الوقت- مع فشل مفاوضات وقف إطلاق النار اليمنية بين حركة أنصار الله والتحالف السعودي وبدء جولة جديدة من الصراعات قبل عدة أيام، تحاول الأمم المتحدة والولايات المتحدة تمديد هذه الاتفاقات مرة أخرى وإنقاذ الرياض وأبو ظبي من عمليات الصواريخ والطائرات المسيرة التي ينفذها أنصار الله. وفي الأيام القليلة الماضية، طلب مندوب الأمم المتحدة في الشؤون اليمنية من أنصار الله الموافقة على وقف إطلاق النار مرة أخرى حتى يتمكن الشعب اليمني من الاستفادة من إنجازات هذه الاتفاقات، ولكن بسبب تراجع المملكة العربية السعودية عن الوفاء بالتزاماتها بموجب وقف إطلاق النار، لم تعد حركة أنصار الله تثق بهذه الاتفاقات.
وقال المتحدث باسم أنصار الله، محمد عبد السلام، مؤخرا، إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى يغير القادة السعوديون مواقفهم مع الشعب اليمني ويوافقون على شروط صنعاء لدفع رواتب الموظفين وإلغاء الحصار البحري والبري والجوي. وقد وجه مسؤولو أنصار الله الآخرون نفس التحذيرات إلى الأمم المتحدة والسعوديين بطرق مختلفة بأنهم لا يقبلون مبادئ وقف إطلاق النار بناءً على اقتراح الأمم المتحدة، وأعربوا أن مثل هذه الاتفاقيات تصب فقط في مصلحة التحالف المعتدي، ويجب إجراء تغييرات جوهرية. لقد تغيرت الظروف هذه المرة تمامًا وأنصار الله ليسوا على استعداد للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار بأي ثمن، وهذا لأن ذلك الاتفاق لم يحقق شيئًا لليمنيين، أي إنهم لن يقبلوا وقف إطلاق النار مجددا، وسوف يستعدون لمواجهات جديدة وجولة جديدة من العمليات داخل أرض المعتدين.
ولقد طلبت القوات المسلحة اليمنية بحزم مرارا في الأيام الماضية من الشركات الأجنبية المتمركزة في السعودية والإمارات مغادرة أرض المعتدين بأسرع ما يمكن، ويبدو أن اليمنيين يستعدون لعملية صاروخية جديدة على أرض العدو. وهو إجراء جعل السلطات السعودية وأبوظبي قلقة للغاية. وعلى الرغم من نفي أنصار الله، إلا أن السعوديين، الذين يخشون استمرار الحرب ويرون أمن منشآتهم النفطية وبنيتهم التحتية في خطر، ما زالوا يحاولون تمديد وقف إطلاق النار وتجنب الهجمات الصاروخية. ولهذا الغرض، ادعى وزير الخارجية السعودي مؤخرًا أن الجهود المبذولة لتمديد وقف إطلاق النار لا تزال مستمرة وأن الرياض والحكومة اليمنية المستقيلة على استعداد لتمديده. ويأتي صراع الرياض لتمديد وقف إطلاق النار في وقت تتوتر فيه العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة بسبب خفض إنتاج النفط في إطار "أوبك +"، وهم قلقون من عودة الحرب في اليمن. لأنهم يعرفون أنه مع هبوط صواريخ أنصار الله في منشآت أرامكو، ستنشأ أزمة جديدة في أسواق الطاقة في العالم، وسيكون الوضع أكثر صعوبة على السعوديين.
يكافح تحالف العدوان والأمم المتحدة والولايات المتحدة من أجل تمديد وقف إطلاق النار في اليمن، بينما خلال فترة توقف القتال التي استمرت ستة أشهر، كان كل شيء يسير لمصلحة التحالف المعتدي ولم يستفد اليمنيون من هذه الاتفاقات. وحسب الاتفاقات المبرمة بوساطة الأمم المتحدة، كان من المفترض إعادة فتح مطار صنعاء لإرسال المرضى إلى الخارج للعلاج، وإلغاء الحصار البحري، وإرسال السفن التي تحمل الوقود والغذاء إلى ميناء الحديدة. لكن السعوديين لم يسمحوا لليمنيين بالاستفادة من إنجازات اتفاق وقف إطلاق النار.
أطفال اليمن يموتون بسبب الادوية الفاسدة
مأساة جديدة في اليمن يتردد صداها وتثير حالة من الغضب والمطالبات بمحاسبة المسؤولين، بعد وفاة 18 طفلاً مصابًا بسرطان الدم في مستشفى الكويت بصنعاء، إثر تزويدهم بدواء منتهي الصلاحية. وأفادت وسائل إعلام يمنية محلية بوفاة 18 طفلاً في أيام متفرقة بعد تزويدهم بدواء منتهى الصلاحية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي في "وحدة علاج السرطان" بمستشفى الكويت، فيما جرى نقل بقية الأطفال إلى أقسام العناية المركزة بمستشفيات صنعاء. مصادر مطلعة قالت، "إن بقية الأطفال الذين شملهم علاج "ميثوتركسيت"، الذي أنتجته شركة هندية، ما يزالون في العناية المركزة التابعة لعدد من مستشفيات صنعاء، بعد أن تم توزيعهم من قبل الجهات الطبية الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء عقب حقنهم بالجرعة وظهور المضاعفات عليهم".
وذكر مصدر طبي، أنه جرى إعطاء "جرعة الدواء داخل مستشفى الكويت يوم السبت 24/ 9 والأحد 25/ 9، وفي اليوم التالي بدأت تظهر على الأطفال أعراض الصداع الشديد والتشنج والغيبوبة". وحسب المصدر "فإنه لا يوجد وكيل رسمي له، وتم شراء تلك الجرعات من إحدى الصيدليات القريبة، بسبب عدم توافرها في الداخل". وأثارت الحادثة حالة من الغضب بين المغردين عبر منصات التواصل، ومطالبات بمحاسبة المسؤولين عن الحادثة. وعبر وسم "كارثة مستشفى الكويت" عبّر يمنيون عن غضبهم من المأساة، واعتبروها "جريمة إبادة جماعية" وطالبوا بمحاسبة المسؤولين عنها، وقالوا إن ما حصل هو تكرار لأخطاء طبية سابقة، غير أن الفارق هو الرقم الكبير للضحايا. وطالب ناشطون أهالي الأطفال الضحايا برفع قضايا أمام المحكمة لمقاضاة المتسببين في الجريمة بحق أطفالهم.
ومن ناحية أخرى، يعاني الكثير من اليمنيين من أمراض مستعصية ويحتاجون إلى مساعدة طبية، لكن استمرار الحصار تسبب في زيادة عدد هؤلاء المرضى كل يوم. وبسبب ثماني سنوات من الهجمات واسعة النطاق من قبل المعتدين، انهارت شبكة الصحة والعلاج في اليمن وندرة الدواء، ولهذا السبب خلق وضع كارثي لليمنيين. وأعلنت وزارة الصحة اليمنية سابقًا أن ما يقرب من 300 ألف شخص بحاجة إلى مساعدة طبية عاجلة ويجب إرسالهم إلى الخارج لتلقي العلاج، ولكن بسبب حصار مطار صنعاء، لم يُسمح إلا لعدد محدود من هؤلاء المرضى بمغادرة البلاد في اليمن.
وفي الختام يمكن القول إنه من خلال تمديد وقف إطلاق النار في اليمن، تحاول الامم المتحدة وأمريكا وقف عمليات أنصار الله ضد المنشآت النفطية والبنية التحتية للإمارات والسعودية. وباعتبار أن الغرب يواجه أزمة طاقة بعد الحرب في أوكرانيا ويحاول منع ارتفاع أسعار النفط في العالم، لذلك لا يعتبرون استمرار الحرب في اليمن فكرة جيدة، ولهذا يحاولون تمديد اتفاق وقف اطلاق النار لبضعة أشهر أخرى، لأن أنصار الله حذرت من أنه في حالة انتهاك وقف إطلاق النار فإنها ستستأنف عملياتها الصاروخية والطائرات المسيرة ضد المعتدين، وإذا تم استهداف المنشآت النفطية في السعودية والإمارات، فإن هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.
وفي الأسابيع الأخيرة، أقامت جماعة أنصار الله أكبر استعراض عسكري لها وكشفت النقاب عن أسلحتها الجديدة لتوجيه رسالة إلى المعتدين مفادها بأنه في حالة انتهاك وقف إطلاق النار واستمرار الحرب، فإن اليمنيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيستخدمون كل قوتهم لمواجهة الأعداء. ورغم أن اليمنيين أوقفوا عملياتهم العسكرية خلال فترة وقف إطلاق النار، إلا أنهم لم يبقوا مكتوفي الأيدي وسيستغلون هذه الفرصة لتقوية وتطوير أسلحتهم، وهذا تحذير كبير لقادة الرياض ليكونوا عقلانيين وبدلاً من إثارة التوتر والقلق، يجب عليهم البحث عن طريقة لإنهاء الحرب. وبإعلان شروطها مع السعوديين، يكون أنصار الله قد أكمل الحجة القائلة بأنه إذا كانوا يريدون حقاً إنهاء الحرب، فمن الأفضل الاستسلام لمطالب اليمنيين والتعويض عن هفواتهم السابقة في إعادة فتح الموانئ والمطارات، لأن استمرار الحرب ستكون له نتائج كارثية بالنسبة للمعتدين، وستخلق الكثير من التحديات الجديدة للسعوديين وداعميهم الغربيين.