الوقت- بعد 7 سنوات من القطيعة الدبلوماسية بين ايران والسعودية، جاء في بيان مشترك بين طهران والرياض وبكين أن البلدين اتفقا - في مباحثات قادها رئيسا مجلسي الأمن القومي فيهما بدعم صيني- على طي صفحة الخلافات بينهما وتطبيع العلاقات التي شهدت توترات عديدة.
حيث اتفقت إيران والسعودية بوساطة صينية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما، وعلى تفعيل اتفاقية التعاون الأمني وإجراء محادثات بشأن تعزيز العلاقات الثنائية.
وقال البيان، استجابة للمبادرة الجديرة للسيد شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية في دعم تعزيز العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وانطلاقا من مبدأ حسن الجوار ونظرا لاتفاقه مع رئيسي البلدين على استضافة ودعم الحوار بين الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وكذلك رغبة البلدين في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية القائمة على الأواصر الأخوية والتأكيد على تمسك البلدين بمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والمبادئ والإجراءات الدولية، التقى وفد الجمهورية الإسلامية الإيرانية برئاسة ممثل قائد الثورة وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الادميرال علي شمخاني، ووفد المملكة السعودية برئاسة الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ومستشار الأمن القومي، في بكين، في الفترة من 6 إلى 10 مارس 2023.
وأضاف، تعرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية عن امتنانهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافة المحادثات بين الجانبين في الأعوام (2021 إلى 2022) وقيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافتها ودعمها المحادثات التي جرت في هذا البلد والجهود المبذولة لإنجاحها.
وتابع، نتيجة للمباحثات المنجزة، ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية اتفقتا على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات والممثليات في غضون شهرين.
وذكر البيان ان وزيري خارجية البلدين سيلتقيان لتنفيذ هذا القرار واتخاذ الترتيبات اللازمة لتبادل السفراء.
وأكد البلدان على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض، في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بتاريخ 17/4/2001 وكذلك الاتفاقية العامة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتعاون الفني والعلمي والثقافي والرياضي والشبابي الموقعة في 27.5.1998.
وأوضح البيان ان الدول الثلاث تعلن عزمها الراسخ على توظيف جميع الجهود لتعزيز السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي الردود، رحبت دول ومنظمات عربية ودولية بالاتفاق السعودي الإيراني على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.
حيث أعرب رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن ترحيب بلاده بالاتفاق، وذلك خلال اتصالين هاتفيين مع وزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وأعرب رئيس وزراء قطر عن الأمل في أن “تساهم هذه الخطوة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتلبية تطلعات شعبي البلدين”.
كما رحبت سلطنة عمان في بيان لوزارة الخارجية بالاتفاق، معربة عن أملها أن “تساهم تلك الخطوة في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة وتوطيد التعاون الإيجابي البناء”.
ورحب العراق بالاتفاق بين الرياض وطهران، وأكد بيان لوزارة الخارجية العراقية أن الاتفاق “سيُعطي دفعة نوعية في تعاون دول المنطقة”، واعتبر أنه “صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين”.
كما رحبت الكويت بالاتفاق، وأكدت وزارة الخارجية الكويتية في بيان دعم الاتفاق، وأعربت عن “أملها بأن يساهم في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة وبناء الثقة وتطوير علاقات الصداقة بين كلا الطرفين بما يصب في مصلحة دول المنطقة والعالم”.
وفي تغريدة عبر حسابه بتويتر، رحب أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بالاتفاق، مؤكدا أن “الإمارات مؤمنة بأهمية التواصل الإيجابي والحوار بين دول المنطقة”.
كما رحبت البحرين في بيان لوزارة خارجيتها بالاتفاق، وأعربت عن أملها في أن “يشكل خطوة إيجابية على طريق حل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية كافة بالحوار والطرق الدبلوماسية”.
وأعلنت مصر في بيان لوزارة خارجيتها، أنها “تتابع باهتمام هذا الاتفاق”، معربة عن تطلعها لأن “يسهم الاتفاق في تخفيف حدة التوتر في المنطقة، وأن يعزز من دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومي العربي”.
ورحبت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان بالاتفاق السعودي الإيراني، مؤكدة أنه “سيترك أثره الإيجابي على مجمل العلاقات الإقليمية في المرحلة المقبلة”.
كما رحبت دول سوريا والأردن والجزائر وفلسطين وتركيا وباكستان بالاتفاق، معربة عن أملها أن يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
دوليا، رحب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي بالاتفاق ضمن “جهود للمساعدة على إنهاء الحرب في اليمن وتهدئة التوتر في منطقة الشرق الأوسط”، مضيفا إن واشنطن كانت على اطلاع بشأن المحادثات بين الرياض وطهران.
كما وجه نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف التهنئة للبلدين على التوصل إلى الاتفاق، مشيرا إلى أن بلاده ساهمت في العملية السياسية جنبا إلى جنب مع دول أخرى.
وعلى مستوى المنظمات العربية والإسلامية، رحب مجلس التعاون الخليج الفارسي في بيان بالاتفاق، معربا عن أمله أن “يسهم في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة ودعم استقرارها”.
وشدد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج الفارسي جاسم محمد البديوي على موقف دول المجلس تجاه دعم سياسة الحوار وحل الخلافات سياسيًّا والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ومبادئ حُسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
كما رحبت منظمة التعاون الإسلامي في بيان بالاتفاق، معربة عن أملها أن “تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة”.
وفي أول رد فعل رسمي إسرائيلي على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، اعتبر مسؤول إسرائيلي في إحاطة رسمية أن الاتفاق بين الطرفين سيؤثر على إمكانية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
لكن المسؤول الإسرائيلي أضاف إن قوة الغرب في موقفه من إيران ستقلل من أهمية تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، حسب تعبيره.
غير أن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد وصف إعادة العلاقات بين السعودية وإيران بأنها "فشل ذريع وخطير للسياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية" التي يتزعمها حاليا بنيامين نتنياهو.
في السياق، قال رئيس رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، نفتالي بينيت، إن "تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، هو تطور خطير بالنسبة لإسرائيل وانتصار سياسي بالنسبة لإيران".
واعتبر أن استئناف العلاقات الإيرانية السعودية يشكل "ضربة قاضية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران"، وشدد على أن ذلك "فشل ذريع لحكومة نتنياهو، نجم عن مزيج بين الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي في البلاد".
كما عقب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في الكنيست الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، قائلا إن "العالم لا يتوقف ونحن مشغولون هنا بالصراعات بين القوى والصدامات".
وأضاف "إيران والسعودية اتفقتا الآن على تجديد العلاقات بينهما وهذا أمر سيئ للغاية بالنسبة لإسرائيل والعالم الحر بأسره".
وتابع "حان الوقت للجلوس والتحدث وحل خلافاتنا من أجل لم شملنا واتحادنا ضد التهديد الوجودي الذي نواجهه".
كما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، مساء الجمعة، إن اتفاق استئناف العلاقات بين الرياض وطهران، يعتبر بمثابة "بصقة" في وجه تل أبيب.
وأضافت الصحيفة إن هذا الاتفاق "يمكن أن يلحق ضرراً شديداً بالجهود المبذولة لتوسيع اتفاقيات إبراهيم لتشمل السعودية، التي بدا أنها أصبحت مقتنعة أن إسرائيل لا تملك حاليا خيارا عسكريا موثوقا ضد إيران وقررت التهدئة والتوصل إلى تفاهم مع الجمهورية الإسلامية".