الوقت- بصرف النظر عن تداعيات سيطرة اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني على الأوضاع الداخلية للإسرائيليين والفلسطينيين في الأراضي المحتلة والتوترات المتزايدة التي نشأت بين الصهاينة خلال الأسابيع الماضية ، فإن أحد الأسباب الرئيسية لقلق الأوساط الإسرائيلية مرتبط بتأثير سياسات الحكومة المتطرفة لهذا الكيان برئاسة "بنيامين" نتنياهو "على علاقات إسرائيل مع الحكومة وخاصة مع اليهود الأمريكيين.
وفي هذا السياق ، كتب الكاتب والمحلل الصهيوني "عاموس هارئیل" في مقال في صحيفة "هآرتس": "الصدمة والمفاجأة مختلطة بالقلق". هذا هو موقف واشنطن من نتائج الانتخابات الإسرائيلية وشكل حكومتها الجديدة. تدخلت الحكومة الأمريكية بشكل استثنائي في تشكيل الحكومة الإسرائيلية ووضعت خطاً أحمر ورفضاً مهذباً لنتنياهو بشأن تسليم الملف العسكري الإسرائيلي إلى زعيم حزب "الصهيونية الدينية" المتطرف (بتسلئيل سموتريتش)، لكن الأمر أصبح واضحاً الآن حتى للاميركيين انفسهم، ولا يُعرف ما اذا كان هذا انذارا حقيقيا ام لا.
وأضاف هذا الخبير الصهيوني: الآن لواشنطن أجواء مختلفة، حيث على الجبهة الداخلية تنفس الديمقراطيون الأمريكيون الصعداء في انتخابات التجديد النصفي الشهر الماضي، بينما حقق الحزب الجمهوري فوزًا واحدًا فقط مقصورًا على مجلس النواب، لذا فإن الحكومة الأمريكية الحالية، وبعد انخفاض التحديات الداخلية، يمكنها التعامل مع البرامج الرئيسية في مجال السياسة الخارجية، والتي تشمل المنافسة مع الصين، وأزمة المناخ، والمواجهة مع روسيا في حرب أوكرانيا، لكن في غضون ذلك، يبدو الشرق الأوسط بعيداً كل البعد عن أولويات الأجندة الأمريكية.
وفقًا لهذه المذكرة ، في الوقت الحالي في إسرائيل ، على الرغم من أن بنيامين نتنياهو معروف أكثر لدى الأمريكيين وأنهم يعرفون بعضهم البعض منذ أربعة عقود ، لا تزال هناك أسئلة حول مدى تعقيد النسخة الجديدة لنتنياهو وحكومته بالنسبة للأمريكيين.
الأسئلة التي تُطرح في هذا السياق في القدس تُسمع أيضًا في واشنطن ، مثل، لماذا وضع نتنياهو السلطة في أيدي متطرفين مثل إتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش؟ ألا يوجد أمام نتنياهو خيار آخر يعتمد عليهم لوقف الإجراءات القانونية ضده؟ أيضا ، هل نتنياهو يعول عمدا على إثارة الفوضى في الضفة ، أم إنه يعتقد أنه قادر على السيطرة على الوضع بالكامل؟
وتابع عاموس هارئیل: قال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين هذا الأسبوع في مؤتمر اللوبي اليهودي إن الحكومة الأمريكية لا تشكل علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة وفق الشخصيات التي تعمل فيها ، لكن ستقوم هذه العلاقات على أفعال و سياسات مجلس الوزراء. لكن يبدو أن كثيرين في الحكومة الأمريكية عبروا عن استغرابهم من التطبيع السريع لأفعال إيتمار بن غفير ، وهو من بقايا حركة كاخ (الإرهابية) ويعتبر شخصية متطرفة وعنصرية في إسرائيل ، وهذا السؤال له أثر كبير، هل قرر نتنياهو حقاً مساعدة بن غفير في الوصول إلى السلطة؟
وحسب هذا التقرير ، فإن منطقة التوتر المحتمل بين الحكومة الأمريكية وحكومة نتنياهو تتعلق بطلبات بتسلئيل سموتريتش إلى بنيامين نتنياهو. قدم سموتريتش وحلفاؤه مطالب قد تكون مقلقة للأمريكيين. من جهة أخرى ، سيتخذ إيتمار بن غفير قرارات خطيرة بشأن المسجد الأقصى ، من بينها قلق الحكومة الأمريكية من جهود المستوطنين الإسرائيليين وأحزاب اليمين المتطرف لتوسيع المستوطنات وإضفاء الشرعية على أكثر من 70 عملية بناء استيطانية، إضافة إلى العنف ضد المباني والمنشآت الفلسطينية في الضفة الغربية.
قال المحلل الصهيوني المذكور: لكن الحكومة الأمريكية لا تريد أن يعهد نتنياهو إلى سموتريتش بوظيفة تنسيق شؤون الحكومة في الضفة الغربية ، أي إن الأمريكيين يريدون لمنسق شؤون الحكومة في الضفة الغربية أن يكون هو من يساعد على تهدئة الوضع.
هذا الأسبوع ، قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد ، هيرتز هاليفي ، بزيارة واشنطن والتقى بنظيره الأمريكي الجنرال مارك ميلي. في السنوات الأخيرة ، تعززت العلاقات بين الجيشين الإسرائيلي والأمريكي مع تحسن العلاقات بين أجهزة المخابرات في الجانبين ، لكن الآن هناك مخاوف من تطورات غير متوقعة ، وخاصة في المجال الفلسطيني.
وأشار كذلك إلى قلق الصهاينة من تقدم المشروع النووي الإيراني وأعلن: "عميت ساعر" رئيس فرع الأبحاث بالجيش في مؤتمر عقد هذا الأسبوع أن ؛ مشروع إيران النووي أكثر تقدما من أي وقت مضى. وحاليًا حققت طهران المرحلة الأكثر تعقيدًا في هذا المشروع ، وهو تخصيب اليورانيوم بنسبة 90٪ ، وليس لديهم أي مشاكل فنية في هذا المجال.
وشدد حريل ، نقلاً عن رئيس فرع الأبحاث في جيش الكيان الصهيوني ، على أن إسرائيل ستتعرض العام المقبل لتهديدات خطيرة في مختلف المجالات ، وأهمها إيران والضفة الغربية ، ولا سيما أن تقارير الوضع حول الضفة الغربية من قبل فرع المخابرات العسكرية للجيش مخيبة للآمال للغاية. جماعة "عرين الأسود"، التي نشطت في نابلس قبل اشهر قليلة ، هي في حد ذاتها علامة على احداث مستقبلية، حيث نرى الآن الجيل الجديد من الفلسطينيين قد تجاوز كل الحركات الفلسطينية السابقة (منظمات الحكم الذاتي، إلخ).
وتابع هذا الخبير الصهيوني إن عميت ساعر قلق من تجمع مئات الشبان الفلسطينيين في الشوارع لرشق سيارات جنود الاحتلال بالحجارة، يقول ساعر: أفهم كم يغضب الإنسان، لفعل مثل هذا الشيء.
ارتفاع نسبة الهروب من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي بعد وصول اليمين المتطرف إلى السلطة
في المقابل ، أفادت مصادر عبرية بأنه مع وصول الأحزاب اليمينية إلى السلطة ونفوذها في الجيش ، يتزايد عدد الشباب الذين يفرون من الجيش ويخشون الانضمام إلى القوات المسلحة.
وفي هذا السياق ، قال الكاتب الصهيوني أورين زيف: إن التغييرات التي سيشهدها المجتمع الإسرائيلي في المرحلة الجديدة تأتي لأن إتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش سيقودان السياسات الأمنية والعسكرية ، وهذا يعني تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء للإسرائيليين .
وقال "عيران فاردي" منسق التنظيم المعروف بـ "الأحمر" في الأراضي المحتلة: "بعد الانتخابات أجرينا العديد من الاستفسارات وكالعادة اضطر عدد من الشباب إلى الاستعداد للخدمة العسكرية ، لكن الجديد هو أن آباءهم وأمهاتهم قلقون الآن ويقولون لا نعرف ماذا سيفعل أبناؤنا بناء على أوامر بن غفير وسموتريتش.
وأضاف: آباء الشباب الذين هم على وشك دخول الجيش يقولون إنهم غير مستعدين لانضمام أبنائهم للجيش مع وجود بن غفير وسموتريتش ، لذلك قد نصل في النهاية إلى ظاهرة الرفض الجماعي للجيش وزيادة عدد الرافضين للخدمة العسكرية والالتحاق بالجيش ، ويرفضون الاستمرار في الخدمة حتى لو أدى ذلك إلى ذهابهم إلى السجن.
بدوره ، أعلن يشاي مينوهين ، عضو الجماعة المعروفة بـ "هناك حدود" في فلسطين المحتلة: "منذ الحرب الأولى مع لبنان عام 1982 ، نشهد الآن موجة كبيرة من الهروب بين الإسرائيليين بعد الانتخابات الأخيرة. كما نرى أن آباء هؤلاء يرفضون بشدة وجود أبنائهم في الجيش. لأن السياسة التي انتهجها بن غفير وسموتريتش تسببت في خوف الإسرائيليين.
وتابع: بن غفير وسموتريتش يريدان أن يصبح الجنود قوة قمعية وبعبارة أخرى أن يدخلوا دوامة الواقع العنيف. ونتيجة الانتخابات الأخيرة يتطلب الأمر منا خرق القواعد، لذا يجب ألا نعتبر سياسات الحكومة الجديدة شرعية ونرفض الخدمة في الجيش ولا نقع فريسة للعبة السياسية العنيفة التي فرضتها علينا الانتخابات الأخيرة.
وأضاف هذا المسؤول الصهيوني: اللعبة السياسية التي فرضتها علينا الانتخابات الأخيرة تشمل حكمًا وحشيًا على الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الأبد ، وأعضاء هذه الحكومة يريدون جعل حياتنا مريرة بتشكيل تحالف من المجرمين والفاشيين. إننا نشهد تحالفًا غبيًا يعتبر الفلسطينيين عدوًا أبديًا ، وخاصة أننا شهدنا في الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في الهجمات الإرهابية وعمليات القتل والعمليات العنيفة ضد الفلسطينيين من قبل الجيش والحكومة الحالية.
وحسب المراقبين ، فإن هذه المعلومات تظهر أن المجتمع الصهيوني ينقسم إلى قسمين بموجب سياسات الحكومة الجديدة ، وهذا بالطبع ليس بسبب تعاطف مجموعة من الإسرائيليين مع الفلسطينيين ، ولكن لأن هؤلاء الإسرائيليين قلقون بشأن المواقف المتطرفة والعنصرية لأعضاء الحكومة، لأنها جديدة على حياتهم ويعتقدون أن الوزراء المستقبليين في هذا الكيان يعتزمون فرض هوية جديدة على الإسرائيليين. ووفق الإعلام الصهيوني فإن حرب إسرائيل القادمة ستكون باسم نتنياهو.
