الوقت- عجّت المواقع الإخباريّة مؤخراً، بالأخبار التي تحدثت عن عزم كيان الاحتلال الإسرائيليّ إنشاء “قبة حديديّة سيبريانيّة” معززة بالذكاء الاصطناعي بشراكة مع المغرب والإمارات، وهي تعتمد بالأساس على تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، بهدف توفير ما أسموه "نهجاً شاملاً للدفاع الاستباقي في مجال الأمن السيبراني"، وقد أطلق المسؤولون الإسرائيليون على المشروع الجديد هذا الاسم، في ظل تعرض الكثير من المواقع الحكومية التابعة لـ "إسرائيل" للهجمات الإلكترونية - الأكبر من نوعها – وكان ذلك بمثابة صفعة على وجه الكيان العنصري، ناهيك عن حجم الضرر الكبير الذي لحق به بعد اختراق معلومات ربما تكون شديدة الحساسيّة.
أهداف القبة السيبرانيّة
لا شك أن الصهاينة اعتادوا خلال جميع الفترات السابقة على أخبار اختراق شركاتهم ومؤسساتهم واختراق الخوادم في ظل تعتيم تام تسبب في ضجة واسعة في الشارع وتسبب بلا شك في فوضى غير مسبوقة لدى الاحتلال، وقد حصل المخترقون على كمية غير معروفة من المعلومات المهمة للإسرائيليين، ويعلم الجميع أن" الحرب الناعمة " أصبحت من أكثر الأسلحة الحديثة فعالية وخطورة، حيث إن" إسرائيل" عادة ما تخفي حقيقة الأضرار التي نجمت عن القرصنة وتخفي كل المعلومات السرية والتفاصيل التي تم الحصول عليها من معظم الوزارات وأجهزة الدولة وأجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية بعد أكثر من هجوم.
وتشير الأنباء إلى أنّ كيان الاحتلال الإسرائيليّ ينشئ "القبة الحديدية السيبرانية" بمساعدة الإمارات والمغرب، وخاصة أن العلاقات بين تل أبيب وكل من الرباط وأبوظبي تعود إلى عام 2020، حيث توصلت الإمارات والكيان إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، وكذلك المغرب في العام نفسه، وقد أعلن العدو التخطيط لإنشاء "قبة حديدية إلكترونية" تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات البيانات الضخمة بالتعاون مع الشركاء العرب، وهدفها توفير خطط دفاعية جديدة على حد زعمهم، حيث تفاخر غابي بورتنوي، مدير عام ما تسمى الهيئة الوطنية للإنترنت التابعة لكيان الاحتلال، في حفل "أسبوع الإنترنت" الذي أقيم في جامعة تل أبيب، بأن العدو يريد إنشاء القبة المذكورة بالتعاون مع تلك الدولتين.
وفي هذا الشأن، تدعي وسائل الإعلام التابعة لكيان الاحتلال الإسرائيليّ أنّ الغرض من "القبة الحديدية السيبرانية" هو حماية البنية التحتية السيبرانية للحكومات المشاركة في هذا المشروع من الهجمات الإلكترونية، عقب تأكيد السلطات الإسرائيلية في أكثر من مناسبة على أن اختراق خوادم الكيان السرية ينطوي على أهداف استراتيجية ضد الكيان، ويبدو أن الإسرائيليين قلقون للغاية، لأنهم لم يتمكنوا من ردع الهجمات الإلكترونية، على الرغم من امتلاكهم الوحدة رقم 8200، وهي واحدة من أخطر الوحدات الإسرائيلية، وتعمل تحت مظلة وكالة الاستخبارات الداخلية أو ما يسمى "الشاباك"، وهي المسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونية وجمع المعلومات الاستخبارية، وتجند باستمرار عددا كبيرا من الشباب، كما تشكل أكبر جيش من المنصات الإلكترونية لنشر الفكر الصهيوني فهي تنشر بهدوء تام التحريض الإسرائيلي، وتنشر الشائعات، وتستهدف النشطاء والمثقفين، وتغذي الفتنة الطائفية الدينية.
وفي الوقت الذي أعلن بورتنوي عن نية تل أبيب إنشاء "قبة حديدية إلكترونية" بالتعاون مع المغرب والإمارات العربية المتحدة، تم الإعلان عن الشراكة، وتمت مناقشة ما أطلقوا عليه "أنشطة إيران وحزب الله السيبرانية ضد العديد من البلدان"، ويهدف الإسرائيليون مع شركائهم المتعددين لتصميم وبناء وتوسيع هذا النظام الجديد الذي ربما لن يؤتي أكله، وخاصة في ظل فشل الكيان من النواحي السياسية والعسكرية والإلكترونية، مقابل تعاظم قوة الجبهة المعادية لهذا الكيان.
تصريحات إسرائيليّة متضاربة
تعمل القوات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي على بناء مركز عمليات سحابية قطاعي على غوغل، وإنشاء بوابة لتعزيز التواصل مع المؤسسات الحكومية والخاصة، وإن تهديد المسؤولين الإسرائيليين لمرتكبي الهجمات الإلكترونية، يعكس الصراع السيبراني المتصاعد ضد الاحتلال، وخاصة مع وضوح الانزعاج الإسرائيليّ من الهجمات السيبرانية، وكان ذلك واضحاً من خلال القول بأن كل من يستهدف المواطنين الإسرائيليين يجب أن يدفع ثمنا باهظا لأفعاله، وعندما يدعي الكيان أنه "لاعب قوي" في مجال الحرب الإلكترونية، وهو جزء أساسي من " قوته الناعمة " ضد الدول التي تدعم المقاومة وترفض احتلاله، يناقض نفسه للغاية فهذه السمعة التي تحاول تل أبيب لصقها بنفسها، تم تقويضها في الفترات الأخيرة عندما عانت "إسرائيل" من هجمات إلكترونية مؤلمة، وفقا لتقارير عربية وعبرية.
"تم إحباط معظم الهجمات الإلكترونية"، مزاعم متكررة تطلقها وسائل الإعلام نقلا عن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، ولكن مع كل اختراق لمؤسسة مهمة تابعة للعدو، تدعي حكومة الكيان الإسرائيلي أن مجموعة المتسللين لم يكن لديها إمكانية الوصول إلى قاعدة بيانات الموقع المخترق، وتزعم دائما أن "المعلومات التي لديهم ليست ذات قيمة كبيرة وبالتالي لا تسبب ضررا كبيرا" ، ولكن لا يوجد ضمان للحماية السيبرانية، ويحذر الخبراء من أن المعلومات والتفاصيل المخزنة بعد اختراق هذه الوزارات الحساسة هي بلا شك مؤثرة للغاية ومهمة وتسبب أضرارا عميقة، ما يضرب كل التصريحات الإسرائيلية عرض الحائط.
وقد تبجح المسؤولون الإسرائيليون بالمشروع الجديد بأنه "قبة حديدية إلكترونية"، فضلا عن نظام دفاع جوي لمواجهة الصواريخ، فيما عقدت تل أبيب، التي تدعي أنها رائدة في مجال تكنولوجيا الأمن السيبراني، مؤتمرا في أواخر مايو/ أيار لإدخال تكنولوجيا الإنترنت المنزلية، حيث جمعت الكثير من الشركات، وفي أوائل الشهر نفسه، أجرى كيان الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة أكبر تمرين إلكتروني مشترك بينهما، وهو سابع تمرين إلكتروني مشترك بين الطرفين.
لهذا، يظهر القلق الإسرائيلي الكبير من "الحرب الإلكترونية"، ورغم أن "إسرائيل" تعتبر نفسها رائدة في مجال تكنولوجيا الأمن السيبراني وتسعى إلى تعزيز قدراتها في هذا المجال، وتستضيف مؤتمرات ومعارض تعرض تقنيات الإنترنت المتقدمة التي طورتها الشركات الإسرائيلية، لا يزال الخوف الإسرائيلي كبيرا في هذا الإطار، وقد أثبتت الهجمات الإلكترونية التي تنكر تفوقها في ذلك، حيث تتعرض باستمرار للهجوم من قبل "المخترقين" الذين عادة ما ينجحون في الحصول على المعلومات المطلوبة، وفقاً لتقارير صحفيّة.
ومن الجدير بالذكر أنه منذ حوالي السنة وقعت الإمارات وأيضا المغرب والكيان الإسرائيلي اتفاقية تعاون في مجال الأمن السيبراني، وتهدف الاتفاقية إلى "تعزيز التعاون التشغيلي والبحث والتطوير وتبادل المعلومات والمعرفة بين البلدين في مجال الأمن السيبراني"، وكانت الاتفاقية واحدة من العديد من الاتفاقيات التي وقعتها بعض الدول العربية المطبعة وتل أبيب، بعد توقيع ما تسمى "اتفاقيات إبراهام" في عام 2020، والتي تهدف إلى تطبيع العلاقات بين كيان الاحتلال وبعض العواصم العربية وشهدت توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة مع هذه الدول، بما في ذلك الأمن السيبراني، وخاصة مع الإمارات.