الوقت- منذ تصنيعها آواخر سبعينات القرن الماضي، ظل امتلاك منظومة الدفاع الجوي الصاروخية S300 روسية الصنع الشغل الشاغل لكثير من بلدان العالم التي تطمح لزيادة قدراتها العسكرية و الدفاعية على وجه الخصوص. هذه القاعدة لا تستثني الجمهورية الإسلامية الإيرانية و التي حالت السياسة المقاومة التي تنتهجها و العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الدول الغربية دون تمكنها من إمتلاك هذه المنظومة، حيث امتنعت روسيا عن تنفيذ العقد المبرم بينها و بين إيران عام 2007 و القاضي ببيع هذه المنظومة لإيران؛ استجابةً منها للضغوط الغربية و سعياً لنيل رضا الغرب و تخفيف حدة التوتر بين الدب الروسي و المعسكر الغربي، فبقي ملف استلام طهران صواريخ S300 حبيس مكتب سيد الكرملين طوال سنوات عدة، و مع قدوم الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين و الذي عُرف بعناده و شخصيته القوية و الطموحة و التي مكنته من السعي لإستعادة أمجاد روسيا القديمة، كُتب لهذا الملف الخروج من مكتب سيد الكرملين ليبصر النور في شهر نيسان الماضي عندما أعلن الكرملين عزمه تنفيذ بنود العقد الموقع مع إيران و تسليم طهران منظومة S300 الدفاعية، في ذاك الوقت أعلن أكثر من مسؤول روسي و إيراني أن هذه الصورايخ ستصبح في متناول إيران قبل نهاية العام الحالي، و فعلاً هذا ما جرى حيث صرح مصدر مسؤول في الكرملين أن روسيا بدأت مؤخراً عملية تسليم إيران نظام ألماز- أنتي اس -300 الدفاعي، حيث ستستلم ایران النسخة المطورة من هذا النظام و المسماة S300 PMU-2.
وقال مساعد الرئيس الروسي لأمور التعاون العسكري و التقني فلاديمير كوجين في تصريح لوكالة تاس الروسية: "هذا العقد قد دخل مرحلة التنفيذ و لقد بدأ المعنيون بهذا المجال بالقيام بأعمالهم".
تصريحات كوجين هذه تأتي في نفس سياق تصريحات السفير الإيراني في موسكو مهدي سنايي و الذي كان قد أشار في وقت سابق أن طهران قامت باستلام الدفعة الأولى من منصات صواريخ اس-300 الدفاعية. حيث تتمتع صواريخ S300PMU-2 بمدى قدره 120ميل و هي قادرة على إصابة أهداف على ارتفاع 100 ألف قدم. كما بإمكان هذا النظام الدفاعي إصابة أهداف متعددة في آن واحد، و ستساهم هذه المنظومة الصاروخية بنسختيها العادية و المطورة في تقوية نظام الدفاع الجوي الإيراني الأمر الذي سيتيح لإيران حماية نفسها في مواجهة أي هجمات جوية قد يشنها عليها أعداؤها.
يقول أحد المسؤولين الكبار في أمريكا أن منظومة اس-300 الصاروخية تعد تهديداً خطيراً لجميع المقاتلات الأمريكية باستثناء المتطورة منها. "هذه المنظومة ستغير قواعد اللعبة بالنسبة لجميع الطائرات من نوع اف-15، اف-16 واف-18، و هذه المنظومة هي أشبه بالمخلوق المرعب الذي لا تود الاقتراب منه"، و إنما طائرات اف-22 ربتور و اف-35 و بي-2 قادرة على الطيران و العمل ضمن المجال الآمن من خطر هذه المنظومة. لكن في حال تشغيل عدد كبير من منصات هذه المنظومة فإن هذه الطائرات أيضاً لن تكون في مأمن و سيواجه عملها الكثير من التعقيدات.
دقة إصابة صواريخ اس 300 وأماكن تواجد منصاتها من المسائل الهامة التي تسترعي الانتباه، حيث تعتبر منظومة اس 300 الدفاعية منظومة متنقلة يمكنها خلال لحظات تغيير أماكن تموضعها، و في هذا الإطار يشير مسؤول عسكري كبير في الجيش الأمريكي إلى إمكانية خلق هذه المنظومة واقعاً و تحدياً عملياتياً كبيراً في حال إمتلكتها إيران بأعداد كبيرة تمكنت من خلالها تغطية كامل التراب الإيراني و يتابع المسؤول الأمريكي كلامه بقوله "لا أحد يعلم العدد الدقيق لمنصات الصواريخ هذه و التي تعتزم إيران شراءها من روسيا."
و من الجدير ذكره أن منظومة اس 300 ما هي إلا الخطوة الأولى التي ستخطوها الجمهورية الإسلامية الإيرانية على طريق تعزيز قدراتها العسكرية، حيث من المتوقع أن يتزامن تنفيذ الاتفاق النووي و انفتاح طهران على سوق السلاح العالمي مع عقد إيران المزيد من الصفقات العسكرية التي من شأنها تعزيز قدرات طهران العسكرية و مد سلاح الدفاع الجوي الإيراني بمزيد من المنظومات الصاروخية التي ستجعل فرضية شن هجوم جوي عليها أقرب إلى الحلم و الخيال منه إلى الواقع الملموس. حيث يضيف مساعد الرئيس الروسي في تصريحه لوكالة تاس: "عندما سترفع كل العوائق و العقوبات عن إيران سوف نشهد تطوراً جدياً في مجال التعاون العسكري و التقني بين موسكو و طهران، و أنا آمل أن تشهد الفترة المقبلة مشاريع كبيرة للغاية على علاقة بهذا المجال، المصالح الإيرانية كبيرة جداً، إنهم بحاجة إلى تطوير قواهم العسكرية، و عندما نتحدث عن بلد كبير بحجم إيران صاحب جيش كبير بحجم الجيش الإيراني، فإننا يجب أن نتوقع إبرام عقود ضخمة بميليارات الدولارات".
وفي تصريح لقناة الميادين الفضائية قال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان: "نجري حالياً مباحثات مع الجانب الروسي من أجل شراء مقاتلات سوخوي" حيث من المرجح قيام إيران بشراء طائرات سوخوي من الطراز سو 30 اس ام المتطور و المشابهة لتلك التي تمتلكها الهند و ماليزيا و الجزائر و روسيا، كما أنه من المحتمل أن تقوم إيران بشراء طائرات سوخوي سو 30 ام 2 والتي يمتلكها الجيش الروسي حالياً و التي تتمتع بقيمة أقل من الطراز اس ام الشيء الذي يتلائم مع الأوضاع الاقتصادية الإيرانية الحالية.
يذكر أن اس 300 هي منظومة دفاع جوي صاروخية
بعيدة المدى روسية الصنع أنتجت من قبل شركة ألماز للصناعات العلمية، و للمنظومة
عدة إصدارات مختلفة أهمها S300VM،S-300V،S-300PMU .ومن
الخصائص الفريدة لهذه المنظومات؛ تأمين الحماية الذاتية بالإضافة إلى الدفاع
الجوي، حيث باستطاعتها مجابهة جميع أنواع الصواريخ ذات المدى المتوسط الموجودة في
العالم. و تبلغ سرعة صواريخها خمسة أضعاف سرعة الصوت و تستطيع
ضرب الأهداف على مسافة 400 كلم، تُعد صواريخ أس 300 إحدی من أحدث منظومات الدفاع الجوي الصاروخية
البعيدة المدى "أرض -جو"، و هي مصممة للتصدي للطائرات القتالية المهاجمة
و الصواريخ الهجومية الطويلة المدى، مثل صواريخ "كروز" الأميركية، و جرى
تطويرها أيضا لصد هجمات بالصواريخ البالستية.