الوقت- يبدو أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا بدأت في أخذ منحنى جديد، إذ شهدت الآونة الأخيرة تصعيدا في عمليات الاغتيال كان أبرزها محاولة استهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل الكرملين.
وفي أحدث عمليات الاغتيال أصيب الكاتب الروسي زاخار بريليبين المؤيد لغزو أوكرانيا، السبت بجروح بالغة في “انفجار” سيارته، ما حمل موسكو على اتهام أوكرانيا والغرب بالوقوف خلف هذا الهجوم.
ووقع الانفجار الذي أسفر عن مقتل سائق الكاتب، في وقت تتعرض روسيا لعدد متزايد من الضربات بواسطة طائرات مسيرة وعمليات تخريب واعتداءات من غير أن تتضح الجهة المسؤولة عنها.
ويتهم الكرملين أوكرانيا بالوقوف خلف هذه العمليات، وهو ما تنفيه كييف في وقت تعد قواتها لهجوم واسع النطاق مع اقتراب الاحتفالات في روسيا بذكرى الانتصار على القوات النازية في التاسع من أيار/مايو.
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان “قتل شخص بالانفجار وجرح الكاتب زخار بريليبين الذي كان في السيارة”، وأكدت لاحقا توقيف مشتبه به من مواليد 1993 مع سوابق قضائية في منطقة نيجني نوفغورود حيث وقع الهجوم.
وأفاد المحققون الروس مساء السبت بأن المشتبه به الموقوف “تحرك في ضوء تعليمات” من أجهزة الأمن الأوكرانية.
وقالت لجنة التحقيق في بيان إن المشتبه به ألكسندر برمياكوف “قال خلال استجوابه إنه تحرك بناء على تعليمات الأجهزة الأوكرانية الخاصة”.
وقالت وكالة انترفاكس نقلا عن مصدر طبي إن الكاتب في حالة “خطيرة”. وأضاف المصدر “اتخذ قرار بعدم نقله الى موسكو وبإخضاعه لجراحة في نيجني نوفغورود”.
وفي وقت سابق، كتب غليب نيكيتين حاكم منطقة نيجني نوفغورود (وسط غرب) التي ينحدر منها الكاتب، على تطبيق تلغرام أن “زخار مصاب بكسور طفيفة، ولا خطر على حياته”.
واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا أوكرانيا والولايات المتحدة وبريطانيا والحلف الأطلسي بالوقوف خلف هذا العمل “الإرهابي”، وحمّلت على تلغرام “مسؤولية مباشرة للولايات المتحدة وبريطانيا”.
وحسب لجنة التحقيق التي تحدثت عن “عمل إرهابي”، كان زخار بريليبين في سيارته “مع عائلته” عندما وقع الانفجار قرابة الساعة 11,00 (8,00 ت غ).
وأظهرت صورة لموقع الحادث نشرتها لجنة التحقيق سيارة بيضاء منقلبة على سطحها وقد تحطم قسمها الأمامي أمام فجوة على طريق ترابي في منطقة حرجية.
ناصر الكاتب الذي يعد شخصية بارزة على الساحة الأدبية وترجمت أعماله في العديد من البلدان، الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا وقاتل بجانبهم منذ العام 2014.
ومنذ ذلك الحين، يذهب بانتظام إلى شرق أوكرانيا ويدافع عن الرئيس فلاديمير بوتين وهجومه على أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير 2022.
كما يشارك بنشاط في التحركات القومية والتقليدية في روسيا حيث يبقى حاضرا في وسائل الإعلام الروسية.
وشارك الكاتب الخاضع لعقوبات أوروبية منذ نهاية شباط/فبراير 2022، العام الماضي في مجموعة برلمانية مكلفة بالكشف عن عناصر الأوساط الثقافية في روسيا الذين يبدون “مواقف معادية لروسيا”.
وقبل تأييده بوتين، نشط هذا المقاتل السابق في حربي الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، لفترة مع المعارضة في صفوف الحزب القومي البلشفي بقيادة الكاتب إدوارد ليمونوف (1943-2020).
وبريليبين ليس أول شخصية مؤيدة للحرب على أوكرانيا يستهدفها اعتداء، ففي مطلع نيسان/ابريل، قُتل المدوّن العسكري فومين المؤيد لغزو أوكرانيا، واسمه الحقيقي فلادلين تاتارسكي، في انفجار تمثال مفخخ في مقهى بوسط سانت بطرسبورغ يملكه رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين.
وفي أواخر آب/أغسطس قضت داريا دوغينا ابنة المفكر القريب من الكرملين ألكسندر دوغين، في انفجار سيارتها في منطقة موسكو.
وحملت وزارة الخارجية الروسية السبت الولايات المتحدة المسؤولية عن انفجار سيارة تسبب بمقتل شخص وإصابة الكاتب القومي الروسي زاخار بريليبين المؤيد لغزو أوكرانيا.
وقالت الوزارة في بيان “المسؤولية عن هذا العمل الإرهابي وغيره لا تقع على عاتق أوكرانيا فحسب، بل على عاتق رعاتها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة”، مضيفة إن “صمت المنظمات الدولية المعنية أمر غير مقبول”.
وفي 27 أبريل الماضي، نشرت بعض الصحف الغربية تقارير حول محاولة عملاء المخابرات الأوكرانية اغتيال الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عبر طائرة دون طيار كاميكازي (يو جي- 22) محملة بـ (17) كيلو جراما من المتفجرات، وأفادت التقارير بأن تلك المهمة السرية فشلت بعد تحطم الطائرة الدرون على بعد أميال قليلة من هدفها، وهو منطقة "رودنيفو" الصناعية الجديدة بالقرب من موسكو والتي كان مقررًا أن يزورها "بوتين". وقدر رد المتحدث الرسمي للرئاسة الروسية (الكرملين) "ديمتري بيسكوف" آنذاك "أنه لا علم لنا بهذه الأخبار".
وبعد أقل من أسبوع على ذلك الحدث وفي تطور ربما يشكل المنحنى الأخطر في الحرب الأوكرانية، اتهم الكرملين فجر يوم 3 مايو الجاري أوكرانيا بتنفيذ هجوم بطائرتين مسيّرتين على مقر الرئاسة الروسية (الكرملين) بهدف اغتيال الرئيس "بوتين"، واصفةً ذلك الهجوم بـ "العمل الإرهابي"، بل اتهمت روسيا الولايات المتحدة بالضلوع في هذا الهجوم مع الأوكران استنادًا إلى أن الرئيس الأوكراني "زيلينسكي" مجرد دمية في يد الأمريكان لا يتحرك إلا بأوامرهم.
وكان طبيعيًا أن ينفي "زيلينسكي" - وكذلك الأمريكان- الضلوع في هذا الهجوم ومحاولة اغتيال "بوتين"، وهو الأمر الذي لم تقتنع به موسكو بالقطع، معلنًة أنها تحتفظ بحق الرد في الموعد والمكان المناسبيّن لمعاقبة الضالعين في محاولة الاغتيال.
واللافت للنظر أن موسكو لم تعلن عن ذلك الهجوم إلا بعد نحو 12 ساعة كاملة، وذلك بعد أن قامت بعمل تحقيق دقيق وشامل لملابسات الهجوم، ومن ثم تبدأ في خطوات العقاب، ولا سيما أن هذا الهجوم يسبق احتفالات روسيا السنوية بـ "يوم النصر" يوم 9 مايو الجاري، ومن المتوقع أن تتزامن إجراءات العقاب المتوقع معه أو فور انتهائه.
ويرى محللون أن الرد الروسي سيتضمن إجراءاين رئيسين: الأول.. إسقاط "الخط الأحمر" بعدم استهداف حياة "زيلينسكي" -وكبار وزرائه ومسؤوليه.
أما الإجراء الثاني وهو الأخطر فهو تحويل مسار المعركة الدائرة منذ فبراير 2022م من خانة "العملية العسكرية الخاصة" بالأراضي الأوكرانية إلى خانة "إعلان الحرب"، وهو إجراء يستلزم موافقة البرلمان الروسي (مجلس الدوما)، وهو ما يتوقع حدوثه خلال الأيام القليلة القادمة، وساعتها ستكون أوكرانيا عرضًة للاجتياح الشامل من قِبل القوات الروسية.