الوقت- لم تدرك الحكومة النيجيرية خطورة الخطوة التي أقدمت عليها مؤخرًا والتي أدت إلى استشهاد مئات المدنيين من أنصار الحركة الإسلامية، ورغم نجاح الجيش النيجيري باعتقال زعيم الحركة الشيخ إبراهيم الزكزاكي، إلا أن تكلفة هذه الخطوة لم تكن في حسبان الحكومة النيجيرية، ولم يكن متوقعًا أن هذه التكلفة ستكون باهظة على أبوجا التي تمارس سياسات مناهضة للسلم الأهلي والعيش المشترك.
الهجوم على حسينية "بقية الله" واعتقال الشيخ الزكزاكي بعد قتل المئات من أنصاره خطوة لها تداعيات كبيرة على الحكومة النيجيرية، وهذه التداعيات تشمل كافة الصعد والمستويات ومن أهمها:
أولا: الغضب الشعبي
وضعت الحكومة النيجيرية نفسها في موضع الخطر، إذ تمثل الخطوة التي أقدمت عليها اعتداءًا واضحًا على الشعب، وهذا قمة الاستبداد والقمع، و فور حدوث جريمة حكومة أبوجا بدأ الشعب وأنصار الحركة الإسلامية بالتظاهر مستنكرين ما أقدم عليه الجيش النيجيري ومطالبين بالإفراج عن الشيخ الزكزاكي.
ولا يقتصر الغضب الشعبي على أنصار الشيخ وأتباع الحركة الإسلامية، إذ أعلنت العديد من الفصائل والطوائف تضامنها مع الحركة وأدانوا الإعتداء، الأمر الذي يعني أن الحكومة باتت في مواجهة الشعب كله.
ثانيًا: ازدياد شعبية الحركة الإسلامية
كانت الحكومة النيجيرية تهدف إلى القضاء على الحركة الإسلامية و إنهاء وجودها، ولكن بعد الجريمة التي ارتكبها الجيش زادت شعبية الحركة وبانت مظلوميتها، وخاصةً أن أنصار الشيخ لم يلجؤا للسلاح للدفاع عن أنفسهم، وبات الجميع يرى صدق الحركة في سلميتها وتعايشها مع الجميع، وهنا تجدر الإشارة إلى أن التزام أنصار الشيخ الزكزاكي الهدوء لا يعني أن ليس لهم حق اللجوء إلى القوة العسكرية في حال استمر الجيش باضطهادهم و قتلهم ظلمًا، فحق الدفاع عن النفس مشروع.
ثالثًا: الارتباط الوثيق بالإرهاب
أثبتت الحكومة النيجيرية دعمها للإرهاب وأنها إرهابية في آنٍ واحد، إذ أثبتت إرهابها من خلال ارتكابها لتلك الجريمة وخاصة أنها كانت في "حسينية"، وفي هذا انتهاك واضح للمقدسات الدينية والإسلامية، وأما عن دعمها للإرهاب، فمعروفٌ أن الحركة الإسلامية تواجه تنظيم "بوكوحرام" الإرهابي والذي بايع مؤخرًا تنظيم داعش، ما يجعل من الخطوة التي أقدمت عليها نيجيريا خطوة مرحبٌ بها في أواسط الإرهابيين والتنظيمات التكفيرية.
رابعًا: تهديد الوحدة الداخلية
لم تنظر حكومة أبوجا إلى ما أقدمت عليه بعين الحكمة، فالعالم الإسلامي يشهد اليوم محاولات شديدة لتأجيج الخلافات والنزاعات الطائفية، والجريمة هذه أشبه ماتكون بصب الزيت على النار، بعبارةٍ أخرى يمكن القول أن أبوجا عرضت البلاد لحربٍ طائفية قد تعصف بالبلاد وبالوحدة والسلم الأهليين.
خامسًا: فقدان الدعم الدولي
رغم أن الكثير من الدول لا تهتم لحقوق الإنسان مطلقًا، كما أن هناك دولا شجعت (إذا لم نقل أمرت) أبوجا على القيام بجريمتها، إلا أن هذه الدول هي أولى الدول التي ستتخلى عن نيجيريا في حال تعرضها للمساءلة دولية، ورغم أن المجتمع الدولي بات لا يعطي حقوق الإنسان أي أهمية، إلا أن كثرة الجرائم قد تحرك ضمير بعض الدول ضد أبوجا.
هذه التداعيات يجب أن تجبر الحكومة النيجيرية على تقديم اعتذار للشعب النيجيري وللحركة الإسلامية، بالإضافة إلى تشكيل لجنة حيادية ونزيهة تحقق في تفاصيل الحادثة ليتم محاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت، وإلا فإن الحكومة ستواجه غضبًا شعبيًا كبيرًا، ومع استمرار الجرائم ضد الأبرياء والمدنيين سيتعاظم هذا الغضب شيئًا فشيئًا إلى أن يتحول في يومٍ من الأيام إلى ثورة تطيح بالقيادات النيجيرية بأجمعها.