الوقت_ يتزايد يوما بعد آخر عدد الشخصيات الصهيونية التي تريد عزل إيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي في حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، باعتباره من أشهر الإسرائيليين بعنصريّته وفاشيّته، حيث تعتبر وزارة الأمن من أهم الوزارات السيادية للكيان الصهيونيّ، وتُمثل ما يُمكن تسميته "هيئة مشتركة" لتطبيق قانون الاستعمار الإسرائيليّ والحفاظ على النظام العام والفعاليات المتعلقة بالأمن الداخليّ، وقد حمل تسلم ابن غفير لتلك الحقيبة الوزاريّة المهمة الكثير من التداعيات على كل المستويات الداخليّة والخارجيّة، ولا يخفى على أحدٍ أنّ المُستوطِن الصهيوني ابن غفير الذي ينفّك أبداً عن التحريض ضد الفلسطينيين، وهو واضح في تشدّده المقيت لدرجة أنّه يظهر كامل عنصريته وفاشيته عبر تصريحاته، حيث إنّه يسعى لاستهداف كلّ ما هو عربيّ وفلسطينيّ من خلال جرائم الضم والإبادة، وهذا يتضمن على وجه الخصوص الأسرى السياسيين الذين يقبعون خلف زنازين الكيان، وهذه المخططات تشمل كل الإسرائيليين المتشددين، وهم على قناعة تامة بأنّه لا يمكن تحقيق أيّ سلام بين اليهود والمسلمين، إضافة إلى إيمانهم بأنّ الأمّة الإسلاميّة ستبقى عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم.
أسوأ فشل في التاريخ
حسب الإعلام العبري، أعلنت القناة 12 التلفزيونية التابعة للكيان الصهيوني، أن يائير لبيد، زعيم المعارضة، طلب من بنيامين نتنياهو عزل بن غفير لعدم كفاءته وعدم اهتمامه بتزايد الجريمة في أوساط المجتمع العربي كما أنه كان أسوأ فشل في التاريخ، وقد تميزت شرطة إسرائيل بهذه الفترة بفاشيتها الكبيرة، من ناحية أخرى، طلب 6 من قادة الشرطة و 40 من قادة الشرطة السابقين من بنيامين نتنياهو إقالة إيتمار بن غفير، أحد شركاء الائتلاف الحاكم، لأنه أصبح يشكل تهديدًا لأمن "إسرائيل"، رغم أنّ الكيان لم يختر ابن غفير لهذه المهمة عن عبث، بمعنى آخر إن إعطاء المساحة والصلاحيات للمتطرف الإسرائيليّ تهدف للتصعيد على كل الصعد، فايتمار يرغب باعترافه بتسجيل حقبة دامية بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه داخل منازلهم ومعتقلاتهم، كما يدعو بكل وقاحة لطرد العرب من بلادهم التاريخيّة، كيف لا؟، وهو زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوّة اليهوديّة)، وهو حزب يمينيّ- دينيّ متطرف، كما أنّ ابن غفير الذي يبلغ (46 عامًا)، يُعد أحد تلاميذ مئير كهانا، الحاخام العنصريّ الأمريكيّ المولد والذي تمّ منع حزبه (كاخ) في نهاية المطاف من دخول الكنيست (البرلمان)، وقد هدد بترحيل الإسرائيليين غير الموالين للعدو، بمن فيهم نائبان عربيان حاليان، وقبل بضع سنوات فقط، كانت لديه صورة معلقة في منزله لـ "باروخ غولدشتاين"، الطبيب المُستوطِن الذي أجرم بأرواح 29 فلسطينيًا في "مجزرة الحرم الإبراهيميّ الشريف" بمدينة الخليل قبل 28 عاماً.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير لها بهذا الصدد، إن شرطة الاحتلال على وشك الانهيار في ظل سياسات ابن غفير، وهو السبب الرئيسي للمشاكل التي تعاني منها شرطة الاحتلال حالياً، وعلى هذا الأساس، كان تسلم ابن غفير لهذا المنصب يعني حرباً مفتوحة على الفلسطينيين وبداية لتصعيد العنف على الساحة الفلسطينيّة، باعتبار أن المُستوطِن الصهيوني إيتمار عرف بعنصريته المقيتة تجاه العرب وانتمائه لحركات معادية لوجودهم في فلسطين منذ مراهقته، وتُعزى الزيادة الأخيرة في تأييده على المستوى الإسرائيليّ إلى جاذبيته المتزايدة بين الشباب اليهود في كيان الاحتلال، وخاصة الرجال الأرثوذكس المتشددين والناخبين الشرقيين التقليديين، وحسب الإعلام العبريّ فإنّ حوالي 60 بالمئة من الصهاينة في الكيان يُعرفون اليوم بأنهم "يمينيون"، وبين الشباب الإسرائيليين (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً)، ترتفع النسبة لتصل إلى 70 بالمئة.
وبعد سحب حقيبة الأمن القوميّ للكيان من ابن غفير، وبتلك الصلاحيات الأوسع تحت ما سميّ “وزير الأمن القومي”، وتجاوز صلاحيات الوزارة ومهامها، ينعكس هذا الأمر على الواقع المحلي الفلسطينيّ والمستوى الإقليمي وعلى وجه التحديد الإسرائيليّ، وخاصة أن إيتمار بدأ منذ مدّة هجمته وتحريضه، ولأنّ "الأمن القوميّ" للكيان هو جزء من سياسة الحكومة التي تستهدف خلق الظروف المواتية لحماية العصابات الصهيونيّة، سيتم استغلال السلطة التي بين يديه لتوسيع أعماله في المستوى المحلي او الاقليمي من خلال سن القوانين تحت ادعاء "الحفاظ على الأمن القومي" مهما كان تطرف تلك القوانين أو حدتها ذات الوجهة اليمينية وتأثيراتها على أرواح الفلسطينيين.
انقسام وازدواجية في الكيان
وفقًا لمطلعين كثر، فقد خلق ابن غفير نوعًا من الانقسام والازدواجية منذ توليه وزارة الأمن الداخلي في "إسرائيل"، وحاول تولي عمليات الشرطة بشكل مباشر في الأشهر القليلة الماضية ووصل الأمر إلى نقطة هدد فيها بإقالة قائد شرطة تل أبيب، ويعلم الجميع أنّ وصول ابن غفير للحكومة التابعة للعدو، كان فضيحة مزلزلة للكيان الذي يتهم أساساً بالعنصريّة من قبل جهات حقوقيّة دوليّة، وأفرز هذا القرار تداعيات لا شك بأنّها خطيرة للغاية، وخاصة أنّ ابن غفير يهدف بوضوح لمحاولة محو الوجود الفلسطينيّ لصالح الجماعات الصهيونيّة التي جُلبت من أصقاع الأرض، وبالتالي فإنّ الصلاحيات التي استخدمها الفاشيّ الإسرائيليّ ستكون من خلال عدة اساليب، بدءاً بمحاولة توسيع السيطرة الصهيونيّة أي المزيد من عمليات الهدم و الطرد القسرّي والتهويد في القدس والضفة الغربية المحتلتين، وليس انتهاءاً عند رفع حدة الإجرام والاعتداء الصهيونيّ.
من ناحية أُخرى، حاول الوزير العنصريّ تعزيز عدد المهاجرين من خلال جذب المستوطنين من كل الدول إلى المستوطنات وزيادة الكثافة السكانية في الضفة الغربية ليشكلوا عصب القوة البشرية له، وبالتالي تعويل الكيان على استقدام المهاجرين ورفع اعداد المتشددين، مع اهتمام أكبر بقضية فقدان "الأكثرية اليهوديّة" في فلسطين المحتلة، بالتزامن مع التزايد السكاني العربيّ الذي يفزع الإسرائيليين، فعلى الرغم من أنّ القوانين الإسرائيليّة تشجع بشدّة هجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينيّة الواقعة تحت السيطرة الصهيونيّة، تنخفض نسبة اليهود في الميزان نتيجة الزيادة الطبيعية الأسرع بين السكان الفلسطينيين، وهذا ما حاول تغييره، كما ارتفعت حدّة الاعتداءات الإسرائيليّة على الدول المجاورة لفلسطين المحتلة.
خلاصة القول، يتنبأ البعض بأن تعيش الأراضي الفلسطينية أياماً عصيبة للغاية سواء رحل أو بقي ابن غفير لأنّ حضوره وغيابه عن المشهد الإسرائيليّ سينعكس بشدّة كبيرة على الوضع الصهيونيّ من ناحية الموالين للنظام الاحتلاليّ الحاكم أو معارضيه، وربما تشهد انتفاضة مختلفة تزلزل الأوضاع بأكملها فلسطينيّاً أو حتى إسرائيليّاً، فمن المتوقع استخدام سياسة التطرف ضد المسجد الاقصى والازدياد في عملية الاقتحامات وتقليص الوجود الفلسطيني في عاصمة بلادهم من خلال فرض عقوبات اقتصادية او سياسة عليهم، وزيادة التطرف ضد الأسرى الفلسطينيين والاستمرار في الإرهاب بحق الفلسطينيين، ولكن هذا الأمر بلا شك ينعكس سلباً على مستقبل "إسرائيل"، حيث تعيش الأوساط الإسرائيليّة حالة هيستيريّة مبررة، نتيجة تصاعد موجات عمليات المقاومة الفلسطينية بشكل مختلف عن كل المراحل، ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه الذين أجرموا بشدّة بحق هذا الشعب منذ اليوم الأول لاحتلالهم العسكريّ.