الوقت - في السنوات القليلة الماضية، اتخذ المرشد الأعلی للثورة في إيران مرارًا وتكرارًا موقفًا ضد عملية تطبيع علاقات العديد من الدول العربية مع الکيان الصهيوني، ووصف هذا الإجراء بأنه خيانة للإسلام والمسلمين.
وفي هذا الصدد، سلّط الأستاذ الدكتور سعد الله زارعي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة العلامة الطباطبائي الإيرانية والخبير في قضايا العالم الإسلامي، الضوء علی مشروع التطبيع السياسي وتأثيراته على شعوب المنطقة. وفيما يلي نقدم لکم ما ورد في تصريحات الدكتور زارعي:
يدين الكيان الصهيوني بوجوده إلى العلاقات التي تربطه منذ البداية ببعض الدول العربية مثل السعودية.
منذ البداية ودون تعاون بعض الحكومات العربية مع الكيان الصهيوني وبريطانيا التي كانت هي من أنشأ هذا الکيان، لم يكن من الممكن إقامة الكيان الصهيوني.
عندما ضغط البريطانيون على السلطان عبد الحميد، آخر الملوك العثمانيين، للتعاون مع تأسيس اليهود في فلسطين، قال السلطان إذا قطعت يداي فهذا أفضل من خسارة فلسطين.
لذلك، ذهب البريطانيون إلى شخصيات أخرى تابعة للإمبراطورية العثمانية، من بينهم الملك عبد العزيز، الذي کان يحكم منطقة نجد في ذلك الوقت، والتي كانت تقارب سدس شبه الجزيرة العربية.
تم التوصل إلى هذا الاتفاق في محادثة بين عبد العزيز والقادة البريطانيين، وذكر الملك عبد العزيز بوضوح في توقيع أنه يوافق على توطين اليهود وإقامة دولة يهودية في فلسطين، وسيساعد في هذا العمل. وبعد ذلك أيضًا، كان للإسرائيليين علاقات سرية مع مجموعات عربية مختلفة وشخصيات عربية مختلفة.
وفيما بعد، كلما اشتعلت نيران غضب المسلمين على الجرائم الصهيونية، كان هناك من بين الشخصيات والدول العربية من يأتي لتهدئة الفلسطينيين ويمنع اشتعال الغضب الفلسطيني.
كان الملك فيصل ملك السعودية من أهم هذه الشخصيات. الملك خالد، شقيق الملك فيصل، يقول في مذكراته: "كنت أحضر نيابةً عن أخي وأؤكد للفلسطينيين أن بريطانيا لن تسمح للصهاينة بالسيطرة، وبريطانيا بالتأكيد تدعم حقوقكم أيها الفلسطينيين، ويضمنها أخي الملك فيصل".
في كل مرة كان غضب الفلسطينيين يتصاعد على قضية مثل حرق المسجد الأقصى، وتطلق موجة عنيفة ضد اليهود أو ضد الکيان الإسرائيلي، في الدول العربية کان يتم تكليف أشخاص مثل الملك خالد في السعودية والملك حسين ملك الأردن للسيطرة على هذا الغضب، وقد فعلوا ذلك.
لذلك، كانت هذه الغدة السرطانية ورمًا كان من الممكن إجراء الجراحة له بسهولة قبل أن يستحوذ على جسد العالم الإسلامي، ولکن تم تأجيل ذلك. والآن لا توجد طريقة أخرى سوى الجراحة.
"إسرائيل" ليست دولةً، لكنها مشروع وهو ما أقر به الغربيون والإسرائيليون أنفسهم أيضًا. على سبيل المثال، يعترف بن غورين بأن ظهور حكومة معادية للمسلمين في أرض فلسطين المقدسة، قد تم إنشاؤه للسيطرة على العالم الإسلامي ومنع العالم الإسلامي من اكتساب القوة وضمان الهيمنة الأوروبية على العالم الإسلامي؛ أي إن هذا ما ورد في الوثائق التاريخية، وفي التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون سابقون.
ليس لـ"إسرائيل" وظيفة أخرى، وهذه الوظيفة هي منع وحدة العالم الإسلامي، لأن وحدة العالم الإسلامي تحيي للغربيين ذكرى ثلاث إمبراطوريات قوية، وهي الإمبراطورية العثمانية التي حكمت جزءًا كبيرًا من العالم لنحو 700 عام، والإمبراطورية الصفوية والإمبراطورية التيمورية التي حكمت شبه القارة الهندية. ومن أجل منع مثل هذه القوة من الصعود مرةً أخرى، تم تكليف دور خاص للکيان الصهيوني.
إن التطبيع يعني إنهاء موضوع مثير للجدل، وهو أنه إذا استمر هذا الصراع، فإنه سيدمر أسس الکيان الإسرائيلي، وتدمير أسس هذا الکيان هو مقدمة لتدمير أسس القوة الغربية في المنطقة الإسلامية. لذلك، أصبحت قضية "يجب أن تجد إسرائيل استقراراً دائماً"، سياسةً مشتركةً لأمريكا وأوروبا والکيان الصهيوني نفسه وعملائه في المنطقة.
والحل هو أولاً وحدة المسلمين وتکاملهم، وثانياً حضور الفلسطينيين في الساحة وعدم التعب واستمرار النضال، وثالثاً على الدول الإسلامية دعم الفلسطينيين، ومثل جمهورية إيران الإسلامية لا ينبغي إزالة أولوية فلسطين من أجندة السياسة الخارجية للدول الإسلامية.
الغربيون أنفسهم أجروا استطلاعات في عدة مناسبات، بما في ذلك في خضم إقامة علاقات رسمية بين الإمارات والکيان الصهيوني، وأجري استطلاع في يونيو من العام الماضي، أظهر أنه في جميع الدول العربية التي شملها الاستطلاع، تراوحت نسبة معارضة التطبيع والاعتراف بالکيان الإسرائيلي بين 70 و 90 بالمئة.
حتى في الإمارات العربية المتحدة، التي تتكون من عدد كبير من السكان غير الأصليين وعدد قليل من السكان الأصليين، قيل إن أكثر من 80٪ ضد التطبيع؛ لذلك، فإن موقف الشعوب معروف.
لا تستطيع الشعوب أن تتعامل مع ذكرى مريرة هي احتلال أرض فلسطين المقدسة. لذلك، مهما مر الوقت، لن يمحى قبح الکيان الإسرائيلي من ذاکرة الشعوب.