الوقت – طلب النائب الأردني عن كتلة الإصلاح، صالح العرموطي، استجواب رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، حول تحالف عسكري يجمع الأردن، وأمريكا، والكيان الصهيوني، ودولا عربية أخرى.
وقدم العرموطي استجوابا لرئيس الحكومة يسأل فيه عن مشاركة الأردني فيما تسمى مناورات "العلم الأزرق"، في الأراضي المحتلة، مطالبا بتفاصيل كاملة عن المشاركة الأردنية في المناورات إن حدثت.
وسأل النائب عن المصلحة الأردنية، من المسؤول عن المشاركة في مناورات مع الاحتلال الإسرائيلي. ولم تجب الحكومة على استجواب النائب بعد.
ما يريده القطب البرلماني الأردني صالح العرموطي من استجواب رئيس الوزراء ليس الحصول على أجوبة محددة حول طبيعة عمل القواعد العسكرية الأمريكية في البلاد بقدر ما أراد تعزيز الفضول السياسي والبرلماني بعنوان البحث عن أي اتفاقيات خلف الستائر لم تشرح للبرلمان ومرتبطة بالجوانب الدفاعية والأمنية للسلام الإبراهيمي.
عبر النائب العرموطي طوال الوقت عن قناعته بأن موجة الإبراهيميات الجارفة كانت ولا تزال تهدد المصالح الأساسية والحيوية للشعبين الأردني والفلسطيني.
فوق ذلك ومن الثقب الصغير المتاح في ملف حساس من هذا النوع يتسلل العرموطي مجددا ظهر الأحد وهو يعلن تحويل أسئلة بالخصوص دستورية الطابع وجهها إلى الحكومة قبل أشهر، إلى استجواب دستوري لرئيس الوزراء تحت تبرير عدم القناعة بالمعلومات والأجوبة الحكومية التي قدمت حول مناورات “العلم الأزرق”.
سأل العرموطي سابقا في محاضر البرلمان عن دور ووظيفة وطبيعة القواعد العسكرية الأمريكية المقامة في الأردن. ثم عاد وسأل قبل تحويل الأسئلة إلى استجواب عما إذا كانت بلاده قد شاركت الكيان الإسرائيلي أو غيره من دول المنطقة بمناورات وتدريبات جوية.
وعبارة “أي دولة أخرى” التي وضعها العرموطي في استفساره الدستوري تحاول فهم ما إذا كان الأردن قد شارك في مناورات جوية مثيرة للجدل ولو تحت ظل دولة الإمارات العربية المتحدة مع الإسرائيليين والأمريكيين فوق سماء فلسطين المحتلة.
طبعا أجابت الحكومة لكن جوابها لم يعجب العرموطي فقرر استخدام صلاحياته التشريعية في التحول إلى استجواب لرئيس الحكومة.
وهو استجواب يقول النواب أنفسهم إن أهدافه سياسية وإعلامية وقد لا يكتمل فالنواب بالعادة أحالوا أسئلتهم إلى استجوابات عدة مرات، لكن ما يلفت العرموطي النظر له استجواب رئيس الوزراء بصفته وزيرا للدفاع أيضا في شأن ملف مرتبط بترتيبات أمنية إقليمية الطابع تقول الحكومة إنها عابرة لفضول النواب ومرتبطة بمصالح التحالفات العليا.
على كل حال لا يمكن معرفة تداعيات الاستجواب لأن الدورة غير منعقدة الآن والبرلمان نفسه قد لا يعود لاحقا والأنباء تواترت عن دورة استثنائية صيفية ترتبط بجدول أعمالها فقط الوارد في نصوص الإرادة الملكية.
ذلك لا يعني عمليا إلا أن الاستجواب الذي أعلنه مرجع قانوني وبرلماني مثل العرموطي سياسي وإعلامي بالدرجة الأولى.
وعلى الأرجح قد لا تتعامل معه الحكومة بالجدية المطلوبة لاحقا لأن العرموطي نفسه وعدة مرات كان من أبرز المعترضين على توقيع اتفاقيات لإقامة قواعد عسكرية أمريكية على الأرض الأردنية بعيدا عن الاستحقاق الدستوري كما يقول ودون عرض تلك الاتفاقيات على مجلس النواب.
طبعا لم تعلن السلطات الحكومية سابقا عن المشاركة في تدريبات عسكرية إلى جانب إسرائيل والأمر مستبعد بكل حال.
وبعض المصادر تشير إلى تدريبات أمريكية أردنية قد تكون جزءا من استراتيجية تدريبية دفاعية أمريكية غير مباشرة مع أطراف أخرى، الأمر الذي يتجاهله العرموطي أو غيره أحيانا.
والانطباع قوي وسط نخبة عمان السياسية بأن وجود مرافق منشآت عسكرية أمريكية في الأردن قد يكون واحدا من أفضل المنجزات في السنوات الأخيرة لأن التعاون العسكري بين الجانبين قديم وقائم منذ عقود، ولأن هذه المرافق إن كانت موجودة توفر حزمة من الضمانات لحماية المصالح الأردنية وتعزيز قدرات الأردن اقتصاديا وأمنيا ودفاعيا.
أي رهان سياسي أردني على فائض القوة والمكانة والدور الذي توفره قواعد عسكرية أمريكية في الداخل الأردني وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالزاوية المرتبطة بالقضية الفلسطينية وتداعياتها، يمكنه أن يتحول ببساطة إلى رهان في غير اتجاهه الصحيح، أو إلى عبء سياسي ضاغط على القرار السياسي الأردني.
هناك إشكالية في الرهان على الوجود العسكري الأمريكي وما يعنيه ويؤسسه من دلالات سياسية مباشرة وإيحائية، تبقى ملتبسة عندما يتعلق الأمر بإجراء جردة حساب عميقة بعدما أخضع وزير واحد متطرف في حكومة إسرائيل هو إيتمار بن غفير، الوصاية الهاشمية الأردنية في القدس وعلى أوقافها الإسلامية والمسيحية إلى اختبار كان يمكن الاستغناء عنه.
وهو أمر يعني أن الرهان على العلاقات الأمريكية الأردنية الاستراتيجية في مسألة الفارق ما بين الانخراط في دور محتمل تعد إسرائيل أصلاً جزءاً منه، وما بين الاستظلال بحماية الأمريكيين حتى من اليمين الإسرائيلي- ينبغي أن يظهر كمساحة واضحة الملامح في الفوارق في إطار الحسابات الأردنية بعد الآن وبعيداً عن الأوهام بطبيعة الحال.
وبالنسبة لكثير من الأردنيين، يزيد الوجود العسكري الأمريكي في البلاد من المخاطر التي يواجهها الأردن لأنه عندما ترسل الولايات المتحدة قواتها إلى بلد ما، يصبحون جزءا من الأزمة بل يزيدونها خطورة كما جرى في أفغانستان والعراق. لذلك يعتقد الأردنيون أن الوجود الأمريكي في الأردن، في ظل التوترات التي تعصف في الأراضي المحتلة، يشكل خطراً حقيقياً على البلاد.