الوقت – عادت القضية الفلسطينية إلى مقدمة الأحداث العالمية واستطاعت المقاومة أن تهز أركان الكيان الصهيوني وتعيد القضية إلى قلب اهتمامات الحكومات والمنظمات الدولية.
لا شك أن المقاومة الفلسطينية خلال ردها على الاعتداءات الإسرائيلية قد غيرت حسابات كثيرة وجعلت العالم يقف مذهولا أمام صمود حشود الشباب الذين وقفوا ببسالة يدافعون عن المصلين في المسجد الأقصى ويتصدون للمستوطنين ثم كانت الصواريخ التي تخطت القبة الحديدية والصواريخ التي اجتاحت المستوطنات الصهيونية.
نحن الآن أمام حقائق ومسلمات جديدة هي أن المقاومة ليست هبة من أحد بل حق مشروع لكل الشعوب المغلوبة على أمرها وأن ملايين الفلسطينيين أصحاب حق في وطنهم، وهذا ما يؤكده الخبراء في المنطقة والعالم.
والخبراء السياسيون المصريون كغيرهم ممن قالوا إن الشعب الفلسطيني لم يعد بحاجة لمن يدافع عن قضيته حيث أكدوا أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل اليوم حق مشروع بعد أن بلغت الانتهاكات الإسرائيلية مداها، وآخرها انتهاك حرمة المسجد الأقصى وأهله.
اذ قال د. عبد العليم محمد مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إنه لا أحد يريد مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ، مشيرا إلى أن إسرائيل هي التي تبدأ العدوان.
ويضيف: “رأينا بأم أعيننا كيف اعتدوا على المصلين المسلمين في الأقصى بمنتهى الحقارة، وبمنتهى الإهانة والعنصرية، وبانتهاك لمختلف الأعراف” ويقول إن إسرائيل تتحمل وزر عدوانها، لافتا إلى أن إطلاق الصواريخ عليها أمر متوقع، ولاسيما أن للفلسطينيين وجود في المنطقة سواء في غزة الضفة ولبنان سورية.
ويوضح أنه من غير المعقول أن تمارس إسرائيل عدوانها على البشر والحجر، وتنتظر أن تصفق لها الشعوب.
وقال مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن رد الفعل على الممارسات الإسرائيلية مشروع وطبيعي، لافتا إلى أن إطلاق الصواريخ له دلالة رمزية ومعنوية بصرف النظر عن حجم الدمار.
وقال إن ما حدث يدل على أن إسرائيل ليست محصنة بالشكل الكافي، وليست بمنأى عن يد المقاومة الطويلة التي طالتها وأرّقت مواطنيها واضطرتهم إلى الدخول إلى الملاجئ أو العودة إلى القدس مرة أخرى.
وعن تفسيره لمجيء الرد من لبنان، يقول د.عبد العليم: “الموضوع ربما يكون معقدا، فبعد العدوان الإسرائيلي في جنين، طالبت فصائل المقاومة ( سرايا القدس والجهاد الإسلامي) بما سموْه وحدة الساحات في مواجهة إسرائيل”.
وعن دور إطلاق الصواريخ اليوم على إسرائيل في إعادة روح المقاومة للشعوب ، يرى د.عبد العليم أن المقاومة موجودة ولن تموت أبدا ،وتواجه الاعتداءات الإسرائيلية وتقف لها بالمرصاد ، مشيدا بمقاومة المقدسيين.
ويتوقع أن تدخل المقاومة في مرحلة أشد في حال استمرت إسرائيل في عدوانها في ظل هذا التحالف النازي الذي يحكمها.
واعتبر د.عبد العليم محمد أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل اليوم ضربة موجعة لحكومة نتنياهو المتطرفة، ورسالة لهم أن جرائمهم وإن مرت دون عقاب دولي، فلن تمر دون عقاب من أصحاب الأرض المعتدى عليهم.
ويقول إن ما حدث يؤكد أن لكل فعل رد فعل، وأن المجال مفتوح للردود بكل الطرق طالما استمرت إسرائيل في انتهاكاتها.
وعن دلالة عدم إعلان أي فصيل عن مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ، قال مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن ذلك مرده نزع فتيل رد الفعل الإسرائيلي المتوقع على لبنان، لافتا إلى أن حزب الله يتمتع بمصداقية كبيرة في إسرائيل. وقال إن الغموض في هذه العملية أمر مهم في هذا التوقيت.
وعن توقعه لرد الفعل الإسرائيلي، قال من الممكن أن ترد إسرائيل وإن كان ردها سيكون محدودا، لانها لا تريد فتح كل الجبهات في توقيت واحد.
وعن طبيعة هذا الرد ، قال إنه قد يكون قصفا لجنوب لبنان ، أو غارات جوية على غزة، ولكن الرد في كل الأحوال سيكون محدودا لاسيما في ظل توقع تدخل دولي لعدم التصعيد.
وخلص إلى أن ما حدث صفعة لنتنياهو ولليمين المتطرف الذي يريد استئصال الشعب الفلسطيني ورسالة مؤكدة أن اعتداءاتكم لن تمر دون عقاب.
من جهته قال د. إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إنه عار على العالمين العربي والاسلامي أن تنتهك إسرائيل حرمة المسجد الاقصي حتى في هذا الشهر الديني المبارك، باقتحامها لباحاته واعتدائها بالضرب المبرح على المصلين فيه بمن فيهم النساء والاطفال لتخرجهم منه عنوة واعتقالها للمئات منهم في مشهد همجي بربري لا مثيل له في اي مكان متحضر في العالم، يحدث كل ذلك ولا يتحرك احد الا ببيانات الشجب المعتادة ، ومناشدة المجتمع الدولي ان يقوم بدوره ويتدخل ، ليتهربوا من دورهم في الدفاع عن اقدس المقدسات الاسلامية التي تجاوز انتهاك حرمتها كل الخطوط الحمراء،وهو ما يشجع الاسرائيليين ويغريهم بالتمادي والتصعيد.
وأضاف أنه مع الارهابي بن غفير وميليشياته او عصاباته المسلحة الجديدة، ومع تنامي مشاعر الكراهية العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب الى هذا الحد ، فإن القادم بالنسبة للأقصى والفلسطينيين في اراضيهم المحتلة سوف يكون اسوأ بكثير مما يحدث الآن.
وتساءل مقلد: لو أن ما يحدث مع المصلين في المسجد الاقصي من ضرب وقمع واعتقال وارهاب وتنكيل ، كان مع مصلين يهود في معابد دينية يهودية لهم في بلدان عربية، رغم ان القياس مع الفارق، فلنا ان نتخيل ماذا كانت ستفعل اسرائيل ومعها الولايات المتحدة والعالم الغربي كله ويهود العالم في كل مكان ومنظماتهم وقتها؟ وماذا كان سيفعل الاعلام الدولي في التشهير بنا واستعداء العام كله علينا.
وتابع قائلا: كانوا بالتأكيد سيقيمون الدنيا كلها ضدنا ولن يقعدوها.
وخلص إلى أنه بامكاننا أن نتحرك سياسيا واعلاميا على نطاق دولي واسع وان نفعل الكثير لنضع حدا لممارساتهم العدوانية ضد شعب عربي مسلم أعزل يعيش تحت الاحتلال والحصار، لافتا إلى أننا للاسف لا نفعل شيئا على الاطلاق لتبقى اسرائيل بعنصريتها وهمجيتها واستباحتها لأقدس مقدساتنا الدينية بمنأى عن العقاب، ولنبقى نحن وحدنا من ندفع الثمن.
في ذات السياق يرى د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أن الخنوع العربي هو الذي يغري اسرائيل بالتصرفات الوحشية التي تقوم بها ضد المصلين في المسجد الاقصى، مشيرا إلى أنه اذا استمرت الدول العربية في خنوعها على هذا النحو ،فلن تتردد اسرائيل في هدم المسجد الاقصى حين تتاح امامها الفرصة.
واختتم مؤكدا أنه مطلوب موقف عربي أكثر حزما وإلا فالكارثة قادمة لا محالة حسب تعبيره.