الوقت - إن هيكل ونوع النظام السياسي الذي یحکم البلدان، لهما تأثير كبير على التغيرات السياسية والاجتماعية فیها. والأنظمة الديمقراطية التي وصلت إلى السلطة عن طريق الانتخابات الشعبية والآليات القانونية، لديها الشرعية الشعبية، بحیث من خلال الحفاظ على فعاليتها في مختلف المجالات الاجتماعية، والاستجابة للمطالب العامة للمجتمع، يمكنها مواصلة استمراريتها بسهولة، لأنها تمتلك الشرعية الأولية وتستطیع عبر كفاءتها السياسية والاجتماعية، تحقیقَ عملیة الشرعية الثانوية بشکل جيد أیضاً.
في الأنظمة الاستبدادية للدول العربية المطلة علی الخليج الفارسي، تفتقر السلطة إلى المرونة المطلوبة، بحیث أن الأشخاص المؤهلین لا یجدون طریقاً إلی الأجهزة التنفيذية والاقتصادية. وبعبارة أخرى، إن اللاعبين الرئيسيین والرسمیین في النظم الاستبدادية یتم توظیفهم على أساس الروابط والانتماءات إلى الأسرة الحاکمة.
وفي مثل هذا النظام، فإن الحاكم في موقع العنصر الرئيسي للبنية السياسية والاجتماعية، یلعب دوراً هاماً في دينامية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد.
ولكن الحكومات غير الديمقراطية وغير الشعبیة، کتلك التي توجد في البلدان العربیة المطلة علی الخليج الفارسي، بسبب الممارسات الاستبدادية والأسرية بشكل أساسي، وعدم القیام بمسؤوليتها تجاه الرأي العام، واجهت الأزمة في شرعيتها التقليدية الأولیة، وخصوصاً أمام التغييرات الهويائية التي وقعت في هذه المجتمعات. ومن جهة أخری، بسبب عدم الكفاءة ولا سيما في الساحات السياسية، وعدم القدرة على الاستجابة للمطالب الشعبية، وخاصةً بين الأجيال الجديدة المنبثقة من عصر الاتصالات والمعلومات، فإن عملية تحقیق شرعيتها الثانوية لا تتم بشکل جید أیضاً.
والهيكل السياسي في هذه البلدان یستمدّ بشکل أساسي بنوع من الأبوية الجديدة أو السلطانية المحدثة، بحیث أن علاقتها مع المواطنين علاقة خطيةٌ وأحادية الجانب، مثل علاقة الوالد بأعضاء أسرته، وهذه العلاقة الأحادية الجانب والاستبدادية وغير الخاضعة للمساءلة، قد ارتبطت أیضاً بالدول الريعية وكذلك الحكومات التابعة للقوى الأجنبية.
وفي هذا الهيكل، تم استبعاد الناس والمجتمع من المعادلات السياسية لهذه البلدان تماماً، وتشکلت في هذه المجتمعات عملياً أرضیات وخلفیات الاستياء الشعبي من هذه البنية السياسية، الأمر الذي يمكن أن یساعد في تشكيل الإجراءات الجماعية المعارضة في هذه البلدان.