التنفيذي منذ التأسيس حتى الآن وخلال عمله في دار الحديث الشريف.
واهتم الشيخ حمامي بإقامة مهرجانات سنوية خاصة بإحياء السنة النبوية وبإقامة معارض الكتب السنوية أعد الشيخ الحمامي كتاباً في مصطلح الحديث عام 1982م وله رسالة بعنوان (مع الغزالي في نظريته التربوية).
التحق الشيخ الحمامي بجماعة الإخوان المسلمين في أثناء دراسته الجامعية وفي عام 1978م شارك في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس اعتقل للمرة الأولى عام 1998م بـ"تهمة" المشاركة في تأسيس حماس وتوجيه الانتفاضة الفلسطينية وحكم عليه بالسجن ثمانية عشر شهراً.
وفي عام 1990م اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مطار اللد بعد عودته من أمريكا حيث حضر مؤتمر رابطة الشباب المسلم هناك وحكمت عليه عشرين شهراً بـ "تهمة" التنسيق بين الفصائل وتوقيع وثيقة الشرف بين حماس وحركة فتح اعتقل مرة ثالثة وحكم عليه مدة ستة أشهر بـ"تهمة" التحريض ضد الاحتلال.
شارك الشيخ حمامي في الثمانينيات والتسعينيات في التنسيق والإصلاح بين التنظيمات والفصائل الفلسطينية وفي عام 1994م، سافر إلى القاهرة والسودان للمشاركة في الحوار بين السلطة وحركة حماس وفي عام 1992م.
اتخذ الشيخ الراحل نهجاً سياسيّاً خاصاً يختلف عن نهج حماس السياسي ما أدى إلى افتراقهما، وقد استمر الشيخ الحمامي في نشاطه العلمي من خلال المشاركة في الحوارات والندوات محلياً وخارجياً وفي المؤتمرات العالمية وفي اللقاءات الصحفية والتلفزيونية للشؤون الأكاديمية الدولية عام 1999م.
وعلى الرغم من افتراقهما نعت حركة حماس، إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية الشيخ جميل عبد الرحيم عبد الكريم حمامي، وقالت إنه أحد أعلام فلسطين والحركة الإسلامية وقامة كبيرة من قامات بيت المقدس، نذر حياته لخدمة وطنه ودينه وشعبه، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وأضافت الحركة، في بيان لها، إن الشيخ كان في طليعة من وقف في وجه الهجمة الصهيونية على القدس وأبنائها، وتصدى باقتدار لمحاولات التهجير والتهويد، وقدم في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، وتعرض للملاحقة والتضييق الصهيوني على مدار سنوات طويلة.
وختمت بالقول إن الشيخ جميل كان ركنا من أركان المسجد الأقصى المبارك، ولبنة كريمة في جدار الذود عنه وعن طهره، وفي طليعة الذين تصدروا الدعوة والإصلاح في المدينة.. لم يكل ولم يمل حتى الرمق الأخير من أجل العمل على بناء جيل معتز بدينه وهويته، متجذر في وطنه، ومدافع عن حقوقه ومقدساته.
كما هاتف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد إسماعيل هنية عائلة الشيخ الراحل جميل حمامي معزيّاً إياهم ومشيداً بسيرة الشيخ ومواقفه الجليلة، وداعياً الله تعالى أن يُنزله منازل شهداء القدس وفلسطين.
واستذكر هنية دور الراحل في دعم قضايا الأمة الإسلامية والفلسطينية، ودفاعه عن المسجد الأقصى، ومواقفه في الحفاظ على الجيل المسلم، مقدّراً تفانيه طوال حياته أثناء عمله مديراً للمسجد الأقصى وأميناً لسر الهيئة الإسلامية العليا في القدس.
من جهته، نعى الناطق باسم حركة حماس عن مدينة القدس محمد حمادة، الراحل حمامي، الذي عمل واجتهد وقدم للقدس خير ما يقدمه ابنٌ بارّ لبلده وخدمة دين الله، وقال حمادة، إن الراحل حمامي، مربٍ فاضل وداعية طليعي وركن أصيل من أركان بيت المقدس.
ويقول المقدسيون، رحيل الشيخ جميل حمامي يعتبر خسارة كبيرة لمجتمع القدس، حيث ترك فراغاً كبيراً في ميدان التعليم والدعوة في هذه المدينة الشريفة.