الوقت- جاءت نتائج الانتخابات التشريعية في الأراضي المحتلة كما تنبأت استطلاعات الرأي، حيث تمكنت الأحزاب اليمينية المتطرفة من الحصول على أكثر من نصف مقاعد البرلمان البالغ عددها 120 مقعدًا.
وبناءً على فرز الأصوات، حصل حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأسبق للکيان الصهيوني، على 31 مقعدًا، أي أکثر من الأحزاب الأخرى.
وحصل حزب "عوتسما يهوديت"(قوة يهودية) بزعامة إيتمار بن غفير على 14 مقعداً، وحزب الشاس بزعامة أرييه درعي 12 مقعداً، وحزب يهدوت هتوراة بزعامة موشيه غفني بثمانية مقاعد. وهکذا، فقد حصل الليكود والأحزاب المتحالفة معه على 65 مقعدًا، ويمكنه تشكيل الحكومة الجديدة.
هناك حاجة إلى 61 مقعدًا لتشكيل الحكومة، ولن يجد نتنياهو وحلفاؤه صعوبةً في تشكيل الحكومة إذا بقيت النتائج النهائية على ما هي عليه. من جهة أخرى، نجح الفصيل اليساري والمعتدل بقيادة يائير لبيد رئيس وزراء الکيان الصهيوني الحالي، في الفوز بخمسين مقعدًا فقط. وإضافة إلى الفصيلين الحاليين، تمكنت الأحزاب العربية الأخرى الحاضرة في هذه الانتخابات، من تخصيص 5 مقاعد في الكنيست إجمالاً.
بلغ عدد المشاركين في هذه الانتخابات 66.3٪، أي بزيادة قدرها 5.4٪ مقارنةً بالدورة السابقة، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ عام 1999. ويبدو أن دعاية قادة الأحزاب المتطرفة كانت فعالةً في إقناع الصهاينة بالتصويت، وتمكنوا من جلب الرأي العام معهم.
نتنياهو، الذي خرج من السلطة لمدة 17 شهرًا، يجد نفسه الآن على وشك أن يصبح رئيسًا للوزراء مرةً أخرى. وعلى الأرجح، بمساعدة أحزاب اليمين المتطرف، سيشكل الحكومة التي يريدها في الأسابيع المقبلة.
نتنياهو الذي شغل سابقًا منصب رئيس وزراء الكيان الصهيوني من عام 1996 إلى عام 1999 ومن عام 2008 إلى عام 2021، يستعدّ هذه المرة لولاية أخرى مدتها أربع سنوات.
وبعد أن تورط نتنياهو في قضايا فساد على مدى السنوات الثلاث الماضية، وكان هناك احتمال لسجنه، يسعى لاستعادة السلطة والهروب من محاكمة الفساد الجارية من خلال توليه رئاسة الوزراء مرةً أخرى.
يؤيد نتنياهو (73 عاماً) بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة منذ حرب عام 1967 في الشرق الأوسط، وتعتبر المستوطنات في هذه المناطق غير قانونية بموجب القانون الدولي، رغم أن الکيان الإسرائيلي لا يقبل ذلك.
حكومة تل أبيب الأكثر تطرفاً
وفقًا لنتائج هذه الجولة الانتخابية، ستكون الحكومة القادمة هي الحكومة الأكثر تطرفاً في العقدين الماضيين، وهذا سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في الأراضي المحتلة، مع الأخذ بعين الاعتبار توجهات ومواقف قادة الأحزاب اليمينية. وكما قال الفلسطينيون، فإن صعود الأحزاب المتطرفة يشير إلى تنامي العنصرية في الأراضي المحتلة.
تضم قائمة حلفاء الليكود أشخاصًا مثل إيتمار بن غفير، الذي أدين سابقًا بالتحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية. بن غفير الذي أحدث ضجةً كبيرةً في المسيرات المثيرة للجدل للمستوطنين الصهاينة في القدس المحتلة، يريد مواجهةً جديةً مع الفلسطينيين وقتلهم جميعًا، من أجل ضمان أمن الکيان في الأراضي المحتلة.
ويعتقد بعض الخبراء الصهاينة أن إيتمار بن غفير من المحتمل أن يصبح وزيراً للأمن العام، وقد أعرب هو نفسه عن اهتمامه بهذا المنصب الوزاري.
وفي العام الماضي، خلال الاشتباكات في منطقة الشيخ جراح، كان بن غفير من بين الجنود الصهاينة وأطلق النار على الفلسطينيين، حتى أنه دعا إلى طرد السياسيين العرب من المشهد السياسي الإسرائيلي، وسياساته المتطرفة أثارت السلطات الإسرائيلية التي تعتبر هذه التصرفات استفزازاً للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وكتب بن غفير على تويتر بعد أن اتضحت نتائج انتخابات الكنيست إلى حد كبير: "حان الوقت لتشكيل حكومة يمينية كاملة. حان الوقت أن نعود أسياد بلدنا."
يترتب على مثل هذه التصريحات أن وجوده في مجلس الوزراء يكفي لإقرار أي مخططات عنصرية في الأراضي المحتلة. وبسبب المقاعد الـ 14 التي فاز بها حزبه، ولأنه سيكون ثقلاً جيداً في الحكومة، ربما يستسلم نتنياهو لبعض مطالبه من أجل منع انهيار الحكومة والحفاظ على الائتلاف. لأن خصومه يتربصون به لتولي السلطة مرةً أخرى إذا سقطت الحكومة المتطرفة.
وبالنظر إلى أن الأحزاب الأخرى المتحالفة مع الليكود لديها وجهات نظر متطرفة مماثلة لبن غفير، سيتم توفير الأرضية لتغيير بعض القوانين والقيم الاجتماعية.
نتنياهو الذي يسعى لإنهاء قضايا الفساد والاحتيال الخاصة به، قد تكون الخطوة الأولى التي يتخذها هي تغيير هيكل القضاء ومحاولة إضعافه، وحتى إقالة القضاة الذين كانوا حاضرين في ملفاته، ليتمكن بهذه الطريقة من إيقاف إجراءات المحاكمة وتنفيذ خططه الجشعة بأمان.
کما أكد حلفاء نتنياهو أنهم إذا تولوا السلطة، فسوف يبذلون قصارى جهدهم لتولي عملية تعيين القضاة، مع إعطاء البرلمان الإسرائيلي سلطة إلغاء أحكام المحكمة العليا.
وبالنظر إلى أن أحزاب اليمين المتطرف هي من أنصار الاستيطان وضد حل الدولتين في الأراضي المحتلة، فإن تعيين مثل هؤلاء على رأس الحكومة الإسرائيلية سيؤدي إلى تصعيد التوترات مع الفصائل الفلسطينية، وقد يؤدي إلى حرب أخرى في هذه المنطقة.
كما حذرت فصائل المقاومة من أنه لا يهمهم من هم على رأس الحکومة في تل أبيب وهم مستعدون دائمًا للدفاع عن أراضيهم، وفي حال حدوث صراع في المستقبل، فإنهم سيفاجئون الصهاينة ويصدمونهم. وبالنظر إلى الوضع المتوتر في الضفة هذه الأيام، يمكن لهذه المسألة أن تسرع من وقوع الحرب.
وعلى الرغم من أن نتنياهو يأمل في أن يتمكن من تشكيل حكومة متماسكة وقوية بمساعدة أحزاب يمينية متطرفة يمكن أن تستمر لمدة 4 سنوات، إلا أن تجربة الحكومات السابقة تظهر أنه على الرغم من المواقف المشتركة لهذه الأحزاب، إلا أنها تواجه مشاكل في منتصف الطريق ولا يمكنها العمل مع بعضها البعض.
وبما أن خروج حزب صغير سيؤدي إلى انهيار الحكومة، فقد زادت هذه المسألة من المخاوف بشأن الاستقرار السياسي للحكومة المقبلة، وحتى المواطنين وكبار المسؤولين في هذا الکيان ليس لديهم أمل كبير في الخروج من الأزمة السياسية.
بعد الانتخابات، أمام الأحزاب الإسرائيلية ثلاثة أشهر لتشكيل حكومة ائتلافية، وإذا فشلت في ذلك، فسيتعين عليها بدء انتخابات مبكرة أخرى في عام 2023.
وهي الانتخابات التي، بصرف النظر عن فرض تكاليف باهظة على هذا الکيان، ستؤدي إلى تعب متزايد لدى المواطنين الإسرائيليين من استمرار المأزق السياسي في الأراضي المحتلة، وانعدام ثقة الرأي العام تجاه المؤسسات السياسية.