الوقت - اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد ، الأربعاء ، أن بيان وزارة الخارجية الإثيوبية الصادر الإثنين تعقيباً على قرار القمة العربية الأخيرة بدعم موقف مصر والسودان في قضية سد النهضة، “مضلل ومليء بالمغالطات، بل محاولة يائسة للوقيعة بين الدول العربية والأفريقية من خلال تصوير الدعم العربي لموقف مصر العادل والمسؤول باعتباره خلافاً عربياً أفريقياً”.
وأعرب المتحدث ، في بيان صحفي، عن أسفه لما حواه البيان من “ادعاءات غير حقيقية بأن الدول الثلاث، مصر وأثيوبيا والسودان، اتفقت بالفعل خلال المفاوضات على حجم المياه التي سيتم تخزينها وفترة ملء خزان السد، وأن لجوء مصر والسودان لطلب الدعم العربى يُعد انتهاكاً لاتفاق المبادئ، بل الادعاء بأن الدول العربية الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى لا تدعم القرار العربى الصادر عن القمة الأخيرة بالإجماع”.
وأشار إلى أن “تاريخ مصر الداعم لحركات النضال الوطنى والتحرر من الاستعمار فى أفريقيا، وما تبذله من جهود وترصده من موارد لدعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء السلام فى القارة، لا يتماشى مطلقاً مع ادعاءات واهية بأن مصر تحشد الدول العربية ضد المصالح الأفريقية”.
وأضاف إن “كون إثيوبيا دولة المقر للاتحاد الأفريقي لا يؤهلها للتحدث باسمه أو دوله الأعضاء بهذا الشكل، للتغطية على مخالفاتها لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار”.
وفند المتحدث ادعاء إثيوبيا بأنها راعت شواغل مصر والسودان، مشيراً إلى أن ذلك يتناقض مع حقيقة استمرار المفاوضات لأكثر من 10 سنوات دون جدوى، ودون أي التزام أو اعتبار لحقوق دول المصب.
وطالب الجانب الإثيوبي بالتوقف عن التذرع المغرض بما تسميه ”الاتفاقيات الاستعمارية للتحلل من التزاماتها القانونية التى وقعت عليها وهي دولة كاملة السيادة، وواجبها الأخلاقي بعدم الإضرار بدول المصب، والتوقف عن إلقاء اللوم على الأطراف الأخرى لمجرد مطالبتها الالتزام بالتوصل للنتيجة الطبيعية للمفاوضات، وهى اتفاق قانونى ملزم يراعي الشواغل الوجودية لدول المصب، ويحقق التطلعات التنموية للشعب الإثيوبي”.
وكانت الخارجية الإثيوبية قد أصدرت بيانا الاثنين أعربت فيه عن خيبة أملها إزاء البيان الذي أصدرته قمة جدة العربية الأخيرة بشأن سد النهضة الإثيوبي.
وأوضحت فيه أن البيان يعد إهانة للاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء التى تسعى جاهدة للتفاوض على حل ودي لمسألة سد النهضة، وأن البيان يتعارض مع التاريخ والقيم المشتركة لشعوب إفريقيا والعالم العربي.
وجاء في البيان أنه في عام 2015 ، وقّعت مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقية إعلان المبادئ، وذكرت أنه ينص بوضوح على أن بناء السد يجب أن يستمر إلى جانب المفاوضات حول المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بالملء الأول وتشغيله، وذكرت أيضا أنه قد تم الاتفاق على تفاصيل ملء السد ، بما في ذلك الحجم والمدة، من قبل خبراء الدول الثلاث.
وأوضحت الخارجية الاثيوبية أن إثيوبيا ظلت تراعي مخاوف مصر والسودان طوال المفاوضات وأنها سوف تواصل احترام مبدأ الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل.
ونفت أن إثيوبيا اتخذت إجراءات أحادية الجانب، ووصفتها بأنها سوء فهم متعمّد.
وذكرت الخارجية الاثيوبية أن إثيوبيا تعمل جنبا الى جنب مع السودان بما يخص سد النهضة، لافتة إلى أن إثيوبيا تشيد بموقف بعض الدول التي حذرت من محاولات مصر تصعيد الأمر.
وذكرت الخارجية الإثيوبية أنها على ثقة من أن أعضاء الجامعة ، ولا سيما الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ، سوف تنأى بنفسها عن هذا البيان، مشيرة إلى أنه يجب عليهم منع مصر من إساءة استخدام الجامعة، ما قد يؤدي إلى حدوث صدع في الصداقة والعلاقات التاريخية العربية الأفريقية الدائمة.
واختتم البيان الاثيوبي حاثا مصر على التخلي عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل، مستشهدة بالاتفاقات الاستعمارية البائدة والموقف القائم على العقلية الاستعمارية، مؤكدة أنه يجب على مصر التفاوض بحسن نية والتوصل إلى نتيجة مربحة للجميع ، ووضع الأساس للأجيال القادمة في جميع دول حوض نهر النيل لتنمية الصداقة والتعاون على أساس الاحترام المتبادل.
وكان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة قد أكد أنّ "الأمن المائي لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن المائي العربي"، رافضاً "أي عمل يمس بحقوقهما في مياه النيل".
وأعرب المجلس عن "قلقه الشديد إزاء الاستمرار في الإجراءات الأحادية لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي"، معتبراً أنّ هذه الإجراءات "تخالف قواعد القانون الدولي، ولا سيما اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم، في 23 مارس/ آذار 2015".
ورصدت صور لأقمار صناعية أخيراً تسارع الأعمال الإنشائية الخاصة بسد النهضة، وهو ما فسره البعض بأنّ إثيوبيا تستغل الأحداث الحاصلة في السودان من أجل الانتهاء من أعمال البناء في السد.
وتلقت مصر رسائل دولية سلبية، رداً على مطالب قدمتها للإدارة الأميركية وقوى غربية، من أجل الضغط على إثيوبيا قبل الملء الرابع للسد، المقرر انطلاقه في يوليو/ تموز المقبل، إذ سعى مسؤولون مصريون لاستدعاء ضغط دولي على أديس أبابا من دون جدوى، بهدف منعها من استغلال الأزمة السودانية التي اندلعت في إبريل/ نيسان الماضي، لإلحاق الضرر بدولتي المصب.
من جهته، أوضح أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن إثيوبيا اعتادت على المغالطات والتعنت منذ إنشاء سد النهضة عام 2011 حتى اليوم، فضلاً على رفضها استئناف أي مفاوضات منذ توقفها عام 2021 حتى اليوم، مؤكداً أنه من الطبيعي أن تقف الدول العربية بجانب دولتي المصب «مصر والسودان» في أزمتها المائية، كما أن ما قامت به «قمة جدة» لا يتعارض إطلاقاً مع الاتحاد الأفريقي أو مع التدخلات الإقليمية والدولية بشأن تلك الأزمة، والقاهرة تسعى منذ بداية الأزمة لاتفاق قانوني ملزم يحمي الأمن المائي لمصر وللسودان، وهو أمر ترفضه تماماً إثيوبيا وتواصل عملية بناء السد الذي اكتمل بنسبة 90%، كما أنها تستغل أزمة القتال في السودان منذ 15 أبريل الماضي، بالسعي بكل ما لديها لتسريع الملء الرابع لسد النهضة.
وأضاف شراقي، أديس أبابا تتصرف بأزمة سد النهضة بشكل أحادي بل إنها تعقد الأزمة، ضاربة عرض الحائط جميع المواثيق الدولية المتعلقة بالمجاري المائية والأنهار، كما أنها تستعد للتخزين الرابع، الذي ربما يكون أعلى من مراحله الثلاث السابقة، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى الخطر الوجودي للشعبين المصري والسوداني، بعدما أعلنت إثيوبيا نيتها تخزين 74 مليار متر مكعب في خزان سد النهضة، وهو ما يعد تهديداً للأمن المائي لدولتي المصب، وخصوصاً مصر التي تعتمد بنسبة 90% على مياه نهر النيل، منتقداً أداء الاتحاد الأفريقي وعدم حلها، رغم أنه رعى المفاوضات على مدار عدة سنوات دون نتيجة.
ويشير أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إلى أن القاهرة والخرطوم تسعيان منذ أكثر من عقد إلى الدخول في مفاوضات مع إثيوبيا للوصول لاتفاق ملزم لملء وتشغيل السد، مشدداً على أن من حق القاهرة سحب اعترافها بإعلان المبادئ الذي تم بين الدول الثلاث عام 2015، بسبب المخالفات الجسيمة التي اقترفها الجانب الإثيوبي في رفضه الأخذ بكل ما جاء بإعلان المبادئ، بل ومقاضاة أثيوبياً دولياً، كونه خل بوجود مبدأ التعويضات المستحقة لمصر والسودان حال ثبوت وقوع أضرار بالغة للسد على دولتي المصب، وهو ما ترفض إثيوبيا مناقشته حالياً.
من جهته قال الدبلوماسي المصري المخضرم مصطفى الفقي إن الرئيس السيسي لم يخطئ يوما في أحد، ويجب أن نحاصر إثيوبيا بزخم من المشروعات، مؤكدا أن مصر لديها حق تاريخي في المياه، ولابد من القيام بمشروعات في إثيوبيا، لأن لديهم مشاكل في التنمية.
وأكد الفقي في تصريحات إعلامية أن المجتمع الدولي خذلنا في أزمة السد الاثيوبي، لافتا إلى أن هناك أصابع كثيرة تريد أن تدمر وحدة الأفارقة، مشيرا إلى أن مصر تجمعها علاقات تاريخية مع إثيوبيا.
وقال الفقي إن حل مشكلة السد الاثيوبي لابد أن يؤخذ في صفقة عامة تجارية واقتصادية وسياسية.
واختتم مؤكدا أن الرئيس السيسي يعلم كيف سيحل أزمة السد الاثيوبي، لافتا إلى أن حل أزمة السد الاثيوبي يكون بالقدرة على تحشيد العالم للتضامن مع مصر.