الوقت - عززت الأمم المتحدة تعهدها بإحياء المفاوضات المتوقفة بشأن الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليسارية، وذلك خلال زيارة للمنطقة التقى فيها كبير مفاوضيها بمسؤولين من جميع الأطراف هذا الأسبوع قبل إصدار تقرير الأمم المتحدة المرتقب الشهر المقبل.
حيث قالت الخارجية المغربية إن الموفد الأممي ستافان دي ميستورا قام هذا الأسبوع بزيارة لأول مرة إلى العيون والداخلة، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع المنتخبين، والشيوخ، والأعيان المحليين، والفاعلين الاقتصاديين وأجرى لقاءات مع ممثلين عن المجتمع المدني، وأطلع المبعوث الأممي كل هؤلاء الفاعلين على "الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، والديناميكية السياسية والديمقراطية التي تشهدها هاتين الجهتين من الصحراء، كما قام بزيارة للمشاريع الاستثمارية والبنى التحتية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، ووقف على التقدم الذي تم إحرازه في تنزيل النموذج التنموي الجديد في الأقاليم الجنوبية (برنامج حكومي تم إطلاقه سنة 2015"، حسب زعمها.. كما التقى دي ميستورا وفق البيان مسؤولين في العاصمة المغربية الرباط.
وقالت الأمم المتحدة في بيان قبل الزيارة إنها تتطلع إلى تعميق المشاورات مع الأطراف المعنية بشأن سبل وفرص تحقيق تقدم بناء في العملية السياسية بشأن الصحراء الغربية"، وحسب البيان فإن الزيارة تندرج في إطار جولة في المنطقة من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية للموائد المستديرة بمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا”والبوليساريو”، وذلك طبقا لقرارات مجلس الأمن الأممي، وخاصة القرار 2654 المصادق عليه في 27 تشرين الأول 2022”.
والزيارة هي الأولى التي يقوم بها ستافان دي ميستورا إلى الصحراء الغربية منذ تكليفه عام 2021 بالإشراف على جهود الأمم المتحدة لتوجيه المفاوضات التي يعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة عقود.
بدوره شدد وزير الخارجية المغربي الجمعة على أن أي حل سياسي لقضية الصحراء الغربية ينبغي أن “يقوم بشكل حصري” على الخطة المغربية التي تنص على منح المنطقة شكلا من أشكال الحكم الذاتي لا يرقى إلى مستوى الاستقلال.
أما بالنسبة للدور الأمريكي في هذه القضية لا بد من الإشارة إلى أن اضطرب الوضع القائم بدأ عندما تخلت واشنطن عن سياستها السابقة واعترفت بمطالب المغرب في الأراضي المتنازع عليها، في إطار اتفاق قام المغرب بموجبه بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" وهو ما لم يتخل الرئيس الأمريكي جو بايدن عن اعتراف إدارة عهد ترامب بمطالب المغرب، وأكدت إدارته دعم واشنطن للأمم المتحدة وجهود دي ميستورا المتجددة، بما فيها هذا الأسبوع عندما قام جوشوا هاريس، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون شمال إفريقيا، بزيارة الرباط والجزائر العاصمة ومخيمات في جنوب الجزائر تضم آلافا من أبناء الصحراء الغربية وفي محادثات مع هاريس، أعرب أمين عام وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، لوناس مقرمان، عن دعمه "لحل سياسي لمسألة الصحراء الغربية يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" وفق بيان صادر عن وكالة الأنباء الجزائرية فيما كرر بيان صادر عن السفارة الأمريكية في المغرب موقف واشنطن المعلن سابقا، والذي وصف خطة المغرب بأنها "جدية وواقعية وذات مصداقية، ونهج محتمل لتلبية تطلعات شعب الصحراء الغربية".
بدورها دعت جمعية أصدقاء الجمهورية الصحراوية في فرنسا، السلطات الفرنسية إلى تأييد رغبة وجهود الأمم المتحدة في فرض احترام المغرب للعملية السياسية في الصحراء الغربية من أجل تنظيم استفتاء لتقرير المصير للشعب الصحراوي.
وانتقدت الجمعية في بيان صحفي، المجتمع الدولي الذي بدى بعيدا عن تحمل التزاماته بشأن تطبيق حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وتجاه عرقلة الاحتلال المغربي لعمل المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، منذ تعيينه في تشرين الأول 2021، ومحاولاته المتكررة منذ توليه المنصب لقاء الجمعيات الصحراوية المؤيدة لتقرير المصير في المناطق المحتلة.
وعلى ضوء هذه المستجدات المهمة، -يضيف البيان- ترحب جمعية أصدقاء الجمهورية الصحراوية بفرنسا، بهذا التطور وتأمل أن تسمح هذه الزيارات واللقاءات في الصحراء الغربية المحتلة لمجلس الأمن، بعد الاطلاع على تقرير المبعوث الشخصي، باتخاذ القرارات الصحيحة خلال جلساته الخاصة بالقضية الصحراوية في الشهر المقبل.
من جانب آخر، ذكّر البيان بالوضع المزرى في الأراضي المحتلة، في ظل منع التظاهر السلمي للجمعيات الصحراوية من قبل الشرطة المغربية وملاحقة وقمع واعتقال المتظاهرين الذين يعبرون بأعلام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عن رغبتهم في الاستقلال.
وخلص البيان الصحفي، إلى أن الشعب الصحراوي سواء في مخيمات اللاجئين، أو في المناطق المحتلة، أكد للعالم طوال خمسين سنة الماضية على رغبته الواضحة والصريحة في الاستقلال والحرية.
ويعتبر النزاع حول الصحراء الغربية من أقدم النزاعات في أفريقيا حيث دام أكثر من 40 عاما منذ أن ضم المغرب الصحراء إليه في عام 1975 عقب انسحاب الاستعمار الإسباني منها، وتأسست بعد ذلك بعام واحد جبهة البوليساريو التي حملت السلاح في وجه المغرب مطالبة باستقلال الإقليم الغني بالثروات السمكية والفوسفات ويعتقد أن به مكامن نفطية.
ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر المجاورة على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
وأدرجت الصحراء الغربية في قائمة الأمم المتحدة للأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي منذ عام 1963 بعد أن أحالت إسبانيا ملف الصحراء للهيئة الأممية بموجب المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة.
ومنذ تلك الفترة، تعتمد الجمعية العامة للأمم المتحدة، كل عام، قرارات بشأن الصحراء الغربية، ضمن ما يعرف باللجنة الـ24 وهي اللجنة المعنية بإنهاء الاستعمار.
وترعى الأمم المتحدة منذ عقود، جهودا لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ينهي هذا النزاع، حيث مدد مجلس الأمن في قرار جديد مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لعام آخر حتى نهاية 31 تشرين الأول 2023.
