الوقت - الکيان الصهيوني الذي واجه موجةً واسعةً من التوترات الداخلية في الأشهر الأخيرة، لا يعيش وضعًا جيدًا في الخارج أيضًا.
حتى الآن، کان الصهاينة يعتقدون أنه إذا حدثت حرب بين المسلمين وهذا الکيان، فيمكنهم الاعتماد على دعم الغرب، لكن التقارير التي نشرتها الدوائر السياسية الصهيونية حول نظرة المواطنين الغربيين للکيان، مقلقة للغاية لسلطات تل أبيب.
بالتزامن مع ذكرى الهولوكوست (17 أبريل)، نشر مركز الدراسات اليهودية الأوروبية المعاصرة في جامعة تل أبيب، تقريرًا يوضح أن عدد الحوادث المعادية للسامية في جميع أنحاء العالم قد ازداد بشكل كبير في عام 2022.
ويشير التقرير إلى أنه في عام 2022، هناك ما يقرب من 3700 حادثة معادية للسامية مسجلة في الولايات المتحدة، وهو رقم قياسي غير مسبوق مقابل 2717 حالة عام 2021.
ووفقاً لهذا التقرير، في الولايات المتحدة التي تضم أكبر عدد من السكان اليهود خارج الکيان الإسرائيلي، تضاعف عدد جرائم الكراهية المعادية للسامية في نيويورك ولوس أنجلوس في عام 2022 تقريبًا عن العام السابق.
وفي فرنسا، ارتفع عدد الحوادث المعادية للصهيونية المسجلة بنحو 75٪ مقارنةً بعام 2020. وفي بريطانيا، ارتفع عدد الاعتداءات الجسدية المسجلة ضد اليهود بنسبة 78٪ مقارنةً بعام 2020. وفي ألمانيا، زادت الحوادث المعادية للسامية التي سجلتها الشرطة بنسبة 29٪ مقارنةً بعام 2020، و 49٪ مقارنةً بعام 2019.
وفي أستراليا، تصاعدت موجة الكراهية ضد الصهاينة بشكل حاد، وفقط في مايو 2022، تم تسجيل 88 حالة من جرائم الكراهية ضد اليهود، وهو أعلى رقم شهري حتى الآن. ويعتبر واضعو هذا التقرير جزئيًا ردود الفعل على حرب "سيف القدس" في مايو 2021 بين الكيان الصهيوني ومقاومة غزة، سبباً لتزايد الحوادث المعادية لليهود.
انتشار كراهية الصهاينة
حسب تقرير صادر عن جامعة تل أبيب، فإن "اليهود الأرثوذكس" هم في قلب الممارسات المعادية للسامية في الغرب، بما في ذلك الضرب والبصق وإلقاء الأشياء عليهم.
وقال أوريا شافيت ، رئيس مركز الدراسات اليهودية الأوروبية المعاصرة في جامعة تل أبيب: "تتطلب مكافحة معاداة السامية عمليات شرطة هادفة وملاحقة قضائية وحملات تثقيفية في المناطق التي تتكرر فيها الهجمات".
ويشير شافيت وكارل يونكر، كبير الباحثين في المركز، إلى اتجاه مقلق نحو تطبيع المؤامرات المجنونة في الخطاب العام الأمريكي. كما سلطوا الضوء على أن انتشار الدعاية المعادية للسامية من قبل البيض في الولايات المتحدة، تضاعف ثلاث مرات تقريبًا في عام 2022 مقارنةً بالعام السابق.
وفي إشارة إلى التصريحات العنصرية للمشرعين الصهاينة، قال شافيت: "هناك حاجة إلى البحث عن الروح في إسرائيل أيضًا، لكن من المؤسف أن يتم قول ذلك عشية يوم ذكرى المحرقة، لكن العنصرية اليهودية ليست أفضل من أي نوع آخر من العنصرية، ويجب إدانتها وحظرها والقضاء عليها".
كما يشير هذا التقرير إلى الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي لنشر الأكاذيب والتحريض. هذا بينما في العالم الحالي، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مقلقًا للغاية في الحوادث المعادية لليهود.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد فرضت قيودًا على الشبكات الاجتماعية، بما في ذلك تويتر، فيما يتعلق بانتقاد الحدث الكاذب المتمثل في المحرقة والإبادة الجماعية لليهود، ومع ذلك فإن موجة المعارضة العالمية لجرائم الصهاينة قد انتشرت على نطاق واسع، لدرجة أنها لا تستطيع كسب الاحترام لتل أبيب بمثل هذا التستر.
أوروبا غير آمنة للصهاينة أيضاً
إضافة إلى الولايات المتحدة، فإن أوروبا ضيقة للصهاينة أيضاً. وتشير التقارير المنشورة حول تزايد الكراهية العامة للصهاينة في الدول الأوروبية، إلى أن هذا الکيان يعتبر إجراميًا بين معظم الأوروبيين.
وفي هذا الصدد، تم يوم الاثنين الماضي، في يوم ذكرى المحرقة، تدمير المعبد اليهودي الكبير في برشلونة بإسبانيا. ورسم بعض الملثمين شعارات معادية للسامية على واجهة الكنيس، واتهموا الکيان الصهيوني بارتكاب "إبادة جماعية وإعدام بحق الفلسطينيين". ودلت هذه الكتابات على أن الكيان الصهيوني نظام إجرامي يسرق الأرض ويدمر منازل الأبرياء، وأن النخب القاتلة هي التي تدعم "إسرائيل".
وأعرب رئيس مؤتمر الحاخامات الأوروبيين عن قلقه من الحدث الذي وقع في برشلونة، وقال إن مصير الجالية اليهودية في برشلونة هو نتيجة ما يحدث في الکيان الإسرائيلي.
وقال إن هذه الإجراءات هي استمرار لقرار بلدية برشلونة بقطع العلاقات مع تل أبيب واتهامها بالفصل العنصري والإبادة الجماعية للفلسطينيين، وأدان قرار بلدية برشلونة هذا. وكان قرار رئيس بلدية برشلونة بقطع العلاقات مع الاحتلال غير مسبوق، ويظهر أن الأوروبيين سئموا أيضًا جرائم هذا الکيان في فلسطين.
يُطلق على الکيان الصهيوني لقب أكبر نظام فصل عنصري في التاريخ، والذي قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وشرد ملايين آخرين، من خلال احتلال الأراضي الفلسطينية في العقود السبعة الماضية.
ورغم كل هذه الإبادة الجماعية والجرائم أمام أعين العالم، تزعم سلطات تل أبيب أنهم ضحايا طموح القادة النازيين في الحدث الزائف المتمثل في الهولوكوست، وهو الادعاء الذي تم الاعتراف به حتى الآن فقط من قبل الحكومات الغربية، والدول الأخرى لديها شكوك حول حقائق هذا الحدث.
کسب ماء الوجه للصهاينة
لما يقرب من ثمانية عقود، غض القادة الغربيون الطرف عن جرائم الکيان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وقمعوا أي مظاهرات مناهضة للصهيونية، لإظهار أن الصهاينة يقاتلون للدفاع عن أرضهم الموعودة.
في الغرب، عندما يهين المتطرفون المقدسات الإسلامية بحرق القرآن في الأماكن العامة، فإن رجال الدولة لا يحرکون ساکنًا ويبررون ذلك باسم حرية التعبير، لكن عندما ينتقد المواطنون الأمريكيون والأوروبيون الهولوكوست، فإنهم يفرضون عقوبات شديدة عليهم، حتى لا يجرؤ أحد على إنكار هذا الحدث الزائف. لذلك، فإن حرية التعبير مسموح بها في الغرب إذا لم تکن ضد الصهاينة.
ويأتي تصاعد موجة الكراهية ضد الصهاينة في الغرب، بينما تحاول سلطات الکيان الصهيوني التظاهر بأنهم تعرضوا للقمع في العالم باستشهادات تاريخية خاطئة عن المحرقة، لكن يبدو أن هذا التظاهر لم يكن فعالًا في إقناع العالم، وهذه المزاعم لا تقنع الکثيرين حتى في الدول التي تدعم الکيان الصهيوني.
وحسب التقارير التي تم نشرها في السنوات الأخيرة حول موجة الكراهية العامة والغضب ضد الصهاينة في الغرب، فإنها تظهر بوضوح أن كراهية المحتلين لا تقتصر على الدول الإسلامية فقط، والآن الصهاينة في الغرب ليسوا آمنين أيضًا.
وبعد وصول المتطرفين إلى السلطة في الأراضي المحتلة، ازدادت حتى المعارضة لقادة الصهاينة، مثلما نظم آلاف البريطانيين احتجاجات في الشوارع قبل أسبوعين عشية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى لندن، وطلبوا من الحكومة عدم السماح لنتنياهو بدخول بلادهم.
خلافاً لقادة الغرب، فإن الرأي العام في هذه الدول يتابع الحقائق المريرة التي تجري في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويدرك الفرق بين الظالم والمظلوم. يقيم الزعماء الغربيون الحداد على المحرقة، في حين أن هذا الحدث الكاذب وقع في قلب أوروبا، وحتى لو افترضنا أن مثل هذا الحدث صحيح، فإن الغربيين أنفسهم مسؤولون عن قتل اليهود وليس الشعوب الأخرى.
لذلك، فإن وضع الغرامات الثقيلة لمنكري الهولوكوست في الغرب، هو نوع من الاعتراف بجريمة الغرب ضد الصهاينة، وإذا كان أي شخص في العالم يجب أن يخضع للمحاسبة بسبب الصهاينة المجرمين، فهو القادة الغربيون أنفسهم الذين يذرفون دموع التماسيح للصهاينة.
إن غضب الرأي العام العالمي من جرائم الصهاينة في مونديال قطر، والتقارير عن تزايد موجة معاداة السامية في الغرب، تشير إلى أن مواطني الغرب لا يقيمون وزنًا لتصريحات رجال الدولة، ومحاولات قادة تل أبيب لإظهار أنفسهم مضطهدين في قصة المحرقة لم تعد تجدي نفعًا، والصهاينة، بالإضافة إلى أنهم مكروهون بين الشعوب الإسلامية، فإنهم مكروهون أيضًا من قبل الغربيين.
ومع السياسات التي اتخذها المتشددون الإسرائيليون تحت قيادة نتنياهو، فإن هذه الموجة من الغضب والكراهية للمحتلين ستشتد في جميع أنحاء العالم، وسيكون هذا الکيان أكثر عزلةً في المنطقة والعالم.