الوقت- أثار قرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، مؤخراً، استياء واستنكارًا شديدين من قبل فصائل فلسطينية ومؤسسات متخصصة في شؤون الأسرى، وقد أدانت هذه الفصائل والمؤسسات هذا القرار الذي يتضمن تقليص عدد زيارات عائلات الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى السجون الإسرائيلية، ووفقًا لمعلومات نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في وقت سابق في اليوم نفسه، فإن بن غفير أصدر توجيهات بتقليص عدد هذه الزيارات من مرة واحدة شهريًا إلى مرة واحدة كل شهرين، وذلك ابتداءً من يوم الأحد، وايضا بفاشية شديدة، دعا الوزير المتطرف والعنصري في كيان الاحتلال الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، خلال زيارته الأخيرة لسجن عوفر الأمني، إلى معاملة أكثر صرامة للسجناء، ويعتبر ملف انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وبالأخص أسراهم من أكثر المواضيع الحساسة، وتؤكّد المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تتعلق بمعاملة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وقد تصل بعض هذه الانتهاكات لمرحلة خطيرة، في ظل الحكومة الإسرائيليّة.
استياء وغضب فلسطينيّ
حركة "حماس" رأت في قرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، خطوة جديدة تمثل "جريمة جديدة" وترجمة للسادية التي يمارسها الاحتلال، واصفةً إياه بأنه وزير متطرف، وأشارت الحركة في بيان صدر عنها إلى أن هذا السلوك الفاشي الموجه ضد أسرى فلسطين لن يحقق لابن غفير وحكومة الاحتلال سوى مزيداً من التصعيد والمقاومة، وأكدت الحركة أن قضية الأسرى ستظل على رأس أولويات مقاومتها حتى تحقيق تحريرهم، مؤكدةً بذلك التزامها الثابت بالدفاع عن حقوق الأسرى والعمل من أجل إنهاء معاناتهم.
بدوره، أصدر القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، ياسر مزهر، بيانًا داعيًا فيه المؤسسات الدولية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الخطوة التصعيدية ضد حقوق الأسرى، حقوق تكفلها القوانين والأعراف الدولية، وفي السياق نفسه، أدانت حركة "الأحرار" هذا القرار الصادر عن بن غفير، معتبرةً أنه يعكس مدى الإجرام الذي تمارسه حكومة المتطرفين ضد شعب فلسطين وأسراه، ومن ناحية أخرى، عبرت "مؤسسة مهجة القدس للأسرى المحررين" عن رأيها بأن استهداف زيارات الأسرى يشكل جريمة إنسانية وتصعيدًا في الحرب ضدهم، وذلك وفقًا لبيان صادر عن المؤسسة، وفي هذا السياق، وصفت "جمعية واعد للأسرى والمحررين" في بيانها قرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بأنه "عنصري بامتياز، ويعكس مدى إصراره على تفجير المشهد داخل السجون".
ومن جانبهم، أعرب الأسرى الفلسطينيون المحتجزون في السجون الإسرائيلية عن استيائهم من قرارات بن غفير التي تهدف إلى التضييق عليهم، معتبرين أنها تمثل تجاوزًا خطيرًا، وهم قد هددوا بالرد "خلال الأيام القادمة" على هذه الإجراءات، وصدر هذا البيان عن لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة، التي تمثل الأسرى من مختلف الفصائل، تم توزيع البيان بواسطة نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، وأوضحت اللجنة في بيانها: "تؤكد الحركة الوطنية الأسيرة بكل فصائلها أن القرارات التي اتخذها السيد بن غفير ضد الأسرى وعائلاتهم وحقوقهم هي عبارة عن تجاوز خطير، وهي تعتبر ذلك إجراءً يشبه اللعب بالنار، والتي ستؤدي في النهاية إلى تصاعد التوتر والصراع".
وقد دعت اللجنة إلى متابعة إعلان معركتها والرد على قرارات بن غفير "خلال الأيام القادمة"، أما عن تعليق أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، فقد وصف إجراءات بن غفير بأنها "عنصرية" ومحتمل أن تؤدي إلى "انفجار الأوضاع". وأشار إلى ضرورة "التراجع الفوري عن هذه القرارات والتدخل المباشر من المنظمات الحقوقية الدولية ومنظمة الصليب الأحمر الدولي"، وهذا التصريح يبرز قلقاً كبيراً من تصاعد التوتر وتأثير هذه الإجراءات على الوضع الإنساني للأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، ويطالب بالتدخل الدولي والمجتمع الدولي للحيلولة دون تصاعد الأزمة وللحفاظ على حقوق الأسرى والمعتقلين.
ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، يشمل القرار الإسرائيلي حوالي 1600 أسير من بين حوالي 5000 أسير فلسطيني، وقد تسبب هذا القرار في اندلاع انتقادات واسعة من مؤسسات رسمية ومنظمات حقوقية وفصائل فلسطينية، وقد قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باتخاذ إجراءات أمنية متعددة ضد الفلسطينيين منذ توليه منصبه في حكومة بنيامين نتنياهو نهاية العام الماضي، وتتضمن هذه الإجراءات تأثيرًا كبيرًا على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
نوايا خبيثة وإجرامية
يُظهر ما قام به بن غفير أنه ينوي تنفيذ عمليات إعدام بحق سجناء فلسطينيين في السجون الإسرائيلية, وفي الوقت نفسه، تواجه "إسرائيل" اتهامات بالاعتقال التعسفي للمواطنين الفلسطينيين دون محاكمات عادلة أو توجيه تهم محددة، كما يتعرض الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية للتعذيب وسوء المعاملة، وهذا يُعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، إضافة إلى ذلك، يتم استخدام الاعتقال الإداري بشكل متكرر حيث يتم اعتقال الأفراد دون توجيه تهمة ضدهم ودون محاكمة عادلة، وتمديد فترات الاعتقال بشكل متكرر، تلك الإجراءات تثير قلقًا كبيرًا بشأن احترام حقوق الإنسان وتعزز حاجة المجتمع الدولي للتدخل وللعمل على تحقيق العدالة وحقوق الأسرى.
وتثير ظروف السجون الإسرائيلية قلقًا كبيرًا من ناحية أخرى، حيث تُبلغ عن ظروف سيئة في السجون، بما في ذلك قلة الرعاية الصحية وسوء التغذية، ويتم أيضًا تقديم تقارير عن منع الزيارات العائلية بشكل متكرر، حيث تمنع "إسرائيل" بشكل متكرر أفراد عائلات الأسرى الفلسطينيين من زيارتهم في السجون، وهناك أيضًا مخاوف بشأن اعتقال الأطفال الفلسطينيين وتعريضهم لسوء المعاملة والتعذيب.
يجب ملاحظة أن هذه الادعاءات تثير جدلاً كبيرًا، حيث تقوم "إسرائيل" بتأكيد بعضها ونفي البعض الآخر، وتزعم أنها تلتزم بالقوانين الدولية وتضع معايير معقولة للسجون.
ومن المهم أن تُجرى محاسبة سلطات "إسرائيل" بشكل دقيق ومستقل بناءً على المعلومات الدقيقة والموثوقة، واعترافات المسؤولين، وذلك لضمان حقوق الأسرى والمعتقلين وضمان احترام حقوق الإنسان، يجب أيضًا على الأطراف المعنية التعاون مع المنظمات الدولية ولجان حقوق الإنسان لمتابعة القضية والسعي إلى تحقيق العدالة والتوصل إلى محاسبة قانونية لتل أبيب فيما يتعلق بمعاملتها للأسرى الفلسطينيين.
سياسة الإجرام المفرط
بناءً على التحليل والوقائع، يمكن القول إن السياسة الإسرائيلية تتجه نحو "الإجرام المفرط", حيث يدرك الفلسطينيون جيدًا أن العدو لن يغير يومًا ما منهجه الإبادي، وخصوصًا فيما يتعلق بملف الأسرى الذي يُعتبر بالنسبة لتل أبيب "المساحة الكبيرة" للتعبير عن استبدادها، حيث إن استبدادها يشبه تمامًا "حكم فرعون" ولكن بنكهة صهيونية احتلالية، والهدف الرئيسي لهذه السياسة هو وضع الفلسطينيين في مأزق كبير ومستمر وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة.
وإن سجون العدو تحتضن آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون في أسوأ ظروف إنسانية، وهذا يُظهر جليًا القسوة والإجرامية لحكم الاحتلال الغاشم، وبالتالي، تروى العديد من القصص التي تجسد إجرام هذا الحكم العسكري للاحتلال، والتي تؤكد على أهمية متابعة هذه القضية والسعي إلى تحقيق العدالة والمساواة وإنهاء الاحتلال والقمع الذي يتعرض له الفلسطينيون، والكيان الصهيوني يمارس ضغوطًا كبيرة على المعتقلين لإجبارهم على التخلي عن الإضراب عن الطعام، إضافة إلى ذلك، قدم الكيان الإسرائيلي وعودًا لبعض المعتقلين بعدم تجديد حبسهم الاحتياطي إذا لم يشاركوا في الإضراب عن الطعام، وتتمثل سياسة سلطات العدو الإسرائيلي في تكثيف حملاتها القمعية ضد الأسرى داخل السجون، من خلال فرض إجراءات انتقامية صارمة، تتضمن اعتداءات وضرباً وعزلاً انفرادياً ومنعاً من الخروج.
هذا الوضع يؤدي بشكل متكرر إلى اشتعال الأوضاع داخل السجون، وقضية الأسرى الفلسطينيين تسير نحو التصاعد. وبالتالي، هناك تصاعد في التوترات داخل المعتقلات وخارجها. حيث تعيش الأراضي الفلسطينية حالة من الغضب والتوتر المتصاعد، وهذا يهدد بانفجار كبير في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، وحتى العاصمة الفلسطينية القدس، وذلك نتيجة للممارسات القمعية والتعسفية التي تمارسها "إسرائيل" بحق الأبرياء والأسرى الفلسطينيين.
باختصار، تكرّرت "إسرائيل" في العديد من المرات في اختباراتها مع الفلسطينيين ولم تفهم دروس الفشل، يُظهر التصاعد الحالي لسلطات الكيان أنه من المرجح ألا يكون في مصلحة الكيان نفسه، حيث تعتقل "إسرائيل" آلاف الفلسطينيين في سجونها، بينهم مئات من المرضى والنساء حسب الإحصائيات التي تنشرها وسائل الإعلام، وتوجد أيضًا أرقام حقيقية يتم التكتم عليها من قبل إدارة سجون العدو، وإضافة إلى ذلك، ينتهج الكيان الصهيوني سياسة "القتل البطيء" بحق الأسرى ويماطل ويعثر حل قضية الأسرى، على الرغم من الجرائم العديدة التي ارتكبتها ضد الأسرى، فإن الأشهر والسنوات الأخيرة كشفت عن قوة وتحالفات العصابات الصهيونية على الساحة الدولية، وبصراحة، المستقبل لا يبدو واعدًا على الإطلاق للفلسطينيين في ضوء تلك التطورات والسياسات الصهيونية القمعية والتعسفية.