الوقت- كثيرون من المهاجرين، الذين غادروا الشرق الأوسط أو أفريقيا، وعبروا أوروبا، ثم بحر المانش، قاصدين بريطانيا، يواجهون احتمال ترحيلهم إلى رواندا.
كثيرون من المهاجرين، الذين غادروا الشرق الأوسط أو أفريقيا، وعبروا أوروبا، ثم بحر المانش، قاصدين بريطانيا، لا يتحدثون الإنكليزية، لكن كلمة واحدة فقط تكفي لإثارة خوفهم: "رواندا".
هذه الكلمة، التي تهدد وجودهم، بعد أن أبرمت حكومة رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، في 13 نيسان/أبريل الماضي، اتفاقاً مع رواندا يقضي بترحيل المهاجرين الذين دخلوا بصورة غير قانونية إلى الأراضي البريطانية، أيّاً تكن نقطة انطلاقهم، وحتى قبل فحص طلبات لجوئهم.
ويُقدَّر أن عام 2022 شهد عبور أكثر من 45 ألف مهاجر بحر المانش في قوارب هشة، وهو رقم قياسي. وتهدف سياسة الحكومة البريطانية، المثيرة للجدل، إلى ردع المهاجرين عن عبور بحر المانش.
ويتخوّف المهاجرون، الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة بصورة غير قانونية، وبعضهم كان مختبئاً في شاحنات وآخرون في قوارب، من احتمال ترحيلهم إلى رواندا، في سياق مشروع "مرعب" يثير قلقهم، لكن هذا المشروع لن يحقق هدفه، وهو ثنيهم عن التوجه إلى بريطانيا، على حد قولهم.
وفي 19 من كانون الأول/ديسمبر الحالي، أعطى القضاء البريطاني الضوء الأخضر لترحيل طالبي لجوء، وصلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير قانونية، إلى رواندا.
نحو رواندا
الخطة مدتها 5 أعوام، وتقضي بترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا نحو رواندا، وهناك يمكن أن يقدموا ملفات تتضمّن طلبات اللجوء من أجل البقاء في ذلك البلد.
وفي حال حصل طالب اللجوء على الموافقة، سيكون له الحق في البقاء في رواندا. وإذا تم رفض ملفه، فيمكنه طلب الإقامة في بلد آخر، أو البحث عن وجهة آمنة أخرى.
وتقول الحكومة البريطانية إنها ستطبّق هذه الخطة على الأشخاص "الذين يصلون بطريقة غير قانونية" إلى البلاد، وتقصد بصورة أساسية أولئك الذين يصلون عبر القوارب الصغيرة ويعبرون القناة المائية بين فرنسا وبريطانيا.
ولن يتم ترحيل الجميع، ذلك بأن الأشخاص غير البالغين، أو الأطفال، أو النساء رفقة أطفالهن، سيتم استثناؤهم من هذه الخطة الموجَّهة في الأساس إلى الأشخاص البالغين، والذين يصلون بمفردهم إلى بريطانيا.
وكان من المقرر أن تغادر أول رحلة تقل طالبي لجوء إلى رواندا في منتصف حزيران/يونيو، لكنّها أُلغيت بسبب الطعون القضائية المرفوعة ضد الخطة، إذ كان من المقرر نقل 7 أشخاص، لكنّ الرحلة أُلغيت بعد قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وعقب ذلك، وصفت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، بريتي باتل، قرار المحكمة الأوروبية بأنه "مُخزٍ للغاية"، وتمّ اتخاذه بطريقة "مبهَمة".
رواندا.. المجهول بين الأمان والإبادة
يرى المهاجرون أن تنفيذ خطط بريطانيا بشأن ترحيلهم سيكون أمراً فظيعاً، وفي منزلة البدء من الصفر، مشيرين إلى أن "رواندا ليست مكاناً آمناً، وحدثت إبادة جماعية في هذا البلد!".
وانتقدت الأمم المتحدة استراتيجية بريطانيا، وندّدت بخطر حدوث "ضرر كبير لا يمكن إصلاحه بحق المهاجرين"، بينما عبّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن معارضتها أيضاً تنفيذ مثل هذا المشروع.
وأطلقت جمعيات خيرية ومحامون يمثلون طالبي اللجوء سلسلة من الطعون القانونية ضد هذه السياسة. ويشكّك المنتقدون لهذه اسياسة فيما إذا كانت رواندا وجهة "آمنة"، ويذهبون إلى القول إن الخطة تنتهك الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان.
وفي مواجهة الانتقادات، تصرّ الحكومة على أن هناك طرقاً آمنة وقانونية للمهاجرين.
لكن في إحدى اللجان البرلمانية، واجهت وزيرة الداخلية اليمينية المتطرفة، سويلا برافرمان، صعوبة في الرد على نائب في مجلس العموم، سألها: "كيف يمكن لطفلة يتيمة، تبلغ من العمر 16 عاماً، وتريد الهرب من الحرب في دولة في شرقي أفريقيا، أن تصل بصورة قانونية إلى المملكة المتحدة".
وتشدد وزارة الداخلية على مسألة لم شمل العائلات بين هذه "الطرق الآمنة". لكن رد المهاجرين يأتي بالإجماع: "لم يكن في إمكانهم الوصول إلى المملكة المتحدة بصورة قانونية".