الوقت- "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"، يبدو أن هذه القاعدة تعكس بشكل دقيق نهج وعمل المقاومة داخل الأراضي الفلسطينية، وبعد أن فشلت جميع الحلول السياسية في استعادة حقوق الفلسطينيين، وسط ممارسات "إسرائيل" القمعية والمستمرة للقتل والسرقة، يُظهر الفلسطينيون اليوم بأنهم لن يستسلموا وسيدافعون بكل قوة عن حقوقهم وكرامتهم، فمدن الضفة الغربية المحتلة تشهد حاليًا تصاعدًا في الغضب والاحتجاجات، وهذا ليس بغريب، فقمع كيان الاحتلال الإسرائيليّ وانتهاكاته اليومية للحقوق الفلسطينية تمثل خطرًا حقيقيًا على الاستقرار في المنطقة، وإذا استمرت هذه الممارسات ستؤدي إلى تصاعد المواجهة والصراع.
مقاومة شديدة ومتصاعدة
لم تجف دماء الصهاينة في حوّارة بنابلس حتى باغتتهم رصاصاتُ الخليل، فأفضت إلى تمزيق أجسادهم، في رسالة واضحة بأن لا أمان للاحتلال ومستوطنيه في أي زاوية من أرض الضفة الغربية، وتصاعدت رسالة الرفض والصمود، حيث أصبحت "إسرائيل" عرضة لضربات المقاومة، واحدة تلو الأخرى، وهذا التطور يشكل لغزًا محيرًا للاحتلال الإسرائيلي، حيث شهدت العمليات الأخيرة إطلاق نار دقيق واستهداف المستوطنين، مع فرار المنفذين بذكاء وحنكة من موقع العملية، ما ألقى بالاحتلال في دوامة من الشك والترقب، فشل خلالها في التوصل إلى أي مؤشر يشير إلى هوية المنفذين.
وفي غضون أقل من 72 ساعة من عملية 'حوارة' البطولية التي أسفرت عن مقتل مستوطنين، شهدت مدينة الخليل الاثنين انتصارًا آخر للمقاومة، إذ قام المقاومون بعملية إطلاق نار بطولية أسفرت عن مقتل مستوطنة وإصابة ستة آخرين، بينهم حالات خطيرة، وتتزامن العملية البطولية الأخيرة التي أدت إلى مقتل المستوطنة مع إحياء الذكرى الـ54 لحادثة إحراق المسجد الأقصى المبارك، وهذا الحادث يرسل رسالة قوية بأن المساس بالمسجد الأقصى يمثل خطًا أحمر يقابل بالدم، وقام المقاومون بعملية بطولية في حوارة يوم السبت الماضي، أسفرت عن مقتل مستوطنين، حيث نجح المقاومون في إطلاق النار عليهم داخل مرآب لغسل السيارات في حوارة.
وهذه العملية النوعية ترفع عدد قتلى الاحتلال الإسرائيلي إلى 34 شخصًا منذ بداية العام، في وقت حذر الجيش الإسرائيلي من التصاعد الخطير للأوضاع في الضفة الغربية، حيث أصبحت مأساوية للغاية، ويتخوف من اقتحام المستوطنين للبلدات والقرى الفلسطينية، ووفقًا لموقع 'واللا نيوز' الإسرائيلي، تمكن أحد المستوطنين بمعجزة من النجاة بعد دخوله بلدة ترمسعيا، القريبة من رام الله، مساء الأحد، حيث تعرض لهجوم من قبل فلسطينيين واشتعلت سيارته في النيران، وتدخل الجيش الإسرائيلي في اللحظات الأخيرة لإنقاذه، ووصفت مصادر داخل الجيش الإسرائيلي الأوضاع في الضفة الغربية بأنها باتت خطيرة للغاية، ويأتي هذا التحذير بعد حادث إطلاق نار أسفر عن مقتل مستوطنين يوم السبت في حوارة، حيث كانوا في مرآب لغسيل السيارات في بلدة حوارة بنابلس.
قلقٌ إسرائيليّ شديد
تراقب المؤسسات الأمنية في "إسرائيل" بقلق شديد الوضع الذي يرتبط بمستوطنين يواصلون دخول القرى والمدن الفلسطينية بهدف الاستفادة من الخدمات وشراء المنتجات بأسعار أقل مما هي عليها في "إسرائيل"، وهذا السلوك يأتي على الرغم من العمليات النضالية التي ينفذها الفلسطينيون ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وتشير المصادر داخل الجيش الإسرائيلي إلى أن هذا التصرف لا يعرض حياة المستوطنين فقط للخطر، بل يمكن أيضًا أن يؤدي إلى تصاعد التوتر الأمني في المنطقة بشكل خطير، وخلال الأسابيع الأخيرة، نفذ مقاومون سبع عمليات إطلاق نار ودهس ضد المستوطنين في بلدة حوارة بمفردها، وأسفرت هذه العمليات عن مقتل أربعة مستوطنين وإصابة سبعة آخرين.
في هذا السياق، أكد خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن عمليات المقاومة الفدائية في الفترة الأخيرة قد أفشلت كل محاولات العدو الصهيوني لتفريق المدن وتشتيتها، وقطع الحبل السري الذي يربط جنين بباقي المدن المحتلة، وتمثل هذه العمليات استمرارًا للصمود والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته القمعية، وأشاد خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، بالمقاومة في مدن جنين ونابلس والخليل في تصريح لإذاعة 'القدس' المحلية، وأعرب عن تفاؤله بأن يكون للمقاومة حضور قوي في جميع الساحات والأماكن حيث يتواجد العدو، وأكد أن عملية الخليل جاءت لتأكيد رفض شعبنا للاحتلال وجرائم المستوطنين، وأن المقاومة مستمرة في مواجهة المؤامرات التي تُحاك ضد شعبنا.
وأبرز أن المقاومة تسجل إنجازات كبيرة في مختلف المدن الفلسطينية، من جنين وطولكرم إلى حوارة بنابلس والخليل ومحافظات أخرى، وأضاف قائلاً: "نحن شعب تحت الاحتلال، وما زلنا تحت الاحتلال، وما زال المستوطنون يرتكبون جرائمهم، ولن تسكت المقاومة على هذه الجرائم، وحقنا في الدفاع عن أنفسنا هو حق شرعي"، وأضاف إن عملية اليوم تأتي رداً على جرائم المستوطنين ضد شعبنا وعلى الأفعال الشنيعة التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وتحمل رسالة واضحة للعدو وللعالم أجمع، ألا وهي أن شعبنا يتمسك بحقوقه وأن لديه الحق الشرعي في الدفاع عن نفسه وحقوقه ضد تصاعد العدوان وزعران المستوطنين، وأشار إلى أن الاحتلال يواجه الفشل بشكل متكرر، لأن وحدة المقاومة الفلسطينية والوحدة حول قضيتنا وأرضنا وموقفنا من العدو هي العوامل الأساسية التي تقوي مقاومتنا وتثبت تماسكها في وجه التحديات والاعتداءات.
وبالتالي، إن المقاومين وحملة السلاح ينطلقون في مسعى لمواجهة العدو الذي يسعى إلى عزل الضفة الغربية وفرض سيطرته على جنين، ولكن عمليات حوارة والأحداث في الخليل بالأمس، إضافة إلى حضور المقاومة في قطاع غزة من خلال التدريبات والمسيرات، تعتبر جميعها عناصر تؤكد وحدة العمل المقاوم وتجمع الصفوف في مواجهة التحديات، وهذا يعني أن جرائم الاحتلال المنظمة دائمًا تجد ردًا طبيعيًا من المقاومة الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية قادرة على تنفيذ مفاجآت في وجه العدو وضربه في الأوقات والأماكن المناسبة، وخاصة أن حكومة الاحتلال الفاشية تسير نحو تصاعد العنف والتوتر في المنطقة، وهذا سيكون له تأثيرات وخيمة على الكيان.
وفيما يتعلق بمستقبل المقاومة في الضفة الغربية، قال ملالحة إن التطورات الحالية تشكل تحديات كبيرة وتطورات ساخنة، وإن المستقبل سيكون متغيرًا ومتقلبًا، وأشار إلى أن هذه الظروف يمكن أن تستدعي استراتيجيات مقاومة جديدة ومفاجآت غير متوقعة، وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن التنبؤ بالتفاصيل بدقة، ولكن المقاومة تبقى دائمًا جاهزة للدفاع عن حقوقها ومكافحة الاحتلال بجميع الوسائل الممكنة.
عنفٌ إسرائيليّ متصاعد
إنّ تصاعد العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين هو موضوع حساس ومثير للقلق تاريخياً، ولكنه استمر في التصاعد بشدّة في السنوات الأخيرة، حيث تزايدت عمليات البناء والتوسع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ما أدى إلى تصاعد التوتر بين المستوطنين والفلسطينيين، الصراع على الأراضي والممتلكات كان له تأثير كبير على العنف، وبعض الزعماء السياسيين والدينيين الإسرائيليين قد دفعوا نحو تصاعد التوتر من خلال التصريحات التحريضية ضد الفلسطينيين، وتم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً لزيادة التوتر.
أيضاً، شهدت السنوات الأخيرة زيادة في هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الهجمات العنصرية والاعتداءات الجسدية، وتشمل هذه الهجمات أحياناً الاعتداء على الممتلكات الفلسطينية والمساجد، وشهدت القدس الشرقية تصاعدًا خاصًا في العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك على خلفية النزاع حول حقوق الوصول إلى المسجد الأقصى والأماكن المقدسة، وفي العديد من الأحيان، تندلع مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، وتصاحبها تفجيرات وإطلاق نار، ما يتسبب في إصابات ووفيات، ورد الفلسطينيون بعمليات انتقامية مع عدم قدرتهم على انتزاع حقوقهم، حيث يروج بعضهم للفكرة بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق مطالبهم، وتصاعد العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين يمثل تحدياً كبيرًا للسلام والاستقرار في المنطقة.