الوقت- تتعالى الأصوات في إسرائيل بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع الأسعار، ومن ثم تآكل الأجور الحقيقية، فضلا عن تفاقم أسعار المساكن، باعتباره المشكلة التي ظلت تطارد كل الحكومات الإسرائيلية، خلال العقود الأخيرة. و في هذا السياق ووفقا لوكالة بلومبرج للأنباء ، أظهرت بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن معدلات التضخم لدى الاحتلال الإسرائيلي بلغت 5.3% وهو الرقم الأعلى الذي يسجله الاحتلال منذ عام 2002، ذلك على الرغم من شروع البنك المركزي في دورته الأطول برفع أسعار الفائدة منذ عقود.
وأعلن مكتب الإحصاء المركزي التابع للاحتلال، أنّ مؤشر أسعار المستهلك لشهر كانون الأول/ديسمبر الماضي ازداد 0.3%، تماشياً مع التوقعات. ومؤشر أسعار المستهلكCPI) )هو المؤشر الاقتصادي الرئيسي الذي يستخدم لتتبع معدل التضخم وتكلفة المعيشة في بلد ما. وبهذه الطريقة، بلغ معدل التضخم في عام 2022 ككل 5.3%، وهو رقم قياسي لمدة 20 عاماً، وفق موقع "كلكاليست" الاقتصادي.
التضخم في الأراضي المحتلة بالأرقام
بالنظر إلى عام 2022 نجد زيادة ملحوظة في الأسعار. حيث سُجِّلت زيادة ملحوظة في أسعار بنود النقل بنسبة 1.1%، والإسكان والخدمات الطبية بنسبة 0.6% لكل منهما، وصيانة الشقق بنسبة 0.2% خلال شهر كانون الأول/ديسمبر.
كذلك، سُجل انخفاض في أسعار الفواكه والخضروات بنسبة 2.8%، والثقافة والترفيه بنسبة 1.4%، والملابس والأحذية بنسبة 1.0%، والأثاث والمعدات المنزلية بنسبة 0.7%.
أما في أسعار الشقق، والتي يتم قياسها بشكل منفصل عن مؤشر أسعار المستهلك، فرُصدت زيادة بنسبة 0.3% في الفترة من تشرين الأول/أكتوبر إلى تشرين الثاني/نوفمبر مقارنةً بشهر أيلول/سبتمبر إلى تشرين الأول/أكتوبر، لتكمل بذلك ارتفاعاً سنوياً بنسبة 18.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويعدّ هذا معدل زيادة أقل بكثير من الأشهر السابقة، إذ أدى إلى خفض معدل الزيادات السنوية في الأسعار التي تجاوزت بالفعل عتبة الـ 20%
ومن بين المواد والمنتجات، ارتفعت أسعار أجهزة تكييف الهواء (بنسبة 4.9%)، والعزل المائي (بنسبة 2.3%)، وبلاط الجدران والأرضيات (بنسبة 2.1%).
من ناحية أخرى، انخفضت أسعار الشباك الحديدية (بنسبة 3.0%) وأسعار الحديد للبناء (بنسبة 1.1%).
و تشير المعطيات إلى أنّ الأسعار مستمرة في الارتفاع في العديد من المجالات، بما في ذلك زيادة إضافية بنسبة 0.5% في الإيجارات، وذلك في كانون الأول/ديسمبر، قبل احتساب ارتفاع الأسعار في الشهر الحالي.
وفي كانون الثاني/يناير الجاري، دخلت سلسلة من الزيادات في الأسعار كانت أقرّتها حكومة يائير لابيد حيز التنفيذ، كان أشدها في أسعار الكهرباء بنسبة 8.2%، إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود وضريبة الأملاك والمياه.
وحسب محللين و خبراء اقتصاديين، إنه حتى لو خفضت حكومة الاحتلال بعض الزيادات في الأسعار، وفقاً لوعدها من الخطة الجزئية المنشورة الأسبوع الماضي، فستظل الزيادات في الأسعار مستمرة. وكان 12 خبيرا اقتصاديا يتوقعون ارتفاع الأسعار في نطاق يتراوح من 1ر5% إلى 5ر5%.
وانخرط البنك المركزي الإسرائيلي في دورة من التشديد النقدي استمرت أشهرا للتصدي لارتفاع التضخم، الذي تجاوز النطاق المستهدف من قبل الحكومة والذي يتراوح بين 1 و3%، في كانون الثاني/ يناير عام .2022 وبدأ البنك مؤخرا في إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة، بعد فترة طويلة من التصدي للمسائل المالية الأكثر أهمية.
تحديات اقتصادية تواجه حكومة نتنياهو
خلال حملته الانتخابية، وعد نتنياهو بتجميد زيادة أسعار العديد من الخدمات من أجل التعامل مع ارتفاع التضخم. فيما يقول خبراء اقتصاد، إنه حتى لو خفضت حكومة الاحتلال بعض الزيادات في الأسعار، وفقاً لوعدها من الخطة الجزئية المنشورة ، فستظل الزيادات في الأسعار مستمرة. ليس من الواضح ما إذا كان سيتم تحقيقها فعليًا، ولكن تصريحات النوايا الاقتصادية في اتفاقيات الائتلاف سيكون له ثمن. نتنياهو يعد بتجميد مدفوعات الكهرباء - ولكن ليس قبل زيادة الأسعار المقبلة؛ تلقت أحزاب المتدينين اليهود وعدًا بإلغاء "ضريبة ليبرمان" على المنتوجات التي تستعمل لمرة واحدة.
و كان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتيرش، قد أعلنا عن سلسلة إجراءات لخفض تكلفة المعيشة، تتمثل في الحد من ارتفاع الوقود والكهرباء والمياه وضريبة الممتلكات. وحسب بيان نتنياهو، سيتم تجميد زيادة ضريبة الأملاك لمدة عام واحد، وإلغاء الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود، ما يعني أنه سيتم تسجيل انخفاض قدره 10 أغورات (الشيكل = مئة أغورة) لكل لتر من الوقود، حسب موقع "ذا ماركر" الاقتصادي.
وفيما يتعلق بسعر الكهرباء، قال نتنياهو إنه سيكون هناك خفض متوسط بنسبة 70% في الزيادات الأخيرة بسعر الكهرباء، حيث تكون هناك زيادة 2.5% في الكهرباء بدلًا من 8%. أما الخطوة الرابعة فهي تخفيض الزيادات في سعر المياه بنسبة 70%..
من جهته حذر وزير المالية الإسرائيلي (المنتهية ولايته) أفيجدور ليبرمان، من انهيار الاقتصاد الإسرائيلي، كون الحكومة الجديدة ستكون اشتراكية بسبب اتفاق نتنياهو مع حزب يهدوت هتوراة (التوراة اليهودي المتحد) المعارض للاقتصاد الحر والمفتوح.
من الجدير بالذكر أن الأوضاع الاقتصادية و المعيشية التي تشهدها الأراضي المحتلة كانت المحرك الأساسي في انتخاب نتنياهو فوفقا لاستطلاع كان قد أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية IDI))، قال 44% من الإسرائيليين الذين شملهم الاستطلاع إن البرنامج الاقتصادي لحزب معين وخطته لمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة كانت العوامل الرئيسية التي ستأثر على قرارهم عند التصويت في انتخابات 1 نوفمبر.
وهذه التحديات الاقتصادية تضاف بطبيعة الأمر لحزمة من التحديات السياسية التي يواجهها نتنياهو في حكومته الجديدة جاء آخرها على شكل مظاهرات اجتاحت شوارع تل أبيب حيث تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين مساء السبت وسط تل أبيب تعبيرا عن رفضهم سياسة الائتلاف الحاكم الذي يضم أحزابا يمينية ويمينية متطرفة وأخرى دينية متشددة يخشون أن تكون معادية للديموقراطية. وهذه أكبر تظاهرة منذ أن أدت الحكومة التي يرأسها بنيامين نتنياهو اليمين في 29 كانون الأول/ديسمبر. وهي الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ دولة الاحتلال. فيما دعت أحزاب من الوسط واليسار وتحالف “الجبهة والعربية للتغير” المشكّل من حزبين عربيين إسرائيليين إلى التظاهر، ولا سيما ضد مشروع إصلاح القضاء الذي قدمته في الرابع من كانون الثاني/يناير حكومة نتنياهو الملاحق في قضايا فساد عدة مفترضة. وطالب المتظاهرون باستقالة رئيس الحكومة على خلفية هذه القضايا. و كان نتنياهو، زعيم حزب “الليكود” اليميني، قد أطيح من السلطة عام 2021 بدفع من ائتلاف انتخابي متنوع استمر أقل من عام.
لكنه عاد إلى رئاسة الحكومة في نهاية كانون الأول/ديسمبر بعد الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر، وهي الخامسة في أربع سنوات وعكست نتائجها وجود انقسام في صفوف الناخبين وتناقضات في صلب المجتمع الإسرائيلي. من الجدير بالذكر أنه وجهت لنتنياهو ثلاث قضايا، إحداها تتعلق بتسهيلات تقدر بـ500 مليون دولار لشركة اتصالات إسرائيلية، ويحاكم لأجلها بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، والثانية تتعلق بحصوله، وزوجته، على هدايا بحوالي 700 ألف شيكل، والثالثة تتعلق بصفقة مع مالك جريدة «يديعوت أحرونوت»، ليؤمّن تغطية إعلامية متحيزة له، مقابل استهداف صحيفة منافسة.