الوقت - اتجاه التطورات في المنطقة في الاسابيع الاخيرة يظهر ان ائتلافا جديدا يتم تشكيله في المركز يضم إيران والعرب. في الأشهر الأخيرة، تفاخر بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بأنه سيكمل قريبا مشروع تطبيع العلاقات مع السعودية، وكان الجميع ينتظر فترة اجتماع الصهاينة والسعوديين في قلب الرياض، لكن فجأة انقلبت الصفحة وفتحت أبواب الرياض لقادة المقاومة الفلسطينية بدلاً من الصهاينة.
وفي هذا الصدد، وصل الأحد وفد رفيع المستوى من قادة حماس، يضم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وخالد مشعل زعيم حماس في الخارج، وموسى أبو مرزوق وزاهر جبارين، أحد قادة حماس. ووصل هذا الوفد إلى الرياض لأداء مناسك الحج والعمرة. وأثناء أداء مناسك الحج والعمرة، من المتوقع أن يعقد هذا الوفد اجتماعات مهمة مع السلطات السعودية ومناقشة قضايا ثنائية مهمة، بما في ذلك العلاقات بين حماس والسعودية وإنهاء قضية المعتقلين الفلسطينيين في السعودية.
ووصفت حماس في بيان لها التقارب الدبلوماسي مع السعودية بأنه خطوة مهمة نحو وحدة الأمة الإسلامية لزيادة الأمن والاستقرار الإقليمي والتفاهم بين الدول العربية والحكومات الإسلامية. وأكدت حماس أن هذه الخطوة تتماشى مع مصالح القضية الفلسطينية ودعم المقاومة ضد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومقدساته.
كانت العلاقات بين الرياض وحماس متوترة على مدى العقدين الماضيين، ومن المتوقع أن تنحي هذه الرحلة الخلافات جانبًا وتؤدي إلى تحسين العلاقات بين الجانبين.
وقف التصعيد مع حماس
وتأتي زيارة قادة حماس إلى الرياض في وقت شهدت فيه علاقتها مع السعودية توترا منذ سيطرة حماس على غزة بعد انتخابات عام 2006 وطرد قادة حركة فتح من المنطقة، ورد السعوديون بدعمهم للسلطة الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين حماس غاضبة من الرياض.
السعودية، التي اعتبرت أنشطة حماس تهديدًا لمصالحها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين وحماس منظمة إرهابية في آذار 2014، ومنذ ذلك الحين اتخذت العديد من الإجراءات للتعامل معها. واعتبرت الرياض جماعة الإخوان المسلمين منافسًا إقليميًا، وتبنت مع حلفاء مثل الإمارات ومصر خلال رئاسة اللواء السيسي، استراتيجية الضغط على الإخوان. كانت أزمة حصار قطر في عام 2017، والتوتر في العلاقات مع تركيا كمحور الإخوان في المنطقة، مفتاحًا في هذه الفترة، كما تم تكثيف الضغط على أنشطة حماس في المملكة العربية السعودية حيث إنه تم اعتقال عدد من عناصر حماس بذريعة الأمن ومحاولة تنفيذ عمليات إرهابية.
الإمارات والسعودية، اللتان كانتا في السنوات الأخيرة على طريق تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، واعتبرت أي علاقة مع المقاومة الفلسطينية تهديدًا خطيرًا لمسار التسوية، لم ترغب في إحداث اضطراب في مسار الوحدة مع الصهاينة من خلال دعم حماس، كما أداروا ظهورهم لقضية القدس وغضوا الطرف عن جرائم إسرائيل في غزة والضفة الغربية.
بالنظر إلى هذه الضغوط والهجمات من السعودية، استبعد الكثيرون أن يأتي اليوم الذي يمد فيه السعوديون يد الصداقة لقادة حماس، ولكن يبدو أن القضية ستعود إلى الانفتاحات السياسية المتوقعة في القضايا الإقليمية بعد الاتفاق الأخير بين طهران والرياض. وبالتالي، فإن رغبة المملكة العربية السعودية في تهدئة التوترات مع مجموعات المقاومة، بما في ذلك حماس، أو الانفتاح في المستقبل مع حالة الحصار السياسي للبنان وتحسين العلاقات مع حزب الله، هي جزء من تحول السياسة الخارجية السعودية نحو تخفيف التوتر مع محور المقاومة.
وتعتبر هذه القضية خطرا كبيرا على كيان الاحتلال الذي حاول في السنوات الثلاث الماضية ابعاد العرب عن حماس والجهاد الاسلامي ومواصلة احتلاله للأرض الفلسطينية.ولكن توصل السعوديون إلى استنتاج مفاده بأنهم إذا كانوا سيتعاونون مع الجمهورية الإسلامية في المنطقة، فعليهم أن يسيروا في الاتجاه نفسه في العديد من القضايا الإقليمية المهمة، ودعم جماعات المقاومة الفلسطينية هو أحد هذه القضايا.
برودة الرياض مع التطبيع
استضافت السعودية وفد حماس بعد أن زاد مجلس الوزراء المتشدد في الكيان الصهيوني من تدنيس المسجد الأقصى في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي أثار حفيظة قادة العالم الإسلامي، بما في ذلك الرياض. تظهر الصداقة بين السعودية وحماس أن السعوديين لم يعودوا يركزون على مشروع تطبيع العلاقات مع المحتلين، وهذه المسألة مثل الماء البارد على جسد نتنياهو الذي كان مصمماً على التطبيع مع السعوديين، فمنذ إعادته إلى منصبه. كرئيس لمجلس الوزراء في تل أبيب. لم تستطع وسائل الإعلام الصهيونية إخفاء مخاوفها من زيارة قادة حماس للسعودية وأعلنت أن ذلك يمثل ضربة لدبلوماسية إسرائيل في غرب آسيا.
يُظهر هذا الإجراء الذي قامت به الرياض، إلى جانب وحدة المسلمين ضد الكيان الصهيوني في الأسابيع الأخيرة، أن خطة التطبيع قد أزيلت من طاولة الدول العربية في الوقت الحالي. السعوديون قلقون للغاية من أنشطة المتطرفين في إسرائيل ويحاولون الاقتراب من فصائل المقاومة في غزة لإرسال هذه الرسالة إلى نتنياهو وأصدقائه بأن استمرار الاحتلال والجرائم في الضفة الغربية لن يكون له نتائج جيدة للصهاينة. منذ تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، اتخذ السعوديون موقفًا قويًا عدة مرات ردًا على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، والمواجهات العنيفة بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين.
يبدو أن قادة حماس سيحاولون إقناع المملكة العربية السعودية بدعم قضية القدس أكثر، وإذا تقاربت الرياض أكثر مع المقاومة الفلسطينية، فسيكون الكيان الصهيوني محاصراً أكثر، وفي الوقت الذي تتزايد فيه الاحتجاجات في المناطق المحتلة يوما بعد يوم، تأخذ اليوم بعدا واسعا يمكنه تسريع انهيار هذا الكيان. استأنفت المملكة العربية السعودية مؤخرًا علاقاتها مع سوريا، وقريبًا ستُفتح سفارة البلاد في دمشق، وهذه المسألة تثير قلق الصهاينة أيضًا.
كان الصهاينة يأملون في أن يكتسبوا شرعية في العالم العربي وأن يكونوا قادرين على الخروج من العزلة الأمنية والسياسية، لكن كل خططهم باءت بالفشل وعملية المصالحة في غرب آسيا لا تزال قائمة مما يتعارض مع رغبات سلطات تل أبيب، القاضية بجعل الجدار الأمني للمناطق المحتلة أكثر إحكاماً.