الوقت - الموجة الجديدة من تساقط الثلوج والبرد القارس التي ضربت العديد من البلدان هذه الأيام، أثرت على أمريكا أكثر من غيرها.
في الأيام الأخيرة، خلق تساقط الثلوج بكثافة والعواصف والأعاصير العنيفة أزمات جديدة في الولايات الوسطى والغربية من أمريكا، وتعطلت حياة الملايين من الناس.
ووفقاً للتقارير، تسببت البرودة الشديدة والطرق المتجمدة في أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة، في إغلاق الشوارع والطرق الرئيسية. وفي ولايات كاليفورنيا وألاباما وجورجيا، من المتوقع أن يواجه الناس جولةً جديدةً من الأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة والرياح الخطيرة.
وحسب وسائل الإعلام الأمريكية، لقي ما لا يقل عن 60 شخصًا مصرعهم في ولايات كاليفورنيا وأوكلاهوما وكنتاكي وميسوري وتينيسي وألاباما وويسكونسن وكنساس ونبراسكا وأوهايو ونيويورك وكولورادو وميشيغان، بسبب العاصفة الشتوية والبرد القارس.
وتم الإبلاغ عن حركة مرور كثيفة وحوادث واسعة النطاق في بعض المدن بسبب الطرق المجمدة، کما تقطعت السبل بالآلاف في المطارات. وأفيد بأن البرد القارس في أمريكا لم يسبق له مثيل في العقدين الماضيين، ففي بعض المدن، شهد الناس درجات حرارة تتراوح من 30 إلى 45 درجة تحت الصفر في الأسابيع الأخيرة.
في مدينة غرين باي بولاية ويسكونسن، أدى تساقط الثلوج الكثيف أيضًا إلى تأخير برامج الناس وإلغاء الفصول الدراسية في بعض المدارس في المنطقة. وفي أركنساس، وقعت العواصف بسرعة 5 كيلومترات في الساعة، ما تسبب في الكثير من الأضرار التي لحقت بالمنازل في بعض المناطق.
وبالتزامن مع تساقط الثلوج الباردة، زادت العاصفة الطين بلةً وضاعفت من متاعب الشعب الأمريكي. وأعلنت شبکة إس إن بي سي أن العاصفة المدمرة في ألاباما وجورجيا تسببت في انقطاع التيار الكهربائي عن آلاف المشتركين.
مدينة سلما، بولاية ألاباما، وهي منطقة تاريخية، من بين الأماكن التي دمرتها العواصف الشديدة. ونتيجةً للإعصار، دمرت المنازل وانقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من المشتركين.
ولا تزال حالة الطوارئ ساريةً في أجزاء من ولاية ألاباما، ومع بدء عملية البحث والإنقاذ، أعرب المسؤولون عن قلقهم من احتمال زيادة عدد الضحايا. ووفقًا لخدمة الأرصاد الجوية الوطنية، كان في ولاية ألاباما 98 إعصارًا وثلاث وفيات مرتبطة بالإعصار في عام 2022.
حالة الطوارئ في كاليفورنيا
يعيش أكثر من 30 مليون شخص في ظروف جوية قاسية، ويحذر خبراء الأرصاد الجوية كل يوم من موجة جديدة من الأمطار والعواصف المدمرة، ويحثون الناس على الاستعداد لأي سيناريو.
وبعد الظروف الجوية السيئة والأمطار والثلوج والانهيارات الأرضية، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حالة الطوارئ في ولاية كاليفورنيا، وهي الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد. وبسبب الخسائر الفادحة من البرد والعاصفة، ذهب بايدن شخصيًا إلى كاليفورنيا لتقييم الخسائر والأضرار الناجمة عن الثلوج والعاصفة.
کما يراقب المسؤولون الوضع في مدينتي كارمل وبيبل السياحيين في شمال كاليفورنيا، لأنه إذا فاض نهر ساليناس وأوقف الوصول إلى الطرق، فسيتم عزل الناس في هاتين المدينتين عن بقية ولاية كاليفورنيا.
وقال حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم، إن أحداث الطقس قتلت عددًا أكبر من الأشخاص جراء حرائق الغابات في العامين الماضيين.
وفي الأسبوع الماضي، اجتاحت عاصفتان قويتان وسط كاليفورنيا، ما أدى إلى هطول أمطار غزيرة على المنطقة، وأجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على إخلاء منازلهم في مدن سانتا كروز ومونتيري وسان بينيتو وساكرامنتو.
انقطاع التيار الكهربائي والغاز عن ملايين الأمريكيين
تسببت العاصفة الشتوية في انخفاض غير مسبوق في إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في عدد من الولايات.
وأعلنت وكالة بلومبيرج للأنباء، أن إنتاج الغاز في الولايات المتحدة انخفض بمقدار 2.8 مليون متر مكعب بسبب العواصف الثلجية والشديدة، وهو أكبر انخفاض منذ أكثر من عقد، وبلغ حجم الطلب المحلي على الغاز أعلى مستوى له منذ بداية عام 2019.
وحسب تقارير إعلامية، انقطعت الكهرباء عن نحو مليون شخص في الولايات المتحدة بسبب تساقط الثلوج بغزارة والعواصف، والوضع في بعض المدن حرج، وعمليًا تم قطع طرق إيصال المساعدات تمامًا خلال الأيام الأولى من تساقط الثلوج بكثافة، والطريقة الوحيدة لإرسال المساعدات والخدمات كانت عن طريق الجو.
الوضع في نيويورك أسوأ من المناطق الأخرى، ووفقًا لصحيفة ديلي ميل، أصبحت هذه الولاية تشبه منطقة حرب، وتوفي 39 شخصًا فقط بسبب البرد والعاصفة. كما أن العاصفة الثلجية الشديدة قطعت الكهرباء عن آلاف السكان في جميع أنحاء ولاية نيويورك، تاركةً 15 ألف شخص دون كهرباء.
وبسبب الطرق المغلقة والمجمدة، واجهت عملية توصيل المساعدات العديد من المشاكل كالمعتاد. وفي مقاطعة جاكسون، بولاية أركنساس، تم قطع المياه بسبب تجميد الأنابيب، ولا تفعل الحكومة أي شيء لإصلاح المشكلة. وبالنظر إلى أن 80٪ من سكان هذه المدينة من السود، يعتقد الكثير منهم أن جذور هذه الأزمة ترجع إلى سياسات التمييز العنصري.
ويأتي تساقط الثلوج الكثيفة والعواصف الشديدة مؤخرا، بينما كان الأمريكيون في الأيام الأخيرة من عام 2022 مشغولين بالاحتفال بعيد الميلاد والاستعداد للعام الجديد، وتسبب تساقط الثلوج بغزارة في العديد من ولايات هذا البلد في تعطيل حياة الناس، وفقد أكثر من 50 شخصًا حياتهم خلال البرد القارس.
سوء الإدارة من قبل إدارة بايدن
إن العواصف الشديدة والبرد القارس الذي حدث في أمريكا له تاريخ في الماضي، وهذا البلد واجه مثل هذه الأزمات على الدوام، لكن مسؤولي البيت الأبيض لا يتخذون أي إجراء لتقليص الخسائر في هذه الحوادث المتوقعة، وكل عام يقع آلاف الأشخاص ضحايا لهذه الحوادث.
ويبدو أن إدارة بايدن ليست مستعدةً للتعامل مع مثل هذه الحوادث في بداية العام الجديد، والتي شكلت تحدياً خطيراً لحياة الملايين من الناس. ورغم أن أمريكا بلد معرض للحوادث ويشهد كل عام عشرات العواصف المميتة والبرودة الشديدة، إلا أن الدولة لم تتخذ أي إجراءات فعالة للحد من الخسائر في هذه الحوادث، والشعب يدفع ثمن كل هذا العجز.
إن عدم كفاءة إدارة بايدن في التعامل مع الأزمات الداخلية، يأتي بينما ركزت واشنطن على الحرب في أوكرانيا خلال العام الماضي وقدمت مليارات المساعدات لهذا البلد، وبسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، واجهت ارتفاعًا في أسعار الوقود وتضخمًا متزايدًا.
کما أثار سوء إدارة الحكومة الأمريكية الديمقراطية انتقاد الجمهوريين، وهم غاضبون من عملية المساعدة والوضع الفوضوي الذي اجتاح البلاد بأكملها، ومثل أزمة الوقود والتضخم العام الماضي، يحاولون توجيه الانتقادات الحادة للديمقراطيين، لتمهيد الطريق لانتصار الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.
ويأتي وجود مثل هذه الأزمات في جميع أنحاء أمريكا، بينما تدعي هذه الدولة أنها قوة عظمى يمكنها إدارة وحل مشاكل الكوكب. وفي أزمة أوكرانيا أيضًا، دخلت الولايات المتحدة بهدف إنشاء نظام جديد في العالم بهزيمة روسيا، لتبقی واشنطن زعيمة بلا منازع مثل التسعينيات.
بدأ عام 2023 للولايات المتحدة بأزمة الثلوج والأعاصير، ولا يملك معظم الأمريكيين نظرةً إيجابيةً لمستقبل بلادهم في العام الجديد، وحتى سلطات واشنطن تحذر من انتشار الأزمات وانعدام الأمن في المستقبل القريب.