الوقت_ تعقد العاصمة السورية دمشق أعمال الاجتماع الخامس السوري - الروسي المشترك لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى بلادهم الاثنين المنصرم في قصر المؤتمرات، ما أعاد ملف اللاجئين السوريين إلى الواجهة بعد أن أجبرتهم ظروف الحرب الظالمة على مغادرة بلادهم، حيث يتطلع اللاجئون السوريون للعودة إلى ديارهم، من خلال مؤتمر كُرس لإيجاد كل السبل لتسهيل عودتهم إلى وطنهم، رغم كل المحاولات الهدامة من بعض الدول المستفيدة من هذا الملف لإفشاله، وذلك في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا وبالأخص من الناحية الاقتصاديّة، نتيجة العقوبات الأمريكيّة والغربيّة.
بالتزامن مع الظروف العصيبة التي تعيشها سوريا، إنّ الهدف الأساس من “المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين” هو الملف الإنسانيّ، وذلك بعد أكثر من 11 عاماً من الأحداث التي عصفت بسوريا في عام 2011، بالتزامن مع أوضاع معيشيّة واقتصاديّة مأساويّة لا يمكن وصفها إلا بـ "حرب لقمة العيش" يعيشها الشعب السوريّ المقاوم للإرهاب بكل أشكاله وانواعه ويتحدى الإرهاب الأمريكيّ في البلاد وفي المحافل الدوليّة، وقد ذكرت قناة "روسيا اليوم" أن اليوم الأول من الاجتماع تضمن لقاءات للجانبين السوري والروسي في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والمالية والنفط والكهرباء والزراعة، بجانب فعاليات ونشاطات تقام في عدد من المحافظات، يتخللها توزيع مساعدات ومعدات روسية لبعض المؤسسات السورية.
وتشير الأنباء إلى أن الاجتماع سيعقد على مدار 4 أيام تتخلله جلسة مشتركة للهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين السورية والروسية، بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الأخرى، حيث يُعد ملف اللاجئين السوريين من الملفات المهمة والحساسة التي اشتغل عليها الأتراك والأمريكيون إضافة لبعض الأطراف الاستخباراتيّة من خلال نصب أعين الاستغلاليين تحت وطأة السياسة، وتسويقها على منهج مصالحهم الدمويّة ليستفيدوا منها سياسيّاً وعسكريّاً بغلاف إنسانيّ كاذب، رغم أنّ سوريا لم تتجاهل أبداً هذا الملف الذي يعنيها أكثر من أي أحد، في ظل حملة إعلاميّة مسعورة تروج فيديوهات مسيئة كان قد تم تسويقها عن طريق الغرف السوداء لتضليل الحقائق المتباينة في هذا الملف، حتى أصبح له عدة أوجه منها الابتزاز والتزوير.
وكانت هاتان اللجنتان عقدتا في يونيو الفائت اجتماعهما الرابع لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين، فيما قدمت الحكومة السورية التسهيلات والضمانات لعودة الآلاف من اللاجئين، لكن الولايات المتحدة والدول الغربية قامت باستغلال هذا الملف لتحقيق مصالحها تماماً كما فعلت تركيا التي خلقت نظاماً استغلاليّاً في الداخل التركيّ لضرب أيّ رابطة تتعلق بهذا الملف، لتستفيد منه كورقة ضغط سياسيّة ودعاية انتخابيّة، كان الخاسر الأول والأخير فيهما اللاجئون المتعبون هنا وهناك، بعد أن تحملوا الكثير من المآسي في واحدة من أشد الحروب الدمويّة التي مرت في تاريخ البلاد.
وبهذا الخصوص، إن موقف الرئيس السوريّ، بشار الأسد، واضح بشأن أسباب اللجوء وأمور متعلقة بعدة جوانب منها الإرهاب الذي أجبرهم على النزوح، إضافة إلى العقوبات والحصار الاقتصاديّ وطرح آراء جديدة على الرغم من الضغوط الفاشلة التي مارستها بعض الدول، وقد تضمنت البيانات الختاميّة السابقة التأكيد على الدعم الثابت لسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية ومواجهة كل المحاولات الرامية لتقويض سيادتها وسلامة أراضيها، والحزم في مكافحة الإرهاب في جميع بؤره والقضاء عليه بشكل كامل، والتشديد على أن حل الأزمة السورية هو سوريٌّ - سوريٌّ دون تدخلات خارجيّة، وأعربت الدول المشاركة آنذاك عن قلقها الكبير من ناحية الوضع الإنسانيّ وانتشار الأمراض، فضلاً عن رفض جميع العقوبات أحادية الجانب على دمشق، والدعوة لدفع المجتمع الدوليّ للعمل على رفعها.
ختاماً، يستمر نزيف جراح السوريين منذ سنوات طويلة في الداخل والخارج، في ظل واقع معيشيّ لا تصفه الكلمات بعد أن ساهمت بعض الدول العربيّة والغربيّة بإضافة إلى واشنطن وتل أبيب –رأس كل فتنة- في تدويل الأزمة وتشريد السوريين وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، فيما لا يرضي هذا المؤتمر بأكثر من اتجاه أعداء هذا البلد المنهك من الحرب، لأن سوريا حصدت النصر وهم حصدوا الهزيمة، فيما يجسد أيضاً انتصاراً أخر يصطف الى جانب انتصارات الجيش العربي السوريّ، بدعم من الحلفاء وعلى وجه التحديد "محور المقاومة"، كما أن الجميع يدرك أنه لا يمكن معالجة قضية اللاجئين السوريين إلا عبر إعطائهم الحق في العودة إلى ديارهم وتسهيل ذلك دون أيّ استغلال بشع، ودعم الحكومة السورية التي تملك القدرة على حمايتهم لتحقيق مطالب النازحين بالعودة، كما يجب على المجتمع الدوليّ دعم ومساعدة هذه القضية الحساسة بكل ما أوتيّ من قوة، ليتخلص ملايين السوريين من معاناة لحظيّة يعيشونها خارج وطنهم وبعيداً عن أهلهم.
أيضاً، لا ترغب الدول التي حاربت سوريا لأكثر من عقد ودمرتها عن بكرة أبيها بالاعتراف بهزيمتها هناك، رغم كل ما يعانيه الشعب السوريّ الرازح تحت خط الفقر في الداخل والذي يعيش جله على حدود الدول في الخارج، بالتزامن مع موقف رسميّ سوريّ واضح من تلك القضية، فالحكومة السورية أزالت كل العوائق أمام العائدين، كما قدمت جميع التسهيلات، وهذا ما أكده وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خلال أحد اللقاءات، لكن تدفق المساعدات الدولية على النازحين، لا يهدف بالفعل إلى دعمهم بل إلى حثهم على عدم الاستجابة لكل المبادرات الرامية إلى عودة اللاجئين إلى بلادهم قبل عقد تسويةٍ سياسيةٍ في المنطقة، فيما يجب على بعض الدول أن تأخذ دورها المطلوب لإنقاذ سوريا والنازحين من الأخطار المحدقة.