الوقت-لا شك أن السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس وخلال كل السنوات الماضية خذلت الشعب الفلسطينيّ وأعادت غرز خنجر الحقد الصهيونيّ والخيانة العربيّة في ظهر قضيّتهم، فتعامل السلطة الفلسطينيّة وتنسيقها الكبير مع الأجهزة الأمنيّة التابعة للكيان الصهيوني، كان له آثار سيئة على مقاومة الشعب الفلسطيني، حيث إن السلطة الفلسطينية ومن خلال تعاملها مع كيان الاحتلال الصهيوني كان الهدف منع إطلاق يد المقاومة وعرقلتها في لجم الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطينيّ، ومنع توجيه البنادق باتجاه العصابات الصهيونيّة المحتلة لأرض فلسطين، ثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الضفة الغربيّة المحتلة والمستهدفة.
وفي هذا السياق من الجدير الإشارة إلى أن تعامل السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس مع الاحتلال الإسرائيليّ يتم بإذلال واستعباد،ورغم هذا يصر عباس، ويؤكد دائماً على استمرار التنسيق الأمنيّ مع الكيان الصهيوني وملاحقة المقاومين في الضفة الغربية، لهذا من الواضح أن سلطة محمود عباس قد استخدمت جميع الأساليب الإجراميّة ضد شعبها، مستجدية العدو الباغي وهذا هو منهج خنوع السلطة الفلسطينية و الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة والاستحقار أمام الفلسطينيين والإسرائيليين.
أزمات مالية طاحنة تواجهها السلطة الفلسطينية
تعاني السلطة الفلسطينية منذ سنوات طويلة من أزمة مالية طاحنة، أثرت سلبًا على الخدمات التي تقدمها من خلال المؤسسات التي تدعمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكذلك دفع مستحقات موظفيها المدنيين والعسكريين كاملةً وعمل سفارتها في الخارج، لكن دائمًا ما كانت تجد “المُنقذ” في اللحظة الأخيرة الذي يساعدها على “ترقيع” تلك الأزمة لكن دون البحث عن حلول جذرية لها.
السلطة التي تعاني من ويلات الحصار المالي وحتى السياسي الخانق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، طالما ناشدت الدول العربية والغربية لإيجاد حلول عملية للضغط على إسرائيل للإفراج عن الأموال المُحتجزة وعدم وضع العراقيل أمام مشاريعها ومحاولات تطوير مواردها المالية، لكن دائما ما كانت تصدم بواقع يشجع الاحتلال على جرائمه وحصاره وعدوانه حتى وصلت للمرحلة الأخيرة.
الكثير من تصريحات المسؤولين الفلسطينيين في الفترة الأخيرة حذرت من “يوم سقوط ” السلطة الفلسطينية، في ظل الأزمات المتشعبة والمعقدة التي تعاني منها، وعجز الرئيس الفلسطيني عن توفير حلول عملية وجادة من أجل إنقاذ الموقف، لكن، يبدو هذا اليوم قد اقترب كثيرًا ولحظة الإفلاس قاب قوسين أو أدنى.وأعلنت السلطة الفلسطينية خلال نقاش معمق أجري أخيرًا، عن احتمال قرب إعلان إفلاسها المالي، بسبب الوضع المالي الصعب الذي وجدت نفسها فيه، إذ تدرس إغلاقًا كاملًا لمكاتبها الحكومية.
استقالات جماعية مفاجئة في مؤسسات السلطة الفلسطينية
حسب تقرير لهيئة البث الإسرائيلية (كان)، تُعد ظاهرة الاستقالات ظاهرة جديدة أخرى تعكس الوضع الاقتصادي الصعب في رام الله، ويتمثل ذلك في إقدام عدد كبير من عناصر جهاز الأمن الفلسطيني على تقديم استقالاتهم من الخدمة العسكرية، والبحث عن عمل آخر، بسبب تلقيهم خلال الأشهر الأخيرة 80% فقط من رواتبهم؛ ما أدى إلى تراكم الديون المالية عليهم، ونتيجة لذلك أغلقت البنوك حساباتها.
ووفق “كان”، فإن المناقشات حول امكانية إعلان السلطة الفلسطينية إفلاسها، تجري حاليًّا في وزارة المالية الفلسطينية بعلم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه.وليس من الواضح ما إذا تم لفت انتباه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إليها، أم إنها انحصرت في الوقت الحالي على مستوى الحكومة الفلسطينية فقط.
تضخم الديون المالية.. الأسباب
وفي تقرير نشر موخراً وضح أن الديون المالية للسلطة الفلسطينية تضخمت بشكل رئيس لسببين رئيسين هما، أوَّلًا، استقطاع إسرائيل ما معدله 40 مليون شيقل (نحو 11 مليون دولار أمريكي) من أموال السلطة الفلسطينية بشكل مستمر كل عام، وثانيًا، انخفاض المساعدات المالية الدولية المقدمة للسلطة الفلسطينية بشكل حاد كل عام أيضًا.
وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية متفاقمة للعام الثاني على التوالي تقول إنها الأسوأ منذ تأسيسها، بسبب مواصلة إسرائيل خصم أموال الضرائب الفلسطينية وتداعيات أزمة مرض فيروس «كورونا الجديد» (كوفيد – 19) وتراجع الدعم الخارجي.
وتحتجز إسرائيل مبالغ ضخمة من العوائد الضريبية الخاصة بالسلطة، نوعاً من العقاب بسبب المخصصات التي تدفعها السلطة للأسرى ولعائلات منفذي الهجمات. وحسب بيانات رسمية فلسطينية، فإنه منذ عام 2019 وصلت قيمة الخصومات الإسرائيلية إلى أكثر من ملياري شيقل.وأموال المقاصة هي ضرائب تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية على السلع الواردة شهرياً إلى المناطق الفلسطينية، وتقوم بتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية، وتصل إلى نحو 200 مليون دولار شهرياً، أكثر أو أقل حسب الحركة التجارية.
ومع استمرار الأزمة هذا العام، هددت نقابات فلسطينية بإجراءات أكثر صرامة من العام الماضي، الذي شهد إضرابات طويلة مست بمسيرة التعليم، وهي إضرابات من المتوقع أن تتوسع هذا العام.إعلان السلطة إفلاسها، قد يكون واحداً من القرارات التي ستدرسها القيادة الفلسطينية في اجتماعها المرتقب بعد عطلة العيد.
تآكل السلطة وتخوف اسرائيلي
هناك تخوف إسرائيلي من انهيار السلطة، ولم يتوقف ذلك عند التصريحات والتحذيرات بل تحركت حكومة الاحتلال رسميًا للطلب من الإدارة الأميركية دعم الفلسطينيين مالياً، لتجنب التكلفة الباهظة التي قد تضطر لتحمل تبعاتها عند بلوغ تلك المرحلة.
وتقف مخاوف حكومة الاحتلال، برئاسة "نفتالي بينيت"، من غياب السلطة الفلسطينية وراء السعي لمنع انهيارها، بسبب الرفض الإسرائيلي العودة للاحتلال المباشر، ولضمان استمرار التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.
ويعني انهيار السلطة الفلسطينية بالنسبة للاحتلال، تحمل الخدمات المدنية والحياتية المقدمة للفلسطينيين، فضلاً عن مغادرة نحو 172 ألف موظف فلسطيني من مدنيين وعسكريين لمواقع عملهم والاصطفاف إلى نسب البطالة المرتفعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يُنذر بتصاعد الأوضاع حد تفجرها في وجه الاحتلال.
وتعمل الحكومة الإسرائيلية على حث واشنطن على زيادة المساعدات المالية لميزانية السلطة الفلسطينية، والضغط على المجتمع الدولي لجهة الانضمام إلى جهود تعزيز السلطة اقتصادياً، وتنفيذ مشاريع اقتصادية كبيرة معها، بهدف منع انهيارها.
وتشارك واشنطن مخاوف الحكومة الإسرائيلية من نتائج الأزمة التي تمر بها السلطة، ما جعلها تدعو سلطات الاحتلال في وقت سابق إلى المساعدة في حلها بوسائل مختلفة، وخاصة تقليص خصم أموال عائدات الضرائب المُستحقة للشعب الفلسطيني.
لا شك بأن السلطة انهارت بنظر الجميع وليست بانتظار الانهيار، وخاصة أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لديها احتياجات ملحة من الصعب تلبيتها في ظل حكومة اليمين الاسرائيلي الحالية، وهي احتياجات على مقدار التحولات الحادة التي جرت في المجتمع الفلسطيني مؤخرا، وازدادت التحديات في الاجهزة الامنية الفلسطينية مع ضيق الأفق والإمكانات ومع استمرار الاعتداءات والتجاوزات الوحشية الاسرائيلية في هذا السياق، بعد أن ساهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بتطبيق مشاريع الكيان الغاصب التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة من خلال التعاون اللامحدود مع الإسرائيليين، ومن منا لا يعرف أنّ السلطة الفلسطينيّة سقطت سقوطاً مدويّاً من قلوب الفلسطينيين وباتت أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته، والمشكلة تكمن في السلطة الفلسطينيّة ذاتها التي أثبتت التجارب الكثيرة أنّها لن تكون في يوم من الأيام ممثلاً شرعيّاً لمطالب الفلسطينيين الذين يعيشون الويلات بسببها على أراضيهم المسلوبة.
وفي السياق نفسه حذر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام “الشاباك” رونين بار من “انهيار السلطة الفلسطينية بعد “فقدانها سيطرتها على العديد من المناطق شمال الضفة الغربية”، مشيرًا خلال لقائه مسؤولين في الأمم المتحدة والإدارة الأميركية إلى أن هذا الوضع “يحتم على الجيش الإسرائيلي التحرك هناك”، مضيفاً إن “ضعف السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على السيطرة على شمال الضفة الغربية يدفع الجيش الإسرائيلي إلى العمل بقوة أكبر تجاه هذه المناطق”.وعقب وزير الطاقة الإسرائيلي “يسرائيل كاتس”، على خبر احتمال إعلان السلطة إفلاسها، قائلاً إن “إسرائيل لا تسعى لانهيار السلطة الفلسطينية، ولا مصلحة لها بذلك رغم العلاقات المعقدة بين الطرفين”.
هل اقترب موعد إفلاس السلطة الفلسطينية؟
الحديث عن إعلان إفلاس السلطة، جاء بعد يوم من محادثة هاتفية بين وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، وفي المحادثة، أبلغ الشيخ، غالانت، بأنه سيعقد لقاءً مهماً للقيادة بعد عيد الأضحى، لاتخاذ قرارات واضحة للرد على العدوان الإسرائيلي.
وكان غالانت قد اتصل بالشيخ، في محاولة لبث الروح في العلاقات المتردية، ولتهدئة التوترات. وناقش الطرفان التصعيد، وأصرّا على الحاجة المشتركة لتهدئة الوضع على الأرض.كذلك هاتف الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، الرئيس محمود عباس، للسبب نفسه. لكن هذه الاتصالات فجرت خلافات في إسرائيل نفسها، وقادت إلى تبادل اتهامات بين وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ومسؤولين إسرائيليين من جهة، وبينه وبين الشيخ من جهة ثانية.
من جانبه اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور، أن الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية سيئ للغاية بسبب تدني حجم المساعدات الخارجية، مشيراً إلى أن “تل أبيب” تدعم بقاء السلطة الفلسطينية وعدم انهيارها باعتبار ذلك مصلحة لها واستجابة لضغوط أميركية وأوروبية.
ورأى غانور أن وجود عناصر متطرفة في الحكومة الإسرائيلية، وتشتت الفلسطينيين وتنافسهم على السلطة يمنعان “إقامة دولة فلسطينية”، لذلك “فالمخرج هو منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً واسعاً في الضفة الغربية على أن تحتفظ إسرائيل بسيطرتها الأمنية عليها”، وحسب غانور أيضاً، فإن “السلام الاقتصادي” هو الحل بعد وصول اتفاقية “أوسلو” بعد 30 سنة إلى “نهاية الطريق”، مشيراً إلى أن “الحكم الذاتي هو السبيل الوحيد”.
هل يدرك عباس أنه سبب معاناة الشعب الفلسطيني؟ ما مصير الرئيس عباس؟
في الحقيقة إن ثقة الشعب الفلسطيني بالرئيس محمود عباس، أو بالنهج الذي يسير عليه معدومة، ومع ذلك ، إن كلمته لن تقدم ولن تؤخر شيئاً في الصراع مع الكيان الصهيوني فالاولى أن يتخذ قرارات مثل وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي وتحسين العلاقات مع الفصائل الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني وسحب الاعتراف بإسرائيل وفي هذا السياق يقول الشارع الفلسطيني إن تصريحات عباس والتي تصدر بين فترة واخرى تبقى مجرد أخبار للاستهلاك الاعلامي فقط. حيث إن عباس يبيع الحزن والتسول بدلاً من اتخاذ قرارات شجاعة وجريئة يمكن أن تحرج دول الاستكبار ، ومن جهةٍ أخرى لا يخفى على احد أن محمود عباس هو جزء أساسي من معاناة الشعب الفلسطيني حيث إن السلطة الفلسطينية وخلال كل السنوات الماضية لم تقدم للمقاومة الفلسطينية شيئاً يذكر بل انها ضاعفت معاناة الشعب الفلسطيني وخانت قضيته، حيث إن حالة العدوانية التي مارستها سلطة محمود عباس ضد قطاع غزة المحاصر تدل على أن سلطة عباس هي سلطة متفردة بالقرار الفلسطيني قامعة للثورات والحريات غير جديرة بالقيادة ولا تؤتمن على شعب يضحي منذ أكثر من 70 سنة.
في الختام الأجدر بالسلطة الفلسطينية أن تكون في موقع الدفاع عن شعبها الذي فعل وسائل المقاومة نتيجة الإجرام الإسرائيلي بإمكانات بسيطة هزت عروش القيادات الإسرائيليّة على مختلف الصُعد، ليرتدع الكيان ويتوقف عند حده، وليس الاتجاه لأن تكون سداً منيعاً في وجهه “الانعتاق الفلسطينيّ” وسبباً في حرب داخلية، في صف الاحتلال وآلته العسكرية، حيث إنّ أكبر دليل على “الغباء السياسيّ” المطبق للسلطة المنهارة أساساً في عيون أبنائها هو نص إعلان (الدولة الإسرائيليّة) المزعومة، والذي يدعي أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسيّة فيها، فأي منهج ذلك الذي تسير عليه!.