الوقت- في 10 مايو 2021 بأمر من "محمد الضيف" قائد كتائب الشهيد عزالدين القسام الفرع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، نفذت المقاومة هجومها الصاروخي على أهداف صهيونية في مدينة القدس. كان هذا الهجوم بداية معركة ضد العدو المحتل في كل فلسطين، استمرت حتى 21 مايو 2021، وانتهت باستجداء الصهاينة لوقف إطلاق النار وقبول شروط المقاومة الفلسطينية.
في تمام الساعة 4:45 من يوم 10 مايو 2021، نشرت كتائب "عزالدين القسام" بيانًا أمهلوا فيه الكيان الصهيوني حتى الساعة السادسة مساءً لإنهاء اعتداء المستوطنين الصهاينة في باحات المسجد الأقصى. كانت النقطة المهمة والاستثنائية في هذا البيان هي ملحقاتها.
وفي بيان تهديد الكيان الصهيوني لكتائب "عزالدين القسام" تم إرفاق فيلم قصير لـ "محمد الضيف" القائد الأسطوري لكتائب "عزالدين القسام"، حيث هدد فيه الكيان الصهيوني بلغته. أظهر نشر صورة "محمد الضيف" - الذي ظل مختفياً لسنوات على الرغم من كونه على رأس قائمة الإرهاب التابعة للكيان الصهيوني، ولم يعثر الصهاينة له على أي أثر، مدى خطورة التهديد.
في الساعة 6:04 مساءً، في نفس الوقت الذي انتهت فيه مهلة حماس للكيان الصهيوني، سمع صوت صواريخ المقاومة من الجزء الصهيوني من مدينة القدس. أثار هجوم المقاومة رد فعل من قبل الكيان الصهيوني، وكان معنى هذا الرد بداية حرب شاملة بين مجموعات المقاومة والكيان الصهيوني. مع الفارق أنه لأول مرة كانت المقاومة هي التي بدأت الهجوم. في نفس الوقت الذي بدأت فيه المقاومة الفلسطينية هجماتها، أعلنت أنه من الآن فصاعدًا، سيحظى كل فلسطيني في أي مكان في فلسطين بدعم المقاومة، وأي هجوم على الفلسطينيين وما يخص الفلسطينيين ومقدساتهم سيلقى رد فعل المقاومة.
تضامن الفلسطينيين في مناطق أخرى
بمبادرة من المقاومة انطلق نور الأمل في قلوب الفلسطينيين وأعلنوا تضامنهم مع المقاومة من كل مكان. نظم السكان الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 احتجاجات حاشدة. شرعت فصائل فلسطينية في إطلاق النار على قوات الاحتلال شمال فلسطين من مخيم الرشيدية في لبنان. وصل الفلسطينيون الأردنيون لأول مرة إلى حدود فلسطين والأردن، وأطلقت الصواريخ من سوريا باتجاه الجولان المحتل. أصبحت الضفة الغربية قطعة من الجحيم بالنسبة للصهاينة، وأوشكت الصراعات على التحول إلى حرب. كل هذه كانت من المبادرة التي استخدمتها المقاومة لأول مرة، بمهاجمة الكيان الصهيوني بعد أن تجاوز الخط الأحمر للمقاومة.
أخيرًا، مع تطور هجمات المقاومة وإعلان استعداد فصائل المقاومة لمواصلة المعركة لعدة أشهر حتى تلبية مطالبهم، ومع الطلبات المتكررة للكيان الصهيوني من الوسطاء المصريين والأوروبيين، بقبولهم شروط المقاومة، بعدم تعدي المستوطنين والجيش الصهيوني مرة أخرى على المسجد الأقصى، وانهاء عمل الكيان في اغتصاب منازل الفلسطينيين في حي "الشيخ جراح" وانهاء مسيرة "العلم" الزائفة في أحياء القدس الفلسطينية، انتهت الحرب في 21 مايو 2021.
ملامح معركة "السيف القدس"
معركة "سيف القدس" من حيث السمات العسكرية تشمل الهجمات الصاروخية بعيدة المدى، وتحديد وقت انتهاء الحرب، وخداع العدو في الهجمات الصاروخية، ومفاجأة العدو، ولكن بالإضافة إلى الميزات العسكرية المذكورة أعلاه، هناك معارك ذات سمات حصرية لم يسبق لها مثيل خلال ما يقرب من 8 عقود من احتلال فلسطين.
بداية هجوم المقاومة الفلسطينية
لأول مرة في معركة "سيف القدس" كانت المقاومة هي التي بدأت الهجوم على الكيان الصهيوني. كان هذا العمل غير مسبوق خلال ما يقرب من ثمانية عقود من احتلال فلسطين وما زالت آثار هذا العمل الاستباقي للمقاومة قائمة. حيث بين الهجوم الذي وقع بوضع الخطوط الحمراء للمقاومة والتحذير من تجاوز الصهاينة، ونُفذ في الوقت المحدد، أن وعد المقاومة وعد حقيقي ولا يمكن نقضه.
هذا العمل الاستباقي خلق ساحة جديدة في فلسطين، حيث كانت ساحة هجوم استباقي للمقاومة. كان الكيان الصهيوني معتادًا على شن الحرب والدفاع عن المقاومة، لكن في هذه المعركة أدرك الصهاينة أنهم لن يعودوا في مأمن من هجوم المقاومة. هذه القضية خلقت ردعًا قويًا ضد الصهاينة، وهو كما ذكرنا لا يزال مستمراً ولا يزال الصهاينة يكافحون للتغلب عليه.
إقامة قوة ردع هجومية في فلسطين
خلقت حرب الـ 51 يومًا على غزة عام 2014 نوعًا من الردع لقطاع غزة نظرًا لطولها والنجاحات التي جاءت معها. لكن الردع الذي نشأ في تلك المرحلة كان ردع دفاعي. وهذا يعني أنه بعد بدء هجوم الجيش الصهيوني على قطاع غزة، كان نوع تفاعل المقاومة الفلسطينية دفاعياً ضد هذه الهجمات لدرجة أن المحتلين لم يجرؤوا على مهاجمة قطاع غزة.
قبل عام 2014، كان الكيان الصهيوني يشعر بالحرية في اتخاذ أي إجراء ضد قطاع غزة. بطريقة تجعله في أي وقت، وللهروب من مختلف المشاكل وتحقيق أهداف تكتيكية، يضع الهجوم على قطاع غزة على جدول أعماله. إلا أن أداء المقاومة في معركة الـ 51 يومًا، وضع الكيان الصهيوني في مستنقع لا يستطيع الخلاص منه.
حولت معركة "سيف القدس" الردع الدفاعي لحرب 2014 إلى ردع هجومي. ما يعنيه أن المقاومة لن تنتظر بعد الآن عمل المحتلين لمعاقبة العدو بالهجوم، ولكن عندما يتجاوز المحتلون الخط الأحمر الذي أعلنته المقاومة، فإن المقاومة سترد بكل اقتدار.
تطوير ردع المقاومة لعموم فلسطين
قبل معركة "سيف القدس" كانت المقاومة تدافع دائمًا عن نفسها ضد هجمات الصهاينة لأنها لم تتخذ إجراءات استباقية ضد الكيان الصهيوني. لهذا السبب، وبغير وعي، اقتصر مجال الردع ضد الصهاينة على قطاع غزة. بينما وسعت معركة "سيف القدس" هذه المنطقة لتشمل كل فلسطين بمبادرة من المقاومة. وكانت نتيجة هذا التطور الداعم إحياء أمل النضال في نفوس أطفال فلسطين في الدفاع عن فلسطين التاريخية. بعد معركة "سيف القدس"، شهدت عمليات المقاومة في كل تاريخ فلسطين تطوراً كمياً ونوعاً.
توحد 3 مناطق داخل فلسطين
ورافقت بداية المعركة ضد العدو الصهيوني قصفاً من جانب الفلسطينيين في الضفة الغربية على الصهاينة. أي إن الضفة الغربية وقطاع غزة دخلتا ميدان الصراع مع الكيان الصهيوني في نفس الوقت. لكن للمرة الأولى، تحرك الفلسطينيون المقيمون في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى إعلان تضامنهم الدائم مع قطاع غزة والضفة الغربية، في الميدان وقاموا باحتجاجات حاشدة كبيرة في الأراضي المحتلة عام 1948.
هذه الاحتجاجات في الشوارع أرعبت الصهاينة بشكل كبير. وبهذه الطريقة، قامت عدة كتائب من الوحدات الحدودية للجيش وعصابات المستوطنين الارهابية بنقل ساكني الضفة الغربية إلى المناطق الفلسطينية من أراضي 1948، وخاصة في شمال فلسطين المحتلة. إضافة إلى ذلك، أعطت هذه المعركة الأمل للاجئين الفلسطينيين ولبنان وسوريا والأردن وفعالياتهم المتعاطفة من خلال دعم ومواكبة المقاومة الفلسطينية.
معركة "سيف القدس" حدث فريد من نوعه في تاريخ فلسطين، والتي أصبحت الآن نمطاً وما زالت مستمرة. ما زال الردع الناتج يمنع الصهاينة من اتخاذ إجراءات خطيرة ويجبرهم على التخطيط لإزالة هذا الردع طوال عامين كاملين منذ انتهاء هذه المعركة. لكن ذكاء المقاومة انتهز الفرصة من الصهاينة، والردع الذي أوجده "سيف القدس" لا يزال يتطور. إن الطريق الذي فتحه "سيف القدس" في فلسطين هو طريق غايته تحرير فلسطين والقدس الشريف، والجهود المبذولة لتحرير القدس يجب أن تتبع منهجه.