الوقت- نشر موقع يورو نيوز نتائج دراسة ثانية تسمى "مقياس الفقر وعدم الاستقرار الأوروبي" أجرتها شركة إبسوس لاستطلاعات الرأي، كشفت أن القوة الشرائية للأوروبيين تراجعت في السنوات الأخيرة، ما اضطر غالبيتهم إلى الرحيل وقللوا من وجباتهم، ما أدى إلى تعقيد خياراتهم المالية.
ومن بين 10.000 مشارك في الدراسة، قال 29% إن أوضاعهم المالية كانت "مهتزة" وإن أي نفقات غير متوقعة ستؤدي إلى اختلال التوازن في حياتهم.
وحسب نتائج هذه الدراسة، يعتقد نحو 50% من الأوروبيين أنهم سيضطرون خلال الأسابيع القليلة المقبلة إلى وضع مالي محفوف بالمخاطر بسبب ارتفاع الأسعار والرواتب التي سيتركونها وراءهم.
وحسب مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، فإن معدل السكان المعرضين لخطر الفقر بين إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي في عام 2021 يساوي 17%.
وأظهرت دراسة جديدة أن 15% فقط قالوا إنهم واثقون بشأن وضعهم المالي ولا يحتاجون إلى الاهتمام بنفقاتهم اليومية.
وكشفت نتائج الدراسة نفسها أن أغلبية كبيرة من الأوروبيين مضطرون الآن إلى الحد من خياراتهم بسبب الظروف المالية الصعبة.
ووفقًا ليورونيوز، أجبر التضخم في كل قطاع تقريبًا في أوروبا الأوروبيين على اتخاذ "خيارات صعبة"، بما في ذلك تخطي وجبة على الرغم من الجوع، وإطفاء التدفئة، واقتراض الأموال وعدم علاج مشاكل صحية، وقال واحد من كل ثلاثة أوروبيين تقريباً إنه أهمل وجبة طعام على الرغم من شعوره بالجوع، وهي نسبة مرتفعة بشكل خاص في اليونان ومولدوفا.
وجدت دراسة أجرتها مؤسسة جوزيف راونتري في يونيو/حزيران أن 5.7 ملايين أسرة ذات دخل منخفض في المملكة المتحدة تفتقر إلى المال لشراء الطعام، وهو ما وصفته المؤسسة بـ "الوضع الطبيعي الجديد المخيف".
وقال 38 بالمئة من المشاركين في الدراسة إنهم لم يعودوا قادرين على تناول ثلاث وجبات يوميا بانتظام، بينما قال 42 بالمئة فقط إنهم لم يفوتوا أبدا أيا من الوجبات الثلاث وهي الإفطار والغداء والعشاء بسبب القيود المالية.
وفي الوقت نفسه، قال عدد كبير من الآباء الذين شاركوا في هذه الدراسة إنهم اضطروا إلى الحد من طعامهم من أجل توفير الغذاء لأطفالهم.
وذكر 21% من هؤلاء الآباء أن لديهم تجربة "عدم تناول ما يكفي من الطعام" لإطعام أطفالهم.
وفي عام 2022، ومع ارتفاع الأسعار في مختلف المجالات مثل الإسكان والمياه والغاز وغيرها من التكاليف في أوروبا، تضاعف معدل التضخم في هذه القارة ثلاث مرات وسجل أعلى معدل نمو تضخمي في تاريخ أوروبا.
وفقا لدراسة جديدة أجرتها شركة إيبسوس، فإن العديد من الأوروبيين لا يجدون وضعهم المالي صعبا للغاية فحسب، بل إنهم يشعرون بالقلق أيضا بشأن استمرار التضخم في المستقبل.
وقال أكثر من نصف المشاركين في الدراسة، من أغلبية البلدان، إنهم يشعرون بالقلق بشأن التعامل مع التضخم وارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة وغيرها من التكاليف.
62% منهم عبروا عن قلقهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية و59% عبروا عن قلقهم من النفقات غير المتوقعة وارتفاع أسعار الغاز.
التضخم يلقي بثقله على الوضع الاقتصادي
تفرض البيئة الاقتصادية الضعيفة تحدياً بالنسبة للمركزي الأوروبي الذي يخوض دورة تشديد نقدي في آخر 12 شهراً، وصل معها معدل الفائدة عند 3.25%.
وربما يحد الأداء الاقتصادي الضعيف من قدرة المركزي الأوروبي على زيادة معدل الفائدة أكثر في محاولة للتعامل مع التضخم.
ومع ذلك أشار مسؤولو البنك المركزي الأوروبي من قبل إلى أن خفض الأسعار أهم من تجنب التباطؤ الاقتصادي.
كما أن لاغارد صرحت بأن لا يوجد دليل واضح على أن التضخم الأساسي وصل إلى ذروته، رغم إقرارها بأن تأثيرات الزيادات السابقة في أسعار الفائدة بدأت تتحقق.
وتابعت: أحدث البيانات المتاحة تشير إلى أن مؤشرات الضغوط التضخمية الأساسية ما زالت مرتفعة على الرغم أن البعض يظهر بوادر اعتدال.
وكشفت بيانات التضخم في منطقة اليورو عن شهر مايو أيار، نمو مؤشر أسعار المستهلكين بنحو 6.1% وذلك حسب القراءة الأولى، وهو أقل مستوى منذ فبراير شباط 2022.
ومع ذلك فإن معدلات التضخم في أوروبا أعلى من البرازيل والصين والهند، وعلى الرغم من تراجع أسعار الكهرباء في فرنسا وألمانيا فإنها لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا بنحو ثلاث إلى أربع مرات.
ركود أوروبي
تتراجع أيضاً فرص تفادي اقتصاد منطقة اليورو الدخول في ركود، بعد أن أظهر مؤشر جديد تباطؤاً حاداً في النشاط الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وخاصة في فرنسا بينما أكبر اقتصاد في أوروبا الاقتصاد الألماني ربما كان في حالة ركود بالفعل، إذ شهد الناتج الاقتصادي في دول اليورو ركوداً واضحاً في يونيو (حزيران) الجاري كما أظهر مؤشر مشتريات المصانع الذي تصدره "أس أند بي غلوبال".
جاءت قراءة المؤشر عند 50.3 نقطة، مقابل 52.8 نقطة في مايو (أيار) الماضي، وذلك هو أكبر تراجع للمؤشر في خمسة أشهر، وأي قراءة فوق 50 نقطة تعكس توسعاً أما القراءة دون 50 نقطة فتعني انكماشاً، وهو ما يخشى أن يكون على الأبواب معززاً لفرص الركود وخاصة مع التراجع الواضح في القراءتين الأخيرتين.
أرجعت "أس آند بي غلوبال" جمود النشاط الاقتصادي وتراجعه إلى ارتفاع أسعار الفائدة، من بين أسباب أخرى، وخاصة بعد أن رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة لدول اليورو بربع نقطة مئوية منتصف الشهر الجاري إلى 3.5 في المئة، لتصبح فائدة الإقراض ما بين أربعة و4.25 في المئة، وذلك ما جعل المحللين يتوقعون انكماش الاقتصاد الأوروبي في الربع الحالي.
وكان الاقتصاد الأوروبي دخل في ركود تقني (نمو سلبي للناتج المحلي الإجمالي في ربعين متتاليين من العام) بعد أن انكمش بنسبة 0.1- في المئة في الربع الأول من العام الحالي 2023 عقب انكماشه في الربع الأخير من العام الماضي 2022 بنسبة مماثلة تقريباً، وقاد الاقتصاد الألماني الركود في منطقة اليورو بدخوله مرحلة ركود منذ مطلع هذا العام.
يتوقع الاقتصادي في بنك "أتش أس بي سي" كريس هير ركوداً لاقتصاد دول الاتحاد الأوروبي في الربع الثاني أيضاً، كما نقلت عنه صحيفة "الديلي تلغراف".
ويضيف معلقاً على قراءة مؤشر مشتريات المصانع "إذا أثبتت تلك المؤشرات أنها تعكس تأثيراً حقيقياً فإن ذلك يثير الشكوك في شأن مدى التعافي من الركود غير العميق الذي شهدته منطقة اليورو هذا الشتاء".
وتوقعت "أس أن بي غلوبال" أن يكون الاقتصاد الفرنسي الأكثر تراجعاً في الربع الحالي مع احتمالات انكماش بنسبة معقولة. ومعروف أن الاقتصاد الفرنسي يأتي بعد الاقتصاد الألماني في ترتيب الحجم والقوة في أوروبا.
وفي الإجمالي تراجعت ثقة الأعمال في اقتصاد الاتحاد الأوروبي ككل حسب استطلاعات الشهر الجاري، وذلك إلى أسوأ معدلاتها انخفاضاً في سبعة أشهر.
مخاوف متصاعدة
تتصاعد الآن المخاوف من ركود تضخمي ليس في بريطانيا فحسب بل في منطقة اليورو أيضاً على رغم أن معدلات التضخم والأجور ليست مرتفعة في أوروبا بالقدر ذاته كما في بريطانيا.
يعد الركود التضخمي حالة انكماش للنشاط الاقتصادي في ظل استمرار معدلات التضخم العالية، ويرافقها ارتفاع الأجور، وبذلك يستمر الطلب في الاقتصاد مرتفعاً في حين أن تباطؤ وانكماش النشاط الاقتصادي لا يوفر المعروض الكافي لتلبية الطلب.
تتوقع الأسواق أن يكرر بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة ربما إلى سقف 5.75 في المئة في اجتماعه المقبل في سبتمبر (أيلول) كما يقول محلل بنك "غولدمان ساكس" جيمس موبرلي في مقابلة مع صحيفة "التايمز".
وفي منتصف يونيو، رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة الثامنة على التوالي إلى أعلى مستوى في 22 عامًا، مع الزيادة الأخيرة بمقدار 0.25 نقطة مئوية، أصبح سعر الفائدة على الودائع، وهو سعر الفائدة الرئيسي حاليًا في الأسواق المالية، 3.5٪.
في منطقة اليورو، انخفض التضخم إلى 6.1٪ في مايو من 7٪ في أبريل، ومع ذلك، فإن المعدل الرئيسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة من بين أمور أخرى، انخفض بشكل طفيف فقط في الكتلة المكونة من 20 دولة من 5.6 إلى 5.3 في المئة، وفقًا لآخر توقعات الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، من المتوقع أن يظل التضخم أعلى من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2٪ حتى نهاية عام 2025.
